تعدّ المتاحف من أهم المؤسسات التي تعوّل عليها من أجل الحفاظ على التراث من الإندثار مع تثمين جميع الممتلكات الثقافية والتراثية التي من شأنها أن تمثل الحضارة العريقة لدولة عاشت عقودا وأزمنة مختلفة عبر العصور، كما أنها خزينة هامة لحماية الذاكرة التاريخية وتسجيل لحيثيات الحياة القديمة والسابقة التي عاشها الجزائريون ، الأمر الذي دفع بالجهات المختصة لمضاعفة عدد المتاحف عبر ولايات الوطن، وإعطائها حصة الأسد من مشاريع الترميم والتهيئة كونها شاهد حقيقي على عراقة الحضارة الجزائرية وفضاء آمن لحماية الممتلكات الأثرية الخاصة بالبلاد. وغالبا ما تضم هذه المتاحف مجموعة كبيرة من القطع الأثرية والفنية التي تشير إلى أهم الحقبات الزمنية في التاريخ حاملة بين ثناياها إرث حضاري وثقافي بالغ الأهمية لفترة ما قبل التاريخ وإبان الثورة التحريرية من رسومات صخرية وكتابات قديمة وعظام متحجرة ناهيك عن الفخار والمجوهرات ومجموعة أثرية أخرى تعود لفترات يونانية ورومانية كشواهد القبور والنصب التذكارية والنقوش الحجرية والرماح والنبال إضافة إلى الألبسة والأسلحة والتعويذات المرتبطة بمعتقدات دينية دون أن ننسى الحيوانات البرية والبحرية وقطع أثرية أخرى صنفت ضمن فروع خاصة بهدف التوضيع وتسهيل المعرفة على الزوار الذين يتعطشون للتعرف على هذه المنحوتات الأثرية كونها جسر هام للكشف عن ملامح الحياة التاريخية للشعوب السابقة. وقد سلطنا الضوء في هذا الملف حول بعض المتاحف على غرار المتحف الوطني أحمد زبانة بوهران الذي يحمل في جعبته الآلاف من القطع الأثرية والتحف التقليدية التي تمثل حضارة الباهية بالدرجة الأولى والبعض من حضارة الولايات المجاورة في الغرب الجزائري وبما أن وهران أقدم عاصمة جزائرية ولها تاريخ حافل وعريق فقد استوجب على السلطات المعنية إعطاء هذه المؤسسة المتحفية حقها من الإهتمام والرعاية حيث جنّدت لها جميع الوسائل الضرورية ليصبح متحفا مصنّفا ذا مقاييس ناجحة ومعتمدة وبرمجت له العديد من المشاريع الهامة، خصوصا أنه يضم فروعا كثيرة ألهمت الزوار وجعلتهم يقبلون عليها في كل مناسبة لا سيما التلاميذ وطلبة الجامعة الذين سيستفيدون قريبا من برنامج »الحقيبة المتحفية« خاصة أبناء المناطق النائية والمعزولة إضافة إلى مشروع إنشاء أول صندوق للأعمال الفنية الخاصة بالمبدعين الجزائريين منذ الإستقلال. لكن الأمر ليس كذلك بالنسبة لمتاحف تلمسان التي تعاني من عزوف الجمهور وابتعاده الكلي عن ما يسمى بالمتحف وهو ما أدخل هذه الأخيرة في حركة من الجمود ، علما أن ولاية تلمسان تضم ثلاثة متاحف وهي متحف »المدرسة« الذي أخذ حيزا كبيرا في إعادة التهيئة والترميم كونه يضم الآثار الإسلامية ومتحف »دار التاريخ والفن« الذي طالته بعض الترميمات في الفترة الأخيرة وهو حيّز للتعريف بالعمران القديم لتلمسان إضافة إلى متحف »المشروع« بدائرة بني سنوس ويهدف لحماية كل ما هو تقليدي بالمنطقة البربرية الأصيلة. ومن جهتها فإن الجزائر العاصمة تحتضن هي الأخرى 6 متحف على غرار المتحف الوطني باردو الواقع في ضاحية الجزائر مصطفى باشا والمتحف الوطني للفنون الجميلة الذي يعد من أكبر المتاحف في شمال إفريقيا والشرق الأوسط كونه يضم حوالي 8000 قطعة فنية دون أن ننسى ذكر القصور الأثرية مثل قصر "عزيزة" وهو مقر الديوان الوطني لتسيير وإستغلال الممتلكات الثقافية الذي برجع بناؤه إلى القرن 14 م وكذا دار "حسن باشا" الذي يعتبر من أجمل قصور القصبة السفلى، والمشكل الذي طرحناه في هذا الملف هو أن هذه المتاحف تعاني من قلة المخازن الخاصة بحفظ التحف مما يتسبب في فقدان قيمة التحف والمعروضات التقليدية. ولأن متحف الشيخ بوعمامة يعتبر من أهم المتاحف بولاية النعامة فكان لا بد لنا من تسليط الضوء عليه حيث عرضنا الإشكال الحقيقي الذي يواجه هذه المؤسسة المتحفية وهو "التصنيف" حيث أن هذا الأخير لم يصنف بعد كما أنه يحتاج إلى صيانة ناهيك على أنه ينشط دون وجود عمال، وهو ما رهن مستقبله كمتحف حقيقي.