زاوج بين الإبداعات الحرفية والتظاهرات الثقافية اختتمت هذا الأسبوع بالشلف فعاليات شهر التراث بعد برنامج ثري ومتنوع من النشاط الثقافي والإبداعي بالمتحف الوطني العمومي عبد المجدي مزيان بوسط المدينة والذي استقطب اهتمام جمهور واسع من مختلف شرائح المجتمع الشلفي الذي تفاعل مع جل الفعاليات المنظمة طيلة شهر من النشاط. عرف المتحف طيلة شهر زخما متنوعا وغنيا من التراث الشلفي والوطني، حيث نظمت العديد من المعارض ببهوه وبرمج أكثر من 15 حفلا موسيقيا أندلسيا وشعبيا وورشات لإبراز إبداعات أنامل أطفال المدارس في الرسم والصناعات التقليدية وكذا في الموسيقى والمسرح والرقص وغيرها، مما أضفى جوا من المتعة والفرح على وجوه البراءة الذين توافدوا بكثرة رفقة أوليائهم. كما نشط أساتذة من جامعة الولاية بذات المناسبة محاضرات لتعريف الجمهور الوافد على مختلف الحقب التاريخية التي مرت بها عاصمة الونشريس. وفي هذا السياق تم عرض عبر العديد من الأجنحة إبداعات المرأة الشلفية المقيمة بالمدينة أو المناطق الريفية وبما جادت به أناملها في مختلف المجالات الإبداعية على غرار الخياطة الفنية وصناعة الحلويات العصرية والتقليدية والأشغال اليدوية والطرز التقليدي والعصري والفتلة والمجبود وصناعة الأواني الفخارية وغيرها من الصناعات التقليدية. كما حلت بالمتحف وفي نفس الإطار تظاهرة شهر التراث قافلة ثقافية ممثلة لأربعة متاحف من الوطن وهي خنشلةوتلمسان وتبسة والمنيعة بغرداية وهذا لتعريف الجمهور الشلفي بما تزخر به هذه المناطق من كنوز أثرية ومعالم تاريخية وتنوع ثقافي. حيث قدم القائمون على المتحف العمومي الوطني للآثار الإسلامية لمدينة تلمسان لزوار جناحهم شروحات حول العديد من الشواهد الأثرية بالولاية مدعمين ذلك بمطويات وصور ومنها ضريح الولي الصالح أبي مدين شعيب الأنصاري المعروف لدى عامة الناس ب (سيدي بومدين) الذي أصبح اسمه مقرونا بمدينة تلمسان وظل مزارا يؤمه النسّاك والزهاد من أصقاع عديدة من داخل وخارج الوطن، هذا بالإضافة إلى عرض صور لمناظر عامة لمدينة تلمسان القديمة والحديثة وأهم مناطق الاستقطاب السياحي بها على غرار هضبة (لالة ستي) بأعالي المدينة وعرض لبعض الصناعات والألبسة التقليدية. كما لم يفوت القائمون على جناح المتحف العمومي الوطني الإخوة الشهداء بولعزيز بولاية خنشلة فرصة توافد الزوار لتقديم شروحات والتعريف بمتحفهم الذي شيد بحي (الشابور) الغني بالمواقع الأثرية، وتعود بعض هذه المواقع إلى ما قبل التاريخ والحضارة الرومانية والبيزنطية والإسلامية، حيث تم إحضار بعض المكنوزات الأثرية منه ومنها الأواني الفخارية والقطع النقدية والتماثيل والفسيفساء. وفي نفس المسعى التعريفي بمتحفهم عمل القائمون على جناح المتحف العمومي الوطني بتبسة على السفر بزوارهم إلى ما يكتنزه هذا الأخير من آثار قيمة لعديد الحضارات التي تعاقبت على المنطقة، ومنها فترة ما قبل التاريخ والحضارة الأشولية والعاترية نسبة إلى موقع وادي الجبانة ببئر العاتر وغيرها، حيث أدى الاستقرار الاجتماعي بالمنطقة في فترات زمنية متعاقبة إلى تشييد المباني والحمامات الفخمة والمسارح التي بقت بعض شواهدها ماثلة إلى يومنا هذا، كما قدم لزوار الجناح تعريف لما تشتهر به الولاية من مأكولات وملابس تقليدية. ومن جانبهم اجتهد القائمون على المتحف العمومي بمنطقة المنيعة بغرداية على تعريف زوار جناحهم بما تزخر به المنطقة من معالم وشواهد أثرية تعود إلى العديد من الحضارات التي تعاقبت على المنطقة، بالإضافة إلى إقامتهم لمعرض لمختلف الألبسة التقليدية المعروفة بولاية غرداية على العموم ومنطقة المنيعة على الخصوص. وفي هذا الصدد أوضح ملحق بالحفظ بالمتحف العمومي الوطني عبد المجيد مزيان بالولاية هني منصور أن الهدف من مثل هذه التظاهرات هو إيجاد إطار للتبادل الثقافي بين مختلف متاحف الوطن وتعريف الجمهور الواسع بالدور الذي تلعبه المنشآت في حفظ التراث والتعريف به والتحسيس بأهميته للمحافظة عليه كذاكرة حية وشاهد على تاريخ الأمة عبر مختلف العصور والحقب. وأشار ذات المتحدث إلى عديد الأعمال التي تقوم بها هذه المنشأة الثقافية ومنها ربطه بمختلف المؤسسات التربوية بالتنسيق مع مديرية التربية بالولاية لتحسيس التلاميذ وبمختلف الأطوار التعليمية بأهمية التراث الثقافي عبر تنظيم زيارات استكشافية للمواقع الأثرية بالولاية بالتنسيق مع الجمعيات الناشطة في الميدان لغرس حب التراث في نفوسهم هذا، بالإضافة إلى علاقة التعاون والتبادل في هذا الإطار بين المعاهد المتخصصة في هذا المجال ومنها معهد الآثار بجامعة الشلف، حيث نساعد الطلبة على إعداد مذكرات التخرج ومدهم ببعض المعطيات حول المواقع الأثرية بالمنطقة بالإضافة إلى تنظيم محاضرات يؤطرها إطارات من المعهد ذوي خبرة وكفاءة في التخصص.