هكذا يخطط (البروتستانت) لتنصير العالم الإسلامي * كولورادو.. من هنا بدأ الاجتياح تواصل (أخبار اليوم) عبر هذا الملف الخاص كشف تفاصيل وأسرار تعرف لأول مرة عن العالم الغامض للتنصير في الجزائر، وكل ما يحاك به من أهداف دنيئة تراد بهذا المجتمع المسلم والتي عجز الاستعمار عن تحقيقها خلال القرن الماضي، ولقد أشهدنا الشاهد (محمد عباش) العائد من الظلمات إلى النور في فهم خطط الأعداء وأساليبهم في جر الجزائريين إلى مستنقع النصرانية المزيفة. إن وجود الحركات التنصيرية ونشاطها في الجزائر ليس وليد اليوم وإنما يعود إلى سنوات مضت، حيث ظهرت المحاولات التنصيرية الموجهة والمخطط لها مسبقا خلال الحقبة الاستعمارية التي سعت فيها فرنسا جاهدة من أجل إخراج الشعب الجزائري عن دينه ووضعه تحت سيطرتها بعدما عرفت الخطر الذي يشكله الإسلام على وجودها الاستعماري، واستمر النشاط التنصيري بعد الاستقلال فأخذ عدد الكنائس يتزايد في هدوء تام بعدما تم تقليص عددها بتحويل الكثير منها إلى مساجد بعد رحيل الاستعمار. وإذا كانت فرنسا قد حلمت بإحياء أمجاد الكنيسة الإفريقية انطلاقا من الجزائر وفشلت في ذلك فإن نشاط المنصرين اليوم والذي تديره جهات خارجية دون شك يهدف إلى تنصير العالم الإسلامي وإثارة النعرات الطائفية بين الإخوان في دولة واحدة، وبالرغم من خطورته على الاستقرار والوحدة والوطنية فإن النشاط التنصيري مستمر في السر والعلن وعدد الكنائس يزداد يوما بعد يوم لاسيما مع غياب الإجراءات الردعية ضد هؤلاء ربما لاعتبارات دولية، فكل ما قامت به الدولة هو سن قانون 2006 الذي ينظم ممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين وهو الآخر غير مطبق في الواقع، ومع أن المنصرين في الجزائر وفي بلدان العالم الإسلامي اليوم ينشطون وفق مخطط مدروس ومنظم ومحدد المعالم والأهداف من خلال النتائج التي خرج بها مؤتمر كولورادو قبل حوالي 37 سنة إلا أننا لا نجد استراتيجيات منظمة لرد هذه الهجمة الصليبية من قبل المسلمين، ففي الجزائر مثلا وجد المنصرون الساحة خالية للنشاط بكل حرية ما عدا بعض المحاولات الفردية للتعريف بانحرافات العقيدة النصرانية وبأخطار التنصير وهي في مجملها لا تصل للأسف إلى مستوى نشاط المنصرّين. إحياء أمجاد الكنيسة الإفريقية انطلاقا من الجزائر يعود وجود الحركات التنصيرية ونشاطها في الجزائر إلى الحقبة الاستعمارية أين كانت فرنسا تحاول جاهدة وبكل الوسائل إخراج الجزائريين من دينهم حتى تسهل السيطرة عليهم، فكانت لها بذلك عشرات المحاولات كانت أشهرها الحملة التنصيرية التي قادها لافيجري والذي تسلم مهمته أواخر عام 1866، وبحلول عام 1867 حلت النكبات على الجزائر فمن زلزال البليدة إلى هجوم الجراد على سهل متيجة والمناطق المجاورة له ثم الجفاف ووباء الكوليرا والتيفيس، فانتشر الجياع في البلاد يقتاتون على الجذور والأعشاب، وبلغ الأمر درجة التقاتل على مزابل المستوطنين الفرنسيين في المدن، وتحوّل الناس إلى شبه هياكل عظمية تمشي