تراجع حادّ في مداخيلها نتيجة انهيار أسعار النفط - هذه (نصائح) صندوق النقد لإنقاذ الاقتصاد الجزائري - شدّد المستشار بقسم صندوق النقد الدولي للشرق الأوسط وآسيا الوسطى ورئيس بعثة هذه الهيئة المالية بالجزائر زين زيدان على أنه على الجزائر اعتماد سياسة (احترازية) للاقتصاد الكلّي ومباشرة (إصلاحات هيكلية) في مجال الصادرات، وتعدّ خرجة زيدان بمثابة (تحذير) مباشر من الهيئة المالية العالمية للجزائر التي تواجه أزمة حادّة في المداخيل التي تراجعت كثيرا نتيجة انهيار أسعار النفط. قال السيّد زيدان في تصريح صحفي يوم الاثنين عقب لقائه مع وزير التجارة عمارة بن يونس بمقرّ الوزارة: (نعتقد أن هناك نوعين من السياسة التي يجب انتهاجها في هذا الظرف المتميّز بانخفاض أسعار النفط)، وأوضح أن الأمر يتعلّق بسياسة اقتصاد كلّي احترازية (تسمح بتقليص الطلب الداخلي من جهة وضمان تعزيز الميزانية من جهة أخرى)، وكذا تحسين التنافسية الخارجية للبلد وتفادي تضخيم الصرف، وأضاف أن هذه السياسات (تمكّن كذلك من تقليص الطلب على الواردات وتعزيز التنافسية الخارجية للعرض الخارجي الجزائري). أمّا السياسة الثانية فتتمثّل -حسب المتحدث نفسه- في إجراء (إصلاحات هيكلية من شأنها ضمان تنويع قطاع الصادرات وجعله أكثر تنافسية). من جهة أخرى، أكّد السيّد زيدان أن زيارته إلى الجزائر تندرج في إطار القوانين الأساسية لصندوق النقد الدولي من أجل التقييم الدوري للوضع الاقتصادي والمالي للبلدان الأعضاء في هذه الهيئة المالية الدولية. كما تندرج زيارة السيّد زيدان التي ستنتهي عهدته بالجزائر أواخر الشهر الجاري، في إطار تقديم للطرف الجزائري من سيخلفه في هذا المنصب وهو فرانسوا دوفان. من جهته، أكّد السيّد بن يونس أنه تطرّق مع وفد صندوق النقد الدولي إلى الوضعية الاقتصادية الحالية في الجزائر (بكلّ صراحة)، وقال: (اِلتقينا لتناقش ونحاول إيجاد حلول واكتساب خبرة صندوق النقد الدولي من أجل تسيير عدد من الملفات). يجدر التذكير بأن آخر تقرير لصندوق النقد الدولي حول الآفاق الاقتصادية الدولية الذي نشر شهر ماي الفارط أكّد أن نسبة نمو الناتج الداخلي الخام للجزائر خارج المحروقات يبلغ 8ر4 بالمائة و4ر4 بالمائة سنة 2016 (مقابل 1ر5 بالمائة سنة 2014). وفيما يخص الناتج الداخلي الخام الإجمالي للجزائر توقّع صندوق النقد الدولي تحقيق نسبة 6ر2 بالمائة سنة 2015 و9ر3 بالمائة سنة 2016 (مقابل 1ر4 بالمائة سنة 2014). وأوضح تقرير مؤسسة (بروتن وودز) أن الناتج الداخلي الخام النظري للجزائر يقدّر ب 2ر187 مليار دولار سنة 2015 و5ر197 مليار دولار سنة 2016. وتشير توقعات هذه المؤسسة المالية الدولية إلى أن إنتاج النفط والغاز الطبيعي للجزائر سيبلغ 98ر0 مليون برميل في اليوم سنة 2015 و99ر0 مليون برميل يوميا في سنة 2016 (مقابل 02ر1 مليون برميل يوميا سنة 2014). أمّا فيما يخص سعر توازن ميزانية النفط للجزائر فإن صندوق النقد الدولي يقدّر ب 1ر111 دولار للبرميل سنة 2015 و2ر110 برميل سنة 2016 (مقابل 8ر129 دولار للبرميل سنة 2014). وفي تطرّقه إلى الوضعية في البلدان المصدّرة للنفط لمنطقة الشر ق الأوسط وشمال إفريقيا (مينا)، أكد الصندوق في تقريره أن (الواقع الجديد للسوق الدولية للنفط يعزّز الاستعجال في التخلّي عن أنماط النمو الماضية القائمة على النفقات العمومية المدعّمة بالصناعة النفطية، حيث تكون الثروة النفطية متقاسمة من خلال عمليات الدعم والتشغيل في الوظيفة العمومية). كما أكّدت هذه الهيئة أن تلك الأنماط تعدّ السبب في ضعف نمو الإنتاج ولا تستجيب بشكل كاف لاحتياجات توفير مناصب الشغل وتنويع الاقتصاد، وبالتالي فقد أوصى هذه الفئة من البلدان بالانتقال إلى نموذج جديد يكون فيه القطاع الخاص المتنوّع محفزّا للنمو الاقتصادي وتوفير مناصب الشغل. وأضاف التقرير أن الجهود الرّامية إلى توفير تحفيزات لإنشاء مؤسسات خاصّة في قطاع الخدمات القابلة للتبادل وملاءمة التعليم مع احتياجات القطاع الخاص وزيادة فرص التشغيل في القطاع الخاص (ستسهم بشكل كبير في تحقيق أهداف تنويع الاقتصاد). وخلصت الهيئة المالية إلى القول إنه إذا ما أقدمت تلك البلدان على تأجيل هذه الإصلاحات فإنه من المحتمل أن يتمّ فيما بعد اللّجوء إلى تصحيحات (عنيفة ومكلّفة)، مضيفا أن انهيار أسعار النفط يؤكّد إلى أيّ مدى البلدان النفطية لمنطقة (مينا) مطالبة (بالتخلّي عن التبعية للنفط).