بقلم: ماهر أبوطير يحكى أن رجلا كان عاصيا بشدة، يشرب الخمر، يزني، يسرق، يفعل كل شيء، دون أن يرف له جفن، حتى هداه الله على يد قوم كرام. قومه الكرام كانوا يتنقلون من مكان إلى آخر للدعوة لله بالحسنى، وفي كل موقع يذهبون إليه، وأمام الناس، في قرية أو مدينة أو مسجد أو بيت أو مركز، كانوا يشرحون كيف يمكن للإنسان أن يتوب، ومعهم التائب المسمى (خالد) وبعد كل درس ديني، يقولون أمام الجميع: قم يا خالد واشرح لهم قصتك، كيف كنت وكيف أصبحت، كيف كنت عاصيا، وكيف أصبحت مؤمنا ملتزما؟! تعب خالد، من هذا التشهير، من موقع إلى آخر، وهم يقولون له (قم يا خالد) وهو يتجاوب ويقوم، حتى وصل به الحال ذات مرة، وبعد أن طلب منه القوم الكرام أن يقوم ويشرح قصة توبته للجمهور، فوقف قائلا عكس كل مرة: لقد كنت عاصيا أفعل كل شيء، والله كان يسترني، ومنذ أن رافقت هؤلاء القوم، وتبت وبت صالحا، لم يستروني في أي مكان، بل بت مضرب المثل، وكشفوا ستري، وهتكوا حرمتي، وفي كل شارع ومكان، يقولون لي قم يا خالد! القصة على ما فيها من طرافة، تقول شيئا مهما، فستر عصيان الناس، خير من فضح الناس بكثير، وكثيرا ما تسمع فلاناً يغمز من فلان أنه يفعل كذا وكذا. هذه كارثة بحق، لأن الله ستر الإنسان في معصيته، فلا يليق بإنسان أن يهتك حرمة إنسان ويكشف معصيته أمام الناس، إذا عرف عنها بالصدفة، فالله يستر والناس في حالات كثيرة لا يسترون، وغض البصر ربما يعني في العمق، معنى آخر فوق غض البصر عن الأجساد والشهوات، إذ يعني أيضا غض البصر عن عيوب الناس ونقاط ضعفهم وأفعالهم، ورحمتهم بالكلام الطيب، حتى تسهل عودتهم، بدلا من إطالة اللسان على المذنبين وعدم توفير لحمهم.