فوق الأرض، حتى أن الجائع كان يعتدي على الفرنسيين ليس بنية الاعتداء وإنما لأجل أن يساق إلى السجن ليأكل هناك فيضمن قوته بصفة منتظمة، فكانت الأجواء بذلك ملائمة للانطلاق في عملية التنصير، وهنا ظهر (لافيجري) الذي قرر أن يلعب دوراً لصالح الصليب بعد أن قام بدوره القذر في المشرق وبالضبط في تمويل نصارى الشام وتغذية الحرب الطائفية هناك، وقد اكتسب خبرة كبيرة في إشعال النعرات الطائفية والعنصرية، وكان واضحاً في ذهنه أنه قادم إلى الجزائر لإحياء الكنيسة الإفريقية وأمجاد الكنيسة الرومانية الاستعمارية، وقد صرح بذلك في رسالته التي وجهها إلى رهبان الجزائر يوم 5 ماي 1867م والتي جاء فيها: سآتيكم إخواني في ساعة مشهورة لتاريخ إفريقيا المسيحية، إن الكنيسة وفرنسا متحدتان على إحياء الماضي. بذل لافيجري جهوداً جبارة في تنصير الأطفال الجياع، إلا أن الأطفال كانوا بمجرد شفائهم أو حصولهم على القوت يفرون من المراكز التنصيرية، فقام في نوفمبر 1868م بشراء أراضٍ واسعة بالعطاف بسهل شلف وأسس بها قريتين فلاحيتين هما: قرية القديس سبريان والقديس مونيك وكان الهدف من إنشاء القريتين عزل الجزائريين الذين تنصروا خوفاً من عودتهم إلى أهاليهم فيعودون إلى الإسلام، ثم قام بإنشاء فرقة خطيرة كان لها دور أسود في تاريخ الجزائر هي فرقة الآباء البيض سنة 1869م وهذه الفرقة هي التي ستأخذ على عاتقها مهمة تنصير الجزائر أولاً، ثم تونس والمغرب ثانياً، ثم إفريقيا أخيراً، وإعادة أمجاد الكنيسة الإفريقية، وبالموازاة أسس حركة الأخوات البيض التي حملها مسؤولية تنصير النساء عن طريق التطبيب والتعليم والخدمات الخيرية، غير أن فرنسا ورغم محاولاتها المريرة لم تنجح في تحقيق أهدافها في استعادة أمجاد الكنيسة الإفريقية انطلاقا من الجزائر رغم نجاحها ربما في تنصير عدد من الجزائريين، ليستلم المشعل جيل آخر يبذل كل ما في وسعه ليخرج المسلم عن دينه دون أن يشترط اعتناقه للنصرانية لأن الهدف ليس إلحاق المسلم بالنصارى وإخراجه من الظلمة إلى النور كما يدعون وإنما هو إنشاء (جيل مسخ) لا انتماء له يسهل تحريكه والسيطرة عليه. التنصير يستمر في جزائر الاستقلال وهو ما يمكن ملاحظته جليا في الارتفاع الملفت لعدد دور العبادة النصرانية في الجزائر أو ما يعرف بالكنائس، فبعد خروج الاستعمار الفرنسي من الجزائر، وفي الأيام الأولى للاستقلال كان هناك 327 كنيسة لأقل من 700 معمر أوروبي نصراني ممن لم يرحلوا مع فرنسا وآثروا البقاء في بلادنا وبالمقابل لم يكن يتعدى عدد المساجد 116 مسجد لأزيد من 8 ملايين جزائري مسلم. ومع مرور الوقت حوّلت العديد من الكنائس إلى مساجد، وما تبقى منها أصبحت تمارس نشاطها بترخيص من الحكومة، وهي تتواجد في بعض المدن كالجزائر العاصمة التي كانت توجد كنيستان بها، كنيسة السيدة الإفريقية وكنيسة القلب المقدس وفي وهرانوقسنطينة وتيزي وزو وعنابة (كنيسة أغستين) وبجاية وسكيكدة، ويعود حصول الكنيسة على اعتمادها الرسمي من السلطات الرسمية إلى سنة 