وسط تخوفات كبيرة من ارتفاع الأسعار مع اقتراب الشهر الفضيل تستعد العائلات الجزائرية مبكرا لاستقبال شهر الرحمة والبركات بموائد تتزين بكل ما لذ وطاب، ومساجد تتعالى منها أصوات المناجاة طلبا للرحمة وتشع منها الأنوار فتكون مبعثا للبهجة وتجعل الفرد يستشعر قيمة الشهر الفضيل لكن ما يؤرق أغلب المواطنين هو الجشع المعلن من طرف التجار في ذلك الشهر الكريم ونسيان مبادىء الرحمة بالغير في أيامه الأمر الذي أجبرهم على المسارعة لاقتناء مختلف المواد خوفا من ارتفاع أسعارها. ياسف آسيا فاطمة شهر رمضان له نكهة خاصة لدى الأسر الجزائرية التي تولي الشهر اهتماما كبيرا بدليل انطلاق العائلات في التحضيرات على قدم وساق، وما ساعدها على ذلك لبس الأسواق لحلتها البهيجة فيجد المتجول نفسه محاصرا برائحة التوابل العطرة وبعض السلع الرمضانية الخاصة بهذا الشهر الفضيل كالفريك الذي زار المحلات وانطلقت النسوة في اختيار أجود أنواعه، دون أن ننسى الديول والقطايف والمشمش المجفف وهي كلها مواد رمضانية تجعل المائدة الجزائرية ذات نكهة خاصة تختلف عن نظيراتها العربية. حركية "مسبقة" تشهدها الأسواق اقتربت أخبار اليوم من بعض الأسواق ووقفنا على تلك الحركية الواسعة التي تشهدها الأسواق واصطفاف مختلف السلع الضرورية واسعة الاستهلاك خلال الشهر الكريم، اقتربنا من البعض منهم فأبانوا شروعهم في التحضير للشهر الكريم من خلال اقتناء بعض المواد منهم إحدى السيدات التي قالت إنها تعكف على اقتناء الفريك على اعتبار أنه مادة واسعة الاستهلاك خلال الشهر الكريم وفق ما يتطلبه الطبق الرئيسي(الشربة) وتتخوف كثيرا من ارتفاع أسعاره في الأيام المقبلة مثلما جرت عليه العادة في السنوات الماضية، بحيث يستقر سعره حاليا في حدود 300 دينار وهو مرشح للارتفاع مع اقتراب رمضان وقد يصل إلى 370 دينار لهذا فضلت اقتناءه على ذلك السعر لتتفرغ إلى تحضير أمور أخرى فهو شهر تتوسع فيه ميزانية الأسر كثيرا على حد قولها، فريق آخر من المواطنين راحوا إلى تخزين اللحوم والدجاج واغتنام انخفاض سعر ذاك الأخير بغرض تجميده والاستفادة منه في أيام رمضان خصوصا وأن المادتين معا بما فيها اللحوم الحمراء أو البيضاء تشهدان ارتفاعا ملحوظا في رمضان. التوابل الحاضرة الأولى عبر المحلات تبين أغلب النسوة والعجائز شغفهن الكبير بتحضير التوابل قبل بلوغ الشهر الكريم بأيام طويلة، فالتوابل هي سر نكهة الأطباق، بل حتى أنه لكل منطقة توابلها الخاصة التي تلائم طبق المنطقة، وحتى أن هناك بعض العائلات تتفرد بحفظ أسرار بعض خلطات التوابل المعدة خصيصا لهذا الشهر، السيدة (ف. ن) من العاصمة أخبرتنا أن جدتها ترسل لهم تزامنا مع رمضان علبة خليط التوابل الخاص بالمرق الأبيض وهذه الخلطة تحتفظ بها جدتها منذ القدم فهي إرث عائلتها، أما السيدة نصيرة فقالت إنها لا تروقها التوابل المعروضة في السوق وتحبذ جلبها من بعض المناطق التي تشتهر بها كبسكرة ووهران وغرداية ترى أن ذلك يضفي سرا على أطباقها الرمضانية، وما لاحظناه أن أغلب النسوة تفضل أن تقتني التوابل على أصلها الأول أي كحبوب وبذور وبعد ذلك تتفنن في درسها وخلطها ولكل سيدة طريقة في ذلك. طلاء البيوت واقتناء الأواني تقليد سنوي على الرغم من شكوى الكثيرين من اختلال الميزانية إلا أن عادات كثيرة التزم بها الجزائريون منذ أمد بعيد ولا يهمهم في ذلك المصاريف المستنزفة فهم يحبون استقبال هذا الشهر ببيوت تكتسي حلة جديدة فنجدهم يتسارعون لإصلاح وترميم بيوتهم وإعادة طلائها، كما أن السيدات بدورهن يصطفن أمام محلات الأثاث والأواني لشراء كل ماهو جديد وجميل فمن وجهة نظر بعض السيدات فشهر رمضان من الضروري استقباله بالأواني الجديدة وهذا يعتبر من أقدم التقاليد التي توارثها الجزائريون فطيبات هذا الشهر وبركاته لا تجسد إلا في كل ما هو جديد، ففي معتقد البعض أن الجديد يجلب الحظ الجيد والفأل الحسن ، هو ما قالته إيمان إذ رأت أن الشهر الكريم من شأنه أن يستنزف ميزانية كبرى شئنا أم أبينا. ووسط تلك التحضيرات يجد أغلب المواطنين أنفسهم في حيرة كبيرة وهم يكثفون الاستعدادات لاستقبال شهر يستنزف أكبر قسط من ميزانية الأسر محدودة الدخل.