عادت قضية القروض الربوية لتطفو بقوة من جديد على واجهة الأحداث في الجزائر، عقب إعلان وزير التجارة عمارة بن يونس عن دخول القرض الاستهلاكي الموجه للمنتوج المحلي حيز التنفيذ قبل شهر رمضان المقبل، هذه الصيغة (المحرمة) من القروض يقابلها رفض شعبي كبير، في الوقت الذي يحضر فيه علماء دين واقتصاديون وأحزاب إسلامية لحملة وطنية واسعة بغية دفع الحكومة لمراعاة عقيدة الجزائريين من خلال شرعنة هذه القروض. كشفت فعاليات مختلفة في المجتمع الجزائري عن نيتها التوجه إلى الوزير الأول عبد المالك سلال، لمطالبته بإلغاء الصيغة الربوية من القروض الاستهلاكية التي تعتزم الحكومة العمل بها قبل رمضان المقبل، بدعوى أن تلك الصيّغ (محرمه باتفاق العلماء). وفي السياق أكدت جمعية العلماء المسلمين الجزائرية مباركتها ومشاركتها في ما بات يعرف ب(الحملة الوطنية لإلغاء القروض الاستهلاكية)، التي بادر إليها أئمة المساجد، حيث أكد رئيس الجمعية، عبد الرزاق قسوم، ان القروض الربوية (أفسدت فرحة الجزائريين بالقروض الاستهلاكية وهي محرمه باتفاق العلماء). فيما يقول رئيس لجنة الإفتاء بالمجلس الإسلامي الأعلى الشيخ محمد الشريف قاهر، إن الصيغة التي تعتزم الحكومة إطلاقها خلال الفترة المقبلة فيما يخص القروض الاستهلاكية هي صيّغ حرام وغير جائزة ويمكن تصنيفها ضمن القروض الربوية، وأضاف الشيخ قاهر أن الحكومة يجب أن تتحمل مسؤولية إطلاقها لهذا النوع من القروض، حيث أن من يقترض 50 مليونا على سبيل المثال عليه أن يرجع 50 مليونا وأن أي دينار زائد عن هذه القيمة يصنف ضمن خانة الربا الحرام، خاصة وأن هذا النوع من القروض سيعاد إطلاقه خصيصا لبعض المنتوجات الوطنية والتي لا يمكن تصنيفها ضمن الخدمات. أما مصطفى زبدي، رئيس جمعية حماية المستهلكين، فيصف القروض الاستهلاكية بأنها (هديه مسمومة للجزائريين لاحتوائها على صيغه محرمه شرعا)، مؤكدا أن جمعيته كانت حاضرة في اللجنة المكلفة بدراسة القروض الاستهلاكية، وشددت على ضرورة إلغاء النسب الربوية منها، خاصة أن هذه القروض ستوجه إلى الطبقة المحتاجة والمتوسطة). من جهته أكد الخبير في الاقتصاد الإسلامي الدكتور فارس مسدور، أن اللجنة المكلفة بدراسة ملف القروض الاستهلاكية، تجاهلت المادة الثانية من الدستور وكذا عقيدة المجتمع الجزائري وانتماءه الإسلامي، لاحتوائها على فوائد ربوية تصنفها في دائرة الحرام، وستجعل الغالبية الكبرى من الجزائريين يمتنعون عنها. وقال مسدور في تصريحات سابقة ل(أخبار اليوم): )كان الأجدر بالحكومة أن تفكر في قروض استهلاكية تتماشى مع السبل المشروعة التي تضمن ربحا للبنوك وللمستهلكين، على غرار اعتماد صيغة المرابحة والبيع بأجل مع زيادة السعر.. وكل هذه الصيغ مربحة ومفيدة وتتماشى مع الشريعة الإسلامية). وتبدي الأحزاب الإسلامية معارضتها الشديدة لهذا النوع من القروض، حيث تتحفظ حركة مجتمع السلم، من قضية القروض الاستهلاكية لأنها تدخل ضمن (القروض الربوية المحرمة)، حيث أن فائدة هذه القروض من الناحية الشرعية سواء كانت قليلة أو كثيرة فهي محرمة لقوله عز وجل {يمحق الله الربا ويربي الصدقات}، متوقعة عدم نجاعتها عند الشباب الجزائري نظرا لتشبعه بالوازع الديني. وفي السياق طالبت جبهة العدالة والتنمية بإلغاء الفائدة من القروض الاستهلاكية، فيما يؤكد النائب عن الجبهة في البرلمان لخضر بن خلاف أن هناك (بدائل في الاقتصاد الإسلامي)، والتي تتمثل في (المشاركة والمضاربة (أين) يتقاسم الطرفان مسؤولية الربح والخسارة). وكانت الإذاعة الوطنية قد نقلت عن وزير التجارة، عمارة بن يونس، قوله إن القرض الاستهلاكي الموجه للمنتوج المحلي سيدخل حيز التنفيذ خلال الأسابيع القليلة القادمة (وقد يكون ذلك قبل بداية شهر رمضان) وذلك بهدف (تعزيز وترقية المنتوج الجزائري) مضيفا أن ذلك سيساهم في تخفيض فاتورة الاستيراد. ولفت بن يونس إلى أن (كل منتوج يصنع أو يركب في الجزائر مهما بلغت نسبه الإدماج فيه سيكون معنيا بهذا القرض)، مضيفا أن ثلث فاتورة الاستيراد التي تزيد عن 59 مليار دولار هي عبارة عن مواد استهلاكية فيما يتمثل الباقي في التجهيزات والمواد الأولية للصناعة والفلاحة ما يفرض تقليص الفاتورة المخصصة للاستهلاك عبر تشجيع الاستهلاك الوطني.