تحت ضغط العقوبات الاقتصادية للغرب بسبب الأزمة الأوكرانية، تبحث روسيا الاتحادية في إمكانية تعديل قوانينها المصرفية لإتاحة الفرصة أمام المصارف الإسلامية للعمل في البلاد وفق مبدأ المرابحة، وبالتالي الاستثمار في المشاريع الروسية الكبرى، علماً بأن القوانين الروسية تحظر على البنوك ممارسة التجارة، ما يدفع مراقبين إلى التساؤل حول ما إذا كانت ستشمل التعديلات التي يجري العمل على إعدادها البنوك الإسلامية فقط أم النظام المصرفي الروسي كله؟، في ظل توقعات بأن تشغل المصارف الإسلامية مكانة متميزة في حالة إقرار التعديلات الجديدة. وجاء اندفاع روسيا نحو استحداث وسائل تمويلية جديدة، على خلفية الأزمة الاقتصادية المتفاقمة التي تعاني منها، جراء العقوبات التي قررتها أمريكا وأوروبا، بسبب الأزمة الأوكرانية. وللمرة الأولى في تاريخ روسيا الاتحادية، تجري إحالة مشروع قانون حول الصيرفة الإسلامية لمناقشته في البرلمان الروسي، والذي قدمه نائب رئيس لجنة الدوما لشؤون سوق المال، دميتري سافيليف، في السابع عشر من مارس الجاري. قنوات جديدة وجاء في مقدمة المشروع المطروح للنقاش، وفقا لموقع الدوما الحكومية الروسية الرسمي، أنه في فترة الحصار الاقتصادي الأوروبي والأميركي لروسيا، تجد المصارف نفسها مضطرة للبحث عن قنوات جديدة لجذب الاستثمارات، مشيراً إلى أن التجربة التاريخية للجمهوريات السوفييتية السابقة، ومنها كازاخستان، أكدت أن من أكثر الأساليب فاعلية في هذه الحالة جذب الاستثمارات الإسلامية، إلا أن القوانين الروسية في شكلها الحالي غير مؤهلة لحل مثل هذه المسألة، وعلى وجه التحديد، فإن القانون الروسي في بعض مبادئه يناقض مبدأ الصيرفة الإسلامية. وأحد أهم هذه المبادئ المعيقة نص قانوني على أنه لا يحق للبنوك في روسيا مزاولة النشاط التجاري، في حين أن مبدأ المرابحة بين البنك والعميل والقائم على مزاولة كافة الأنشطة الاقتصادية ومنها التجارة، يقع في أساس الصيرفة الإسلامية. وفي اليوم التالي لإحالة المشروع إلى الدوما، عقدت طاولة مستديرة حول مشكلات وآفاق الصيرفة الإسلامية في روسيا، نظمتها لجنة الدوما الحكومية لشؤون سوق المال بالتعاون مع جمعية الصداقة الروسية الأذربيجانية. ووفقا لصحيفة كوميرسانت ، شارك في حلقة النقاش خبراء كبار في مجال التمويل الإسلامي وممثلون عن مجلس الفيدرالية الروسي والسلطات التنفيذية والبنك المركزي ومؤسسات تمويل وبنوك روسية كبيرة. وفي أثناء الفعالية، قال نائب رئيس البنك المركزي الروسي ألكسندر تورشين، (إحدى إيجابيات ظهور البنوك الإسلامية في روسيا، زيادة الثقة بالنظام المصرفي (الروسي) عموما.. وفي البنك المركزي مستعدون للنظر في مثل هذه المبادرات). وفي هذا الإطار، أبدى رئيس قسم الصيرفة الإسلامية في بنك أذربيجان الدولي، بهنام قربان زاد، اهتمامه بالعملاء الروس، فقال، (إننا مستعدون تماما للتعاون. المشروع التجريبي في التمويل البديل سيطلق في موسكو في أفريل المقبل، وقد تم تخصيص مبالغ مالية من أجل إطلاقه. وبعد ذلك سيتم، في إطار القوانين المعمول بها مع الأخذ بعين الاعتبار معايير الشريعة الإسلامية، إعادة تمويل ثلاثة إلى أربعة مشاريع موسكوفية كبيرة. وسوف نتحقق من نجاح هذه الخطوة ونخطط مستقبلا لجذب الأموال من السكان، علماً بأن هذا الاتجاه متطور جد في باكو). وأضاف صاحب المبادرة، سافيليف، (هناك آفاق عظيمة لإدخال نموذج التمويل الإسلامي إلى بلادنا. ونضع الآن التعديلات على القوانين من أجل تكامل نظام التمويل الإسلامي مع اقتصادنا). أذربيجان الرائدة ويشار إلى أن أذربيجان رائدة في مجال إدخال الصيرفة الإسلامية إلى فضاء الاتحاد السوفييتي السابق، فقد بدأت ممارسة هذا النشاط سنة 2009، وتبلغ الأصول حالياً 620 مليون دولار، وفقا لموقع زاكون.رو . وفي أوت 2014، وجهت جمعية البنوك الروسية رسالة إلى البنك المركزي تؤكد فيها ضرورة إجراء تعديلات على التشريعات الحالية بحيث تتمكن البنوك الإسلامية من العمل داخل روسيا. وأفادت تقارير إعلامية روسية بأن مصرفي (البركة) و(الشمال) من البحرين، يجريان محادثات مع مؤسسات الإقراض الروسية للانضمام إلى رأسمالها ودخول السوق الروسية. وأكد المدير التنفيذي للرقابة على المؤسسات المالية في مصرف البحرين، عبد الرحمن الباكر، خلال قمة الاستثمار الإسلامي التي عقدت في البحرين، مؤخراً، أن (البركة) و(الشمال) مهتمان منذ فترة طويلة بالسوق الروسية، إلا أن الوصول إليها بصورة مستقلة متعذر بسبب غياب معايير روسية تسمح بعمل المصارف الإسلامية. وكان رئيس البنك الإسلامي للتنمية (IDM)، أحمد علي المدني، توقع إحراز تقدم نحو إدخال الصيرفة الإسلامية إلى روسيا، أثناء زيارته المقبلة لموسكو في شهر جويلية التي سيلتقي خلالها رئيسة البنك المركزي الروسي ألفيرا نابيولينا. ويلاحظ عدم اهتمام البنوك الإسلامية ولا سيما الخليجية بالبنوك الروسية الصغيرة العاملة في المناطق التي يقطنها مسلمون، بقدر اهتمامها بالبنوك الكبيرة. ونقل عن كبير المحللين في شركة UFS الاستثمارية، إيليا بالاكيروف، قوله، (نقّدر آفاق تطبيق التمويل وفق أحكام الشريعة الإسلامية في روسيا، لاسيما أنها ملحّة بالنسبة لمشاريع البنى التحتية، حيث الحاجة إلى الأموال الأقل تكلفة طويلة الأجل، ولذلك فإن (شهرة هذا النوع من التمويل سوف تزداد في المستقبل بالتأكيد). وكان بنك التجارة الخارجية في تي بي وهو أحد أكبر المصارف الروسية المملوكة للدولة، (قد أعلن في عام 2010 عن خطط لاستقطاب الأموال من خلال الصكوك الإسلامية، غير أن هذه المبادرة لم تتحقق على أرض الواقع).