اقتربنا من نهاية سنة ميلادية وبداية أخرى، ورغم أن الأمر لا يعيننا، او كان من المفروض أن لا يعنينا نحن المسلمين، إلاّ أن بعض المواطنين لا يُفوّتون هذه الفرصة، بل ويعتبرونها أهم موعد خلال السنة، ويتسابقون إلى تحضير المناسبة وحجز الأماكن في المطاعم والملاهي الليلية. أجل، لا تمر السنة الميلادية الجديدة كباقي الأيام عند بعض المواطنين، والذين يبدؤون التحضير للاحتفال بها أياما وأسابيع بل أشهرا من قبل، خاصّة الذين يريدون أن يحتفلوا في مطاعم مرموقة، حيث لا بدّ عليهم أن يحجزوا أماكنهم قبل الموعد بكثير، وكلما اقترب الموعد كلما ارتفع ثمن الطاولة الواحدة، ونحن حين اتجهنا إلى أحد المطاعم الفاخرة التي كانت كلّ الأماكن بها قد حجزت من قبل، اكتشفنا أنّ الأسعار التي يفرضها مسيرو تلك المطاعم باهظة الثمن، وان المواطنين لا يتوانون عن الدفع. زرنا في البداية مطعما فاخرا في الجزائر الوسطى، ولأننا على معرفة بنبيل الذي يعمل في ذات المطعم، فقد أطلعنا على بعض التحضيرات التي تجري فيه، والتي تبدأ أسابيع قبل حلول السنة الجديدة، ومنها تغيير الديكور، خاصة بالنسبة للزبائن الدائمين، والذين يفضلون أن تكون تلك الليلة مميزة في كل شيء، وشراء أثاث جديد أو ترميم القطع القديمة، وغيرها من التحضيرات، لكن أهم من ذلك كله، يقول نبيل، حجز الأماكن، والتي تتم بشكل يومي، إلى أن تنتهي كل الأماكن، وعادة ما يحدث ذلك قبل دخول السنة الجديدة بأيام، وعن ثمن الطاولة، كما يطلقون عليها، يقول لنا نبيل إنّ ذلك يختلف من زبون لآخر، بين الزبائن الدائمين، وآخرين يقدمون او يحضرون لأول مرة، وحتى الوقت يلعب دورا مهما، فالحجز المبكر يسمح للزبون بتخفيضات، أما عندما تُحجز اغلب الأماكن، ولا تبقى ألا طاولة او طاولتين، فان مسيري المطعم يستغلون الوضع لرفع الأسعار. هذا بالنسبة للمطاعم المحترمة، والتي ورغم أنها تحتفل بمناسبة لا ناقة لنا فيها ولا جمل، إلا أنها على الأقل لا تتجاوز ذلك إلى الدعوة إلى الدعارة، مثلما تفعل بعض النوادي الليلية، والتي تبيح كلّ شيء في تلك الليلة، وحتى ما لم تكن تسمح به خلال السنة، فان رأس السنة يجعله مسموحا، من ممارسة الفواحش والشذوذ والخمر والموبقات كلها، فلا يخرج الزبون منها إلاّ وقد ارتكب من الآثام ما الله عليم به، وفيها يزداد ثمن الحجز، ويصبح مستحيلا إلاّ على من كان قادرا على دفع الملايين، حيث يخبرنا رفيق، وهو حارس موقف عمومي عن الملهى الذي يتواجد بالشارع الذي يعمل به بزرالدة، يقول إن ثمن الليلة الواحدة في مناسبة كتلك يبلغ المليوني دينار، ولكن مع ذلك كلّ الأماكن تكون مكتظة ليلة رأس السنة، ويخرج الناس في الفجر سكارى لا يقدرون حتى على المشي، والاتجاه نحو سياراتهم، رغم أن الملهى ليس فاخرا ولا شيء. المأساة في الأمر أنّ معظم هؤلاء الأشخاص ليسوا أغنياء ولا شيء، ولكن يدخرون شيئا مما يجنون طيلة السنة لصرفها في مثل تلك الأماكن، وفي تلك الليلية البائسة.