جاء خبر توقيع قائد الانقلاب السيسي لوثيقة مبادئ سد النهضة المشتركة بين مصر وإثيوبيا والسودان مفاجئا لمعظم السياسين في مصر، حيث أن الاتفاقية لم تطرح للوحوار المجتمعي في ظل غموض في بنودها وعدم إطلاع الشعب عليها. قال المحامي الحقوقي خالد علي تعليقا على توقيع السيسي اتفاقية سد النهضة: (فوجئنا اليوم بتوقيع السيسي لوثيقة مبادئ سد النهضة، ثم ظهرت تصريحات بأن الاتفاقية تحتاج إلى صياغة قانونية، ثم قال البشير إن السعة الاستيعابية للسد تحتاج إلى مراجعة)، مضيفا أن ذلك يعطي مؤشرات لخطورة الوثيقة. وأضاف المحامي الحقوقي أنه وفقا للدستور (المادة 32) كان لابد قبل أن يتم توقيع وثيقة سد النهضة أن يتم عرض ذلك الأمر للاستفتاء الشعبي، بالإضافة إلى المادة 44 من الدستور، والتي تنص على أن الدولة عليها حماية نهر النيل وحماية حقوق مصر التاريخية، (ولا أستطيع أن أجزم بأن توقيع الوثيقة يعد تعديا على حقوق مصر وإنما الأزمة تكمن في التجهيل وغياب الحوار المجتمعي). * انتقاد كبير قال هيثم أبوخليل الناشط الحقوقي إن مصر سلمت نهر النيل لإثيوبيا تسليما كاملا بأحقية إثيوبيا ليس في السد وفقط ولكن في ملء خزانات السد العملاقة وتشغيله، وأضاف في تدوينه له على موقع التواصل الاجتماعي (الفايس بوك): (أتعرف عزيزي المواطن على ما سمحوا لك أن تعرفه عن ما موقع عليه السيسي اليوم وتفريطه في حق مصر في مياة النيل، كل شيء والعكس). وسخر محمد سيف الدولة، الباحث المتخصص في الشأن القومى العربي، من تشبيه وسائل الإعلام زيارة السيسي لإثيوبيا بزيارة الرئيس الراحل محمد أنور السادات للكنيست في الاحتلال. وأضاف سيف الدولة خلال تغريدة له ب (تويتر): (لا أعلم من هو العبقرى الذى أصدر تعليماته للإعلام بتشبيه زيارة السادات للكنيست بزيارة السيسى لإثيوبيا، هل يريدون كارثة كامب ديفيد جديدة؟). ورأى الدكتور سيف الدين عبد الفتاح، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن النظام لم يخرب فقط المجتمع أو نهب خيراته أو قسم هذا الشعب إلى كيانات، بل تآمر ضد كل مقدرات مصر). ووصف الدكتور محمد محسوب، القيادي في حزب الوسط، ما يسمى بوثيقة (سد النهضة) ب (وثيقة النهر وخيبة الدهر)، قائلا: (القاعدة الثابتة أن حقوق شعب في المياه للشرب والزراعة تسبق حق أي شعب آخر في إنتاج الكهرباء منها، فالكهرباء لها بدائل لكن المياه لا بدائل لها)، وأضاف: (من هنا كان اعتراضنا على أن توقع مصر على أي وثيقة، خصوصا اتفاق إعلان المبادئ الأخير لأنه ينطوي بكل بساطة على إقرار بحق إحدى دول المصب في أن تقدم حقها في إنتاج الكهرباء على حق دول المصب في الحصول على الماء). وواصل محسوب: (كان من الممكن توجيه المباحثات إلى كيفية توفير مصادر لإنتاج الكهرباء لإثيوبيا بدلا من القبول بالأمر الواقع الذي فرضته دون تشاور أو تفاوض قبل الإقدام عليه معتبرة أن من حقها استغلال مياه النيل كما تشاء بغض النظر على أثر ذلك على شعوب المصب)، مؤكدا (المشكلة لا تتمثل في حسن نوايا الأطراف، وما أشار إليه قائد الانقلاب في كلمته من توفر الثقة بين قيادات تلك الدول، فالسياسة المتغيرة لا تسمح بأن تضع مصدر حياتك بيد دولة أخرى معتمدا على أنها لن تستعمل تلك القدرة على التأثير في سياساتك، بل وربما حياتك)، وأوضح أن سد النهضة لا يمثل لمصر مجرد سد وإنما بوابة تتحكم في وصول المياه إليها وحجم تلك المياه، ولك أن تتخيل يوم أن تتراجع هذه الثقة أو تتصادم المصالح، فهل يضمن قائد الانقلاب أن لا تكون مصر تحت مقصلة بوابات سد النهضة؟). * وثيقة (خيانة) رفضت جماعة الإخوان المسلمين، وثيقة إعلان مبادئ سد (النهضة) التي وقع عليه المشير عبد الفتاح السيسي مع إثيوبيا والسودان، معتبرة ذلك (خيانة عظمى للوطن). وقال محمد منتصر، المتحدث الإعلامي باسم جماعة الإخوان المسلمين، إن الوثيقة (خيانة عظيمة لهذا الوطن)، متهما السيسي إنه وقع (اتفاقية لا تنطلي على طفل صغير وتفتقر إلى أبجديات الاتفاقيات الدولية والقانون الدولي العام). وحسب بيان نشرته الصفحة الرسمية للمتحدث باسم الإخوان علي موقع التواصل الاجتماعي الفايس بوك اعتبر منتصر إعلان المبادئ (اتفاقية غير ملزمة للجانب الأثيوبي بأي من الحقوق المصرية في مياه النيل). ومضى المتحدث باسم إخوان مصر قائلا: (نقول للعالم أجمع إن الثورة ستنتصر، وإن أي اتفاقية يبرمها الانقلابيون غير معترف بها، فالثورة ستنتصر بإذن اللّه ولن يتم تركيع هذا الشعب أو تعطيشه). كان السيسي قال في كلمته التي أعقبت توقيع وثيقة إعلان مبادئ سد النهضة: (إذا كان يمثل النيل وسد النهضة لإثيوبيا مصدرا للتنمية فالنيل بالنسبة لمصر مصدر للمياه، بل للحياة). في الوقت الذي قام فيه عدد من الشخصيات العامة والسياسيين والناشطون في مجال حقوق الإنسان بمصر بإصدار (وثيقة الاصطفاف الوطني العام) دعما للسيسي في عدد من القضايا الداخلية والخارجية ومن بينها ملف سد النهضة والأمن المائي المصري. على الجانب الآخر حذر الدكتور جمال حشمت، رئيس البرلمان المصري المنعقد في تركيا، (الإخوان) من خطورة بناء هذا السد باعتباره يقلل من حصة مصر من المياه ويهدد المخزون المائي للسد العالي ويعمل على تبوير ملايين فدان من الأراضي الزراعية. وأضاف حشمت أن البرلمان أصدر بيانا يؤكد فيه عدم اعتراف الدولة المصرية بأي اتفاقات يدرجها النظام الحالي برئاسة (السيسي) بعد كسر (الانقلاب)، مستنكرا إدراج السيسي لاتفاقية من مئات السنين منفردا في الخفاء دون عرضها على الشعب المصري.