من أبرز خصائص الشريعة الإسلامية اهتمامها بالأخلاق؛ فقد روى أحمد بإسناد صحيح عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ). ومن أظهر مكارم الأخلاق حفظ اللسان، وقد روى البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَاحِشًا وَلاَ مُتَفَحِّشًا، وَكَانَ يَقُولُ: (إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أَحْسَنَكُمْ أَخْلاَقًا). وغالب الفحش يكون باللسان، فوَضَحَ أن أحسن الأخلاق هو الحرص على نظافة الكلمات، وقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم اللسان كاشفًا عن مصير الإنسان، أهو إلى الجنة، أم إلى النار؟! فقد روى الحاكم -وقال الذهبي: صحيح- عن أبي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه يَقُولُ: قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ فُلَانَةَ تُصَلِّي اللَّيْلَ وَتَصُومُ النَّهَارَ وَفِي لِسَانُهَا شَيْءٌ يُؤْذِي جِيرَانَهَا سَلِيطَةٌ، قَالَ: (لَا خَيْرَ فِيهَا هِيَ فِي النَّارِ). وَقِيلَ لَهُ: إِنَّ فُلَانَةَ تُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ وَتَصُومُ رَمَضَانَ وَتَتَصَدَّقُ بِالْأَثْوَارِ وَلَيْسَ لَهَا شَيْءٌ غَيْرُهُ وَلَا تُؤْذِي أَحَدًا. قَالَ: (هِيَ فِي الْجَنَّةِ). والأثوار جمع ثور: وهو القطعة، والمقصود أن صدقتها قليلة، ولكن حُسن خلقها أدخلها الجنة، ويكفي أن حُسن الخلق يرفع صاحبه يوم القيامة حتى يجعله قريبًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم! فقد روى الترمذي -وقال الألباني: صحيح- عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ القِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا..). فلنحرص على حفظ ألسنتنا من إيذاء الناس.