يعتبر المختصون في الصحة أن أغلب الأمراض المزمنة التي نراها في الوقت الحالي تعود إلى عدم الاعتدال في تناول الأغذية لاسيما الملح والسكر، وصنفا أنهما سببان رئيسيان في الإصابة بأغلب الأمراض في حال الإفراط في تناولهما وعدم احترام المعايير المضبوطة في ذلك، وبتنا نشاهد اليوم الإدمان الكبير للبعض على تناول الأطعمة المالحة، والأميركيون خصوصا يحبون الملح لدرجة أن إدارة الرقابة على الغذاء والدواء في الولاياتالمتحدة تفكر في الحد من كمية الصوديوم في الأغذية المعلبة. ومن المؤكد أن تخفيض كمية الصوديوم الموجودة في الملح ضمن الأطعمة سيكون له أثر مهم على صحة السكان، إذ يستهلك المواطن الأميركي العادي الصوديوم بنحو 50 في المائة أكثر مما يوصي به الخبراء، يأتي معظمها من الأغذية المصنعة. ورغم أنه يضيف النكهة، ويساعد في المحافظة على المواد الغذائية، إلا أن الصوديوم الموجود في الملح يتسبب في ارتفاع ضغط الدم، ويزيد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية، ومشاكل صحية أخرى. ويشار إلى أن الصوديوم هو أحد مكونات ملح الطعام، غير أنه يوجد في مواد غذائية أخرى. وفي دراسة حديثة توصل العلماء إلى أن خفض ملح الطعام يقلل الذبحات وأمراض القلب لذلك وجب ضبط غذائنا، ولكن السؤال المطروح هل يمكن التعامل مع تخفيض مفاجئ للملح؟ لا يبدو، إذ أن المكلفين بضبط معايير الغذاء والدواء لن يقللوا من الصوديوم في الأطعمة بشكل كبير، لكنهم سيفعلوا ذلك تدريجيا، وذلك لأن الناس لا يمكنهم تحمل اختلاف نكهة الطعام بشكل سريع. ويقول الخبراء إن الأمريكيين باتوا معتادين على مستويات عالية من الصوديوم والملح المضاف إلى الطعام، وإن السبيل الوحيد للإقلاع عن هذه العادة قد تكون في التعود التدريجي على تقليل استهلاكهما. وتقول اختصاصية التغذية جيني غازانيغا مولو (عندما نتوقف عن استخدام الملح فجأة، فسيكون هناك فرق كبير في طعم الأغذية.. وبالنسبة لمعظم الناس، فالطعم هو أهم سبب لتناول وجبة ما.. وإذا كان خفض الصوديوم بشكل مفاجئ جدا، فلن يأكلوا الطعام). ولكن كيف نعرف إن كنا مدمنين على تناول الملح؟ فإلى جانب الحلو والحامض والمر، فالملح هو واحد من النكهات الأساسية التي يتعود عليها اللسان عند الإنسان. وكما أن بعض الناس لديهم رغبة في تناول الحلو، فإن البعض الآخر يسعون للطعام للمالح أكثر من غيرهم.إلا أنه رغم ذلك، فإن الخبراء لا يزالون يسعون إلى فك العوامل التي تؤثر على شهية الفرد للطعام المالح. ويبدو أن بعض تلك العوامل بيولوجيي، إذ تشير الدراسات، على سبيل المثال، إلى أن الأطفال الذين كانت أمهاتهم يعانين من الغثيان الصباحي وهن يحملنهم، يميلون إلى أن تناول الملح أكثر من غيرهم، لأن القيء يستنزف مستويات الصوديوم في الجسم وعن الجنين. وأشارت دراسات أخرى غير حاسمة إلى أن تفضيل الأفراد للأطعمة المالحة له صلة مباشرة بالإجهاد، والقلق، أو حتى السمات الشخصية.