* (لم أسمع عن احتجاج الأئمة إلا في وسائل الإعلام) * (الحاجة ماسَّة إلى توحيد مرجعية الفتوى في الجزائر) * (نرفض أن تكون الجزائر أرضا لصراع مذهبي) * (مساجد الجزائر محصّنة ضد المد الشيعي) * (هذا رأيي في مراجعة قانون الأسرة) * هذا ما قصدته بالحديث عن إسلام قرطبة) قال وزير الشؤون الدينية والأوقاف محمد عيسى إنه لم يسمع عن احتجاج الأئمة إلا في وسائل الإعلام، مشددا على ضرورة الالتفاف حول المرجعية الدينية الوطنية، مشيرا إلى أن مساجد الجزائر محصّنة ضد المد الشيعي. وعبّر وزير الشؤون الدينية في حوار خاص أجرته معه (أخبار اليوم) عن رفضه لأن تكون الجزائر أرضا لصراع مذهبي ليست معنية به، كما أفصح عن موقفه ولو ببعض الحذر من قضية منع ضرب الزّوجة لتأديبها. ومن جانب آخر، كشف الوزير عن موافقة الحكومة المبدئية على إنشاء هيئة لرصد مظاهر الانحراف المذهبي والتطرف الديني وتحليلها واقتراح الحلول لها، مؤكدا حاجة الجزائر إلى توحيد مرجعية الفتوى. حاورته: عبلة عيساتي * الأئمة سيحتجّون قريبا إذا لم تستجب الوزارة للائحة مطالبهم، هل عقدتم اجتماعا مع ممثليهم؟ *** أنا لا أعرف عن احتجاج الأئمة إلا ما اطلعت عليه في وسائل الإعلام، لكنني على علم بالصعوبات التي يعاني منها الأئمة وإطارات المساجد عموماو وهي صعوبات تستدعي الاهتمام والتكفّل، الأمر الذي عبّرنا عنه غير ما مرة، كما عبّرنا عن أن مطالب الأئمة التي رفعتها النقابة في لائحتها هي مطالب مشروعة ستلبي الوزارة منها ما يقع تحت صلاحياتها وسوف تستعين بغيرها فيما ليس من صلاحياتها. * الخلافات مستمرة بين المجلس الوطني المستقل للأئمة والنقابة الوطنية للائمة، بصفتكم الجهة المسؤولة من تعتمدون من النقابتين المذكورتين؟ *** لقد عقدت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف عدة اجتماعات مع ممثلي السادة الأئمة للاستماع إليهم والتشاور معهم لتحقيق هذه المطالب. الخلاف إن وجد بين هاتين التشكيلتين هو خلاف يخصها وإلا فالوزارة تنظر إلى مركبات كل واحدة من التشكيلتين على أنها أسرة المساجد وأئمة المنابر وهم نخبة المجتمع التي تستحق منا كل التقدير. وفضاء العمل النقابي يستوعب الجميع، ونحن نستقبل كلتا النقابتين ونتعاون معهما بما يوفر حياة كريمة للإمام وما يسمح بالتداول حول رسالة المسجد المقدّسة في خدمة دين اللّه تعالى والحفاظ على الوطن ووحدته وتماسكه. * بعض الأطراف تعتبر أن قانون العقوبات الجديد سيعمل على تفكيك الأسرة بمنحه حقوقا للمرأة قد تعود سلبا على الزّوج، فما رأي الوزارة؟ *** سبق للوزارة وأن أبدت رأيها في الأطر الدستورية التي هي مدعوة إلى إبداء رأيها فيها. * ما هو موقفكم من الجدل الذي رافق منع ضرب المرأة مطلقا بما في ذلك الزّوجة لتأديبها؟ *** لقد تعلّمنا في أصول الفقه أن الدولة تملك تقييد الحق إذا كان في ممارسة الحق تعسُّف كما قدّره غير واحد من العلماء ومنهم الشيخ محمد الطاهر بن عاشور رحمه اللّه. * هل وافقت الحكومة على مقترح رفع الدعم عن الحجّاج؟ وكم يكلف هذا الدعم الخزينة العمومية؟ *** موضوع رفع الدعم عن تكلفة الحج لم يفصل فيه بعدُ، وهو مؤجَّل إلى غاية استكمال التحضيرات الميدانية لموسم حج 1436ه الموافق ل 2015م والانتهاء الفعلي من عمليات استئجار السكنات وكراء وسائل النقل وغيرها من الأعباء، وبناء على التكلفة النهائية سوف تتخذ الحكومة قرارها النهائي. * كشفتم عن مرصد لمكافحة التطرف هل تمت الموافقة عليه؟ وهل يمكن تزويدنا بتفاصيل حول المرصد؟ *** لدى وزارة الشؤون الدينية والأوقاف موافقة الحكومة المبدئية لإنشاء هيئة لرصد مظاهر الانحراف المذهبي والتطرف الديني وتحليلها واقتراح الحلول لها، وسوف تقدم الوزارة مشروعها لمجلس الحكومة ريثما تستكمل شكليات صياغة المشروع. * بالنسبة لمفتي الجمهورية متى سيرى المشروع النور؟ ومن هي الشخصيات التي ترونها مبدئيا أهلا لذلك؟ وهل سترجّحون كفة أحد مشايخ المذهب المالكي؟ *** الحاجة اليوم ماسَّة إلى توحيد مرجعية الفتوى في الجزائر، وإن المجالس العلمية الولائية التي أصبحت تجتمع دوريا لمناقشة تلك القضايا التي تخصّ المواطنين، والتي لها بعدُ وطني أعطانا فرصة لنلمس عن كثب أهمية إنشاء مؤسسة مرجعية للإفتاء. أن تسمى هذه المؤسسة هيئة إفتاء أو أن تسمى هيئة المجلس العلمي الوطني أو أن تسمى أكاديمية أو مجمع الفتوى فإن الموضوع بالنسبة إلينا في وزارة الشؤون الدينية والأوقاف سيان، والشخصيات التي تترأس هذه المجالس الولائية سندعمها بشخصيات أخرى هي أئمة الفتوى الخمسين الذين سننتقيهم من الولايات تضاف إليهم الشخصيات الجامعية والباحثون والمشايخ الذين يمثلون وعاء غنيا يمكن أن ننتقي منه الشخصية الوطنية التي يتوفر فيها شرط الاجماع. * أمر رئيس الجمهورية بتعديل قانون الأسرة، ما هو تصوركم لما ينبغي أن يكون عليه هذا القانون؟ وماذا عن المخاوف القائمة بخصوص مرجعيته واعتماده على أحكام الشريعة كمصدر أساسي ووحيد؟ *** المجتمع الجزائري في حركية دائمة ومجتمع الثمانينيات ليس هو مجتمع القرن الحادي والعشرين، وإن فرصة مراجعة قانون الأسرة في شقه المتعلق بالطلاق هو فرصة لجعل قوانين الجمهورية أكثر تجاوبا مع مقتضيات الواقع، وإن أي مراجعة سوف لا تنفك عن احترام الإسلام والاقتباس من أحكام الشريعة الإسلامية لأنه مبدأ مكرّس في صياغة قانون الأسرة الجزائري. * ما هي السبل والتدابير التي تم اتخاذها من أجل مكافحة انتشار الشيعة في الجزائر؟ *** أصبح بعض الشباب الجزائري مولعا بالأفكار المستوردة من الخارج، ويعتبر المذهب الشيعي واحدا من هذه الأفكار وإلى جانبه أفكار أخرى لا تعدم أتباعا ومعجبين، فنحن إذ ندعو إلى الالتفاف حول المرجعية الدينية الوطنية فإننا نعمل على تأمين الجزائريين فكريا دون إلغاء عقولهم ودون الحجر على اختياراتهم، لكننا ندعو أيضا إلى أن تلتزم الجهات المصدرة لهذه المذهبيات والأفكار بواجب احترام الجزائريين وعدم تسفيه عقولهم، فنحن في النهاية نرفض أن تكون الجزائر أرضا لصراع مذهبي ليست معنية به. * هل لديكم إحصائيات حول عدد الشيعة في الجزائر؟ وهل مساجد الجزائر محصّنة من مد الأفكار الشيعية؟ *** نعم مساجد الجزائر محصّنة ضد المد الشيعي وأفكار التشيّع تنمو خارج أسوار المسجد. * توجد منظمات غير حكومية تشتغل تحت غطاء حماية حقوق الإنسان، والتي هي في الحقيقة تنشط في التنصير، كيف لوزارة الشؤون الدينية أن تواجهها، حيث أن تقاريرها دائما تعطي صورة سوداوية للواقع الديني في الجزائر وتحاول إعادتها إلى العشرية السوداء؟ *** إن قوانين الجمهورية التي تضمن حرية المعتقد وحرية ممارسة الشعائر الدينية هي ذات القوانين التي تنظم وتضبط ممارسة عبادات غير المسلمين، وأجهزة الدولة في حالة يقظة من خلال اللجنة الوطنية لتنظيم ممارسة شعائر غير المسلمين التي تترأسها وزارتنا، ويبقى دور المساجد والمدارس القرآنية والزوايا إلى جانب النخبة المثقفة الفاعلة في الإعلام والثقافة والجامعة هو الحصن الحصين للمجتمع الجزائري حتى لا يستغل ضعف بعض أبنائه في ضرب الانتماء الروحي للشعب الجزائري الذي يقرر دستوره صراحة أن (الإسلام دين الدولة). * يزعم البعض وجود تضييق على الحريات الدينية في الجزائر، ما هي استراتيجية وزارة الشؤون الدينية لحماية الأقليات الدينية في الجزائر وصد الهجمات المغرضة بالأرقام إن أمكن؟ *** قوانين الجمهورية لا تضيّق، بل تنظم ممارسة شعائر غير المسلمين من خلال تطبيق القانون 06-02 مكرر الذي نظّم ممارسة شعائر غير المسلمين وقيدها بما يحقق للجزائريين حصانتهم الروحية ويضمن لغير المسلمين الذين يرغبون في العبادة وفق دينهم أو مذهبهم كل الحرية وكل الأمن وكل الخصوصية، لكنه لا يرضى أن يستغل صغر سن تلامذة المدارس لدعوتهم إلى دين ليس دين مواطنيهم ولا أن تستغل حاجة المحتاجين ولا غضب المحتجّين. * هناك العديد من قضايا التطاول على الإسلام في الآونة الأخيرة كقضية كمال داود وروايته التي فيها تجرؤ على كتاب اللّه وعلى الذات الإلهية، ما رأيكم في ذلك؟ وما هي الإجراءات المتخذة؟ هل ستشهرون سيف القانون لحماية المقدسات أم ستلجأون إلى حملات توعوية لمجابهة هذه الظاهرة؟ *** قوانين الجمهورية المتعلقة بحماية الإسلام وتجريم الإساءة إليه وإلى الرسول الكريم صلّى اللّه عليه وسلّم والمعاقبة على الإساءة إلى المصحف الشريف هي قوانين موجودة ويسري بها العمل، ولقد طبقت في غير ما مرّة بكل صرامة وحزم، لكن في كل الحالات فإن المؤلفين ذوي التوجّه المتحرر ينبغي أن يحذروا الاستغلال الأجنبي الآثم وأن دعاتنا وأئمتنا ينبغي أن يلتزموا حدود اللّه، لأن الدين النصيحة والإمام ليس قاضيا يحكم على الناس، في حين لا مانع أخلاقيا ولا قانونا من مناقشة الأفكار الواردة في مثل هذه المؤلفات ونقدها بالاستناد إلى نصوص الكتاب والسُنّة على أساس قاعدة (ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا). * أثار حديثكم عن (إسلام قرطبة) بعض الجدل بين من يقول إن الإسلام هو إسلام واحد في كل زمان ومكان، ما ردكم على ذلك؟ وما هي المرجعية التي ستعتمد في مجلس الإفتاء؟ *** إسلام قرطبة هو فكرة تعبر عن الروح التي كانت تسود قرطبة خصوصا والأندلس عموما في أيام عز الإسلام في الأندلس، وتتلخص هذه الفكرة في إسلام قوي لا يخشى غيره من الأديان ولا يحس نفسه في خطر عندما يسمح لها بالنشاط. إن تلك الروح عندما أفلت جعلتنا نخشى على إسلامنا وكأن اللّه لم يعد في قوله تعالى: {إنّا نحن نزّلنا الذِّكر وإنّا له لحافظون} بأنه هو الذي يحفظ دينه. ويشهد العالم أجمع بأن روح قرطبة هي الروح التي إذا عادت عاد للإسلام مجده وللحرية معناها وللقيم والمثل مكانتها، ونحن إذ ندعو إلى هذه التجربة التاريخية نعلم علم اليقين أنها قامت على نفس المبادئ والقيم التي تؤسس للمرجعية الدينية الوطنية، لأن علماء الأندلس هم العلماء الذين صدروا من منطقة الشمال الإفريقي ورجعوا إليها عندما سقطت الأندلس، فلا تعارض بين المرجعية الدينية والوطنية وبين روح الأندلس وبين الصورة المثالية للممارسة الدينية الملتزمة والرشيدة التي نرجو أن تعود. * نلاحظ أن قطاعكم يبذل مجهودات في محاربة التطرف من بوابة المساجد، لكن الأفكار الهدامة للتطرف باتت مواكبة للتطور التكنولوجي، حيث أن الأنترنت أصبحت المصدر الأول للتطرف في العالم بدليل تجنيد بعض المنظمات الإرهابية مثل (داعش) عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي، على غرار (الفايس بوك)، ما رأيكم في ذلك؟ *** أوافق تماما تحليلكم، وهو التحليل الذي يكشف أن المسجد ينبغي بعد أن نجح في تحصين فضائه ضد الأفكار المتطرفة أن يغزو الفضاء الافتراضي، لذلك فقد أذنا لأئمتنا بأن ينشئوا مواقع إلكترونية يرقون فيها قيم الإسلام ويدعون فيها إلى الوسطية والاعتدال ويبقى على النخبة المثقفة في أسرة الإعلام والجامعة والثقافة والتربية أن تبذل الجهد ذاته.