* قوى سياسية وطنية وإسلامية تنسق للإطاحة بوزير التجارة * يتواجد وزير التجارة عمارة بن يونس في وضعية حرجة للغاية بعدما فتح على نفسه باب الانتقادات الشعبية والحزبية والدينية، بقراره القاضي بتحرير تجارة الخمور المحرّمة شرعا، انتقادات قد لا تهدأ وطأتها إلى غاية الإطاحة به من أعلى هرم الوزارة، بفعل شروع قوى سياسية، وطنية وإسلامية في التنسيق لتدارس موقف حازم بشأن قرارات هذا الوزير الليبيرالي المثيرة للجدل. وأعلن عبد الفتاح زيراوي حمداش رئيس حزب جبهة الصحوة السلفي غير المعتمد، عن تشكيل خلايا محلية في ولايات البلاد لتحرير عرائض جماعية ضد إجراء فتح محال لبيع الخمور ورفعها إلى وكلاء العدل بالمحاكم ومجالس القضاء. وذكر الشيخ عبد الفتاح في تصريح لشبكة (إرم) الإخبارية أمس أن اللجان الشعبية التي دعا إليها أنصاره مهمتها (تحسيس المجتمع بخطر فتح مخامر جديدة وبالتالي تحريك الضمائر الحية لرفض هذا الإجراء الحكومي)، واصفا خطوة وزير التجارة عمارة بن يونس بالإجراء السافر والجائر وغير المسؤول. وقال حمداش (إن السلوك الذي بدر من الوزير ليس من قيم المجتمع الجزائري في شيء، علاوة على تعارضه المطلق مع الشريعة الإسلامية). ويروي المتحدث عن الوزير بن يونس، أنه شخص لا يهمه الصالح العام ومصالح شباب الجزائر لا تعنيه، مؤكدا أنه قرر مراسلة الرئيس بوتفليقة لإقالة وزيره، علاوة على مباشرة التنسيق مع القوى السياسية الوطنية والإسلامية لتدارس موقف حازم. وفي سياق متصل، دعا الداعية شمس الدين الجزائري في تصريحات صحفية، وزير التجارة إلى التقوى والعودة إلى الله لأن شباب الجزائر يبحثون عن فرص شغل وسكن، موضحا أن القرار يُساهم في هدم القيّم المجتمعية ويسيء إلى الجزائر. هذا وخصّ عدد من أئمة المساجد خطب الجمعة للرد على قرار وزير التجارة، عمارة بن يونس، القاضي بتحرير نشاط بيع الخمور. وانتقد الأئمة القرار واعتبروه تهديدا لقيّم وأعراف المجتمع الجزائري، فضلا عن كونه تعديا صارخا على الشريعة الإسلامية وأحكامها. ورد الأئمة كل الحجج التي يمكن أن يتحجّج بها صاحب القرار من تحقيق أرباح أو بهدف السياحة والإنضمام لمنظّمة التجارة العالمية، قائلين بأن كل تلك الأهداف لا يمكن أن تخوّل لأي أحد التعدي على أحكام الشريعة. وبالتزامن مع ذلك، شنّ الجزائريون حملة شرسة ضد الوزير على شبكات التواصل الاجتماعي، مذكرين بالجدل الذي أثارته تصريحات سابقة أدلى بها وقال فيها (إن زمن قال الله قال الرسول قد ولىّ). وعلى هذا الأساس يبدو أن الوزارة التي انتقلت من يد الإسلاميين إلى العلمانيين غيرت من دينها التجاري والسياسي، ومهما كانت المبررات التي تحول أو تغير من طبيعة المجتمع الجزائري فإنها مرفوضة جملة وتفصيلا بالنسبة لغالبية الجزائريين الذين يرون في مثل هذه القرارات تحولا سلبيا في المنظومة التي تحكم المجتمع الجزائري وبداية للمزيد من التنازلات من شأنها تقويض التوازنات الكبرى داخل هذا الكيان المحافظ. ويعتقد مراقبون للساحة السياسية في الجزائر، أن قرار الوزير بن يونس وهو سياسي ليبيرالي، يعتبر فصلا جديدا من فصول الصراع القائم بين معسكري المحافظين الرافضين أصلا لانضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة والليبرالين (القلة) المدافعين باستماتة عن هذا التوجه المنافي للشرع والدستور. بالمقابل، لا يبدي عمارة بن يونس أي اهتمام بموجة السخط الذي خلفته تعليماته بإلغاء اشتراط الموافقة المسبقة للحصول على السجل التجاري لفتح الحانات، معتبرا أن ما يقوم به هو تنفيذ لالتزامات الجزائر مع المنظمة العالمية للتجارة. كما حاول التجرد من المسؤولية عندما قال مؤخرا إنه مجرد وزير جمهورية وليس مفتي وأن أمر تقنين قانون منع بيع الخمور ليست من صلاحياته، مشيرا إلى أن دوره هو تطبيق قوانين الدولة الجزائرية فقط.