1969، وبمرور الوقت وفي هدوء تام قام النصارى في الجزائر بتأسيس عدة جمعيات أهمها الجمعية الأسقفية الجزائرية واللجنة المسيحية للخدمة في الجزائر، وجمعية الكنيسة البروتستنتية في الجزائر، إلى جانب البعثة السبتية لليوم السابع في الجزائر، والجمعية النسائية لجمعية بعثات الكنيسة الميتودية الموحدة، ولقد اعتمدت كل هذه الجمعيات في سنة 1974، وهكذا بدأت حملة تنصيرية شعواء في مناطق متعددة من الجزائر، خصوصا في منطقة القبائل. وظهر للعيان مجموعة كبيرة من المراكز التنصيرية. وفي غفلة من الأمر وجدت في العديد من المدن شبكات وجمعيات منظمة تتولى قيادة العمليات التنصيرية، وتشير بعض المصادر في هذا الإطار إلى وجود 16 جمعية تنصيرية بالجزائر، وأكثر من عشرين جمعية في منطقة القبائل وحدها، كما ظهر عدد كبير من الكنائس مثل الكنيسة الخمسينية التي تقع في شارع رضا حوحو والتي حصلت على رخصة للنشاط عام 2003 تحت إشراف هوج جونسن، وقبل ذلك كانوا يمارسون طقوسهم وأنشطتهم في كنيسة غير مرخصة يقيمون فيها الصلوات يوم الجمعة، وتتواجد بالقرب من سفارة الغابونبالجزائر. وفي منطقة عين الترك بولاية وهران يملك المنصرون منزلا كبيرا من ثلاثة طوابق، فيه قاعة للصلاة، يشرف عليه قسيسان جزائريان، بينما تم إعادة فتح الكنيسة القديمة بمنطقة الكدية في مدينة قسنطينة سنة 2003 ويشرف عليها منصر جزائري، هذا ومن المؤكد وجود العديد من الكنائس البيتية التي هي عبارة عن منازل ومحلات يجتمع فيها منصرون ومتنصرون للعبادة كما يتم استغلالها للنشاط التنصيري أيضا. كولورادو نقطة الانطلاق يعد مؤتمر كولورادو نقطة تحول نوعي في نشاط الحركات التنصيرية عبر العالم، حيث أعاد ترتيب أهدافها وأولوياتها واضعا استراتيجية دقيقة لتنصير العالم الإسلامي، انطلاقا من يوم انعقاده بتاريخ 15 أكتوبر 1978 تحت عنوان (مؤتمر أمريكا الشمالية لتنصير المسلمين)، وبحضور 150 مشترك يمثلون أنشطة العناصر التنصيرية البروتستانتية في العالم، استمر المؤتمر مدة أسبوعين في جلسات مغلقة، وانتهى بوضع استراتيجية منظمة لتنصير المسلمين، ولتطبيق هذه الاستراتيجية تم تخصيص ميزانية قدرت بألف مليون دولار، وتم جمع هذا المبلغ فعلا وإيداعه في أحد البنوك الأمريكية الكبرى، وبقيت نتائج هذا المؤتمر وتوصياته سرية لخطورتها لكنها طبعت ونشرت فيما بعد تحت عنوان (التنصير: خطة لغزو العالم الإسلامي). وقد تمحورت التوصيات التي خرج بها مؤتمر كولورادو فيما يخص منطقة المغرب العربي أو الشمال الإفريقي الذي تسوده أغلبية مسلمة حول هدف أساسي هو كيفية بناء كنائس محلية أي إيجاد نصارى محليين من السكان الأصليين للمنطقة يتولون مهمة بناء الكنائس وتكوين الجماعات التنصيرية التي ستستخدم فيما بعد لبلوغ الهدف الأكبر هو تنصير العالم الإسلامي، وقام المؤتمرون بوضع استراتيجية مفصلة لتنصير مسلمي شمال إفريقيا بما يتماشى والظروف المتوفرة في المنطقة آنذاك، غير أن الأهداف في مجملها كانت تبدو بعيدة المدى ويمكننا النظر