وافقت الحكومة مؤخرا على إنشاء مرصد وطني لمكافحة التطرف النحلي والمذهبي، وذلك استجابة لطلب تقدمت به وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، بغرض حماية المواطن الجزائري وتحصينه من الأفكار الغريبة وتحليلها والنظر في مآلاتها. وأكد وزير الشؤون الدينية والأوقاف السيد محمد عيسى، أن المرصد سيكون تابعا للوزارة. ويتشكل من إطارات فكرية وممثلين عن كل القطاعات المعنية، لا سيما الأمنية بكل تشكيلاتها، إلى جانب التربية والثقافة والشبيبة والرياضة وكل الأطراف التي تشعر أنها تخترق. وأشار وزير الشؤون الدينية والأوقاف أمس على هامش الندوة الوطنية لإطارات وزارة الشؤون الدينية والأوقاف بدار الإمام بالمحمدية، إلى أن السلطات واعية بخطر الأفكار المتطرفة من الإسلام ومن غير الإسلام، والتي تسعى لزرع الفتنة والتفرقة في المجتمع الجزائري. ومن هذا المنطلق جاءت فكرة إنشاء المرصد، الذي سيكون بمثابة الحصن للمرجعية الدينية الوطنية، والعين الساهرة على دين الجزائريين الذي يحميه الدستور وقوانين الجمهورية. وأشار الوزير إلى أن جميع النحل والمذاهب التي تدّعي أنها جزء من الإسلام وحتى تلك التابعة لغير الدين الإسلامي، لا تنبع من المسجد، بل تقع في محيطه، وتريد أن تستغله وتقتحمه من خلال استغلال الجمعيات الثقافية والرياضية وفضاءات التربية والتعليم والجامعة، وعليه ينبغي تنسيق الجهود على غرار الدول الراقية التي تتوفر على هذا النموذج من المرصد، الذي سيعكف على تحليل الظواهر، وفضح المخططات واقتراح الحلول، بالإضافة إلى التأسيس للقوانين المحصنة للجزائر. وفي السياق، أوضح السيد محمد عيسى أن وزارته لا تواجه أية مشاكل مع الديانات، بل إن مشكلتها الأولى هي مع الأشخاص الذين يطلبون تأشيرة لدخول الجزائر بحجة السياحة أو العمل في مؤسسات ثقافية وتربوية، لكنهم سرعان ما يتحولون إلى مبشرين في أماكن غير مهيأة لذلك، مخترقين القوانين الجزائرية وأساسا القانون 06 /02، الذي ينظّم شعائر غير المسلمين، مضيفا أن دائرته الوزارية تعمل على تحصين المجتمع من تصرفاتهم، ولأن الدولة التي أقرت أن الإسلام دين الدولة في دستورها، وأن حرية المعتقد في قوانينها الأساسية هي الدولة التي أقرت القانون الذي يمنع التبشير واستغلال حاجة الجزائريين وصغر سنهم من أجل تغيير دينهم. كما أشار الوزير إلى بعض المدارس القرآنية "غير الشرعية"، التي تستغل شققا وعمارات، وبعضها الأقبية والمستودعات وفضاءات مهيأة، على أساس تكثيف الدروس لطلبة الثانويات والأقسام النهائية، إلا أنها سرعان ما تتحول إلى مدارس تبث أفكارا غريبة، على غرار المذهب الشيعي والأحباش والأحمدية والكثير من الحركات التي تحاول أن تجد لها قدما بالجزائر، مشيرا إلى أن مراجعة منظومة التعليم القرآني ستجعل الدولة بكل هياكلها، قادرة قانونيّا على أن تمنع وتغلق وتتابع قضائيا كل من يريد أن يشرذم الجزائريين باستقطابهم إلى مذاهب ليست أصيلة في الجزائر. وعن أشغال الندوة الوطنية لإطارات وزارة الشؤون الدينية والأوقاف التي ستناقش على مدار يومين كاملين العديد من المسائل والملفات التي تندرج ضمن تنفيذ استراتيجية الوزارة المتعلقة بتسيير الشؤون الدينية والأوقاف في إطار تنفيذ مخطط عمل الحكومة المصادق عليه؛ تطبيقا لبرنامج رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، أشار الوزير إلى إعداد نص مشروع قانون توجيهي يخص قطاعه، يهدف إلى تحصين الحياة الدينية في الجزائر، سيتم إصداره خلال سنة 2019، وهو القانون الذي سيسمح بضبط "القواعد الأساسية" للشأن الديني، ومتابعة الأطراف التي تحاول المساس بالمرجعية الدينية الوطنية. وفي كلمته أمام إطاراته، شدّد الوزير على ضرورة إعداد مخطط عمل يتضمن إعادة النظر في المنظومة التكوينية للأئمة؛ بهدف "التكفل الأمثل" بتسيير المساجد والزوايا والمدارس القرآنية، كما يشمل هذا المخطط إعادة النظر في تسيير المنظومة الوقفية وتعليم القرآن الكريم، إلى جانب العمل على تجسيد الخريطة المسجدية، التي تهدف إلى إنشاء "مسجد قطب" على مستوى كل ولاية، و"مسجد تطبيقي" على مستوى كل دائرة، يتولى تأطير الأئمة. ومن المنتظر أن تُختتم الندوة اليوم بجملة من التوصيات المنبثقة من ورشات العمل، التي تعكف على مناقشة ستة مواضيع هامة، تتعلق بصندوق الزكاة، التعليم القرآني، التكوين، الأوقاف، المساجد ومؤسسة المسجد.