إلى ما تم تحقيقه اليوم على ضوء تلك الاستراتيجية وإجراء المقارنات إذا شئنا لنجد أنهم قد حققوا جزءا كبيرا مما سطروه قبل حوالي 37 سنة، ومن بين الأهداف التي كانت مسطرة زيادة عدد المبشرين في شمال إفريقيا من 60 إلى 300 كحد أدنى ونحن نرى اليوم الأعداد الكبيرة للمبشرين في الجزائر لوحدها ولو اعتبرنا أن هناك 3 إلى 4 مبشرين في الكنيسة الواحدة كمتوسط (وعددهم يفوق ذلك غالبا) وقسناه على دول الجوار فسنجد أنهم قد تجاوزوا أهدافهم بكثير بالنسبة لهذه النقطة وانتقلوا إلى مراحل أخرى أكثر تقدما لأن سياسة هذه الكنائس غالبا تستغل المتنصرين الجدد لأعمال التبشير وهو ما لاحظناه شخصيا من خلال اقترابنا من بعض الكنائس التنصيرية. إنشاء كنائس محلية كما نصت الاستراتيجية الموجهة لتنصير الشمال الإفريقي على ضرورة إرسال مبشرين ممن يستطيعون بدء العمل والذين لهم موهبة وقدرة لإقامة الصداقات في وسط ثقافات متباينة وشخصيات تكون محبوبة عند العرب تكون لها اهتمام بثقافة شمال إفريقيا، والبحث عن طرق لإبقاء هؤلاء الأشخاص في هذه الأقطار بحيث يتمكنون من تخصيص ثلاثين ساعة في الأسبوع كحد أدنى للعمل وسط المسلمين، وأكد المؤتمرون على ضرورة تجنيد أشخاص من السكان المحليين لقيادة الأعمال التبشيرية في المنطقة وصناعة الأسس والاتجاهات بدلا من الاكتفاء بأتباعها، كما شددوا على ضرورة تنظيم العمال الأجانب في فرق متناسقة تؤدي إلى تجميع مواهبهم الفردية وتقديم أكثر من أجنبي واحد للسكان المحليين للارتباط به حتى لا ينشأ فراغ عندما يغادر الشخص (المفضل) لديهم. ويحذّر المؤتمرون من المتنصرين الجدد حيث يؤكدون على عدم اعتبارهم مؤمنين ويتكلمون في المقابل عن قبولهم حتى يفهموا أن الالتزام (بيسوع المسيح يعني الالتزام بجسد المسيح أسرتهم الجديدة)، وركزوا من جهة أخرى على ضرورة أن يتزعم السكان المحليون الكنائس بمساندة ودعم أجنبي، وختم المؤتمرون توصياتهم بنقطة هامة جدا نستطيع القول إنها أساس العمل التنصيري في الجزائر وكافة الأقطار الأخرى وتقول آخر توصية أو نقطة في الاستراتيجية المفصلة (فكروا دائما بالكنيسة فما لم تكن هنالك كنائس ذات قيادة وزعامة وطنية محلية في المغرب والجزائروتونس وليبيا فلن تبلغوا أهداف الرّب). وبالنظر إلى التقييم الذي أجراه ممثلو الكنيسة البروتستانتية والذي تم تقديمه خلال مؤتمر كولورادو والنتائج التي توصلوا إليها من خلال المؤتمر الذي ارتكز على دراسات وبحوث معمقة أجريت في كافة البقاع الإسلامية مكنتهم من الخروج بإستراتيجية مفصلة لتنصير العالم الإسلامي، ولاسيما منطقة الشمال الإفريقي وذلك خلال سنة 1978 سنجد أن الكنائس البروتستانتية في الجزائر مثلا تستند في كل تحركاتها إلى ما أفرزه هذا المؤتمر من نتائج من خلال الوسائل والطرق التي تعتمد عليها في نشر الفكر التنصيري الذي يعتمد أساسا على محاولة إيجاد كنيسة محلية وهو ما يجري تحقيقه اليوم إذ أن أغلب المبشرين ومسؤولي الكنائس والقساوسة أيضا هم متنصرون من أصول محلية.