بحضور ثلاث زعيمات ورئيس ملاحق جوهانسبورغ.. تغيّب رؤساء ومشاركة عربية خافتة
شهدت قمّة الاتحاد الإفريقي ال 25 المنعقدة في جوهانسبورغ، عاصمة جنوب إفريقيا، أحداثا استثنائية خطفت الأضواء وسجّلت علامات فارقة على مدار جلساتها منذ السابع من جوان الجاري، والتي استمرّت حتى يوم أمس الاثنين. تمثّلت أبرز العلامات في القمّة الحالية في إلغاء مشاركات خمسة رؤساء وغياب عدد آخر من زعماء دول شمال إفريقيا ومشاركة ثلاث رئيسات يمثلن دولهن، فضلا عن حضور الرئيس السوداني عمر البشير اللاّفت رغم مذكّرة التوقيف الصادرة في حقّه من محكمة الجنايات الدولية. وفي استعراض للأجواء التي سادت القمّة ومفارقاتها عن القمم السابقة تمّ رصد ما يلي: * انعقاد أربع قمم جانبية قبيل قمّة الاتحاد الإفريقي تمثّلت هذه القمم في قمم (إيغاد، النيباد، مجلس الأمن والسلم الإفريقي، آلية مراجعة على مستوى الرؤساء). تظاهرات مؤسسات حقوقية مناهضة لمشاركة عبد الفتّاح السيسي ومطالبات باعتقاله ومطالبة محكمة الجنايات الدولية لجنوب إفريقيا بتوقيف الرئيس السوداني عمر البشير وحضور ممثّل عنها إلى جنوب إفريقيا. انطلاق أعمال قمّة الدول الإفريقية ال 25 باجتماع مغلق على خلاف العادة في أن تبدأ بجلسة افتتاحية. الاتّفاق على حسم القضايا الرئيسية في القمّة عبر المجلس التنفيذي لوزراء الحكومات لتسهيل مَهمّات واجتماعات رؤساء الحكومات. * القادة العرب يتغيّبون عن القمّة سجّل قادة عدّة دول غيابا غير مسبوق عن قمّة جوهانسبورغ ودول شمال إفريقيا العربية، حيث يترأس رؤساء الوزراء وفود بلادهم، بينما كان تمثيل ليبيا التي تعصف بها الحرب الأهلية على مستوى وزير خارجيتها محمد الدائيري، ومن المعروف أن الاتحاد يعترف بالحكومة الليبية في (طبرق)، في الوقت الذي تقف فيه الدولة المضيفة على مسافة واحدة من أطراف الصراع في ليبيا. كما يشارك في القمّة ممثّل رئيس الصحراء الغربية التي يعترف بها الاتحاد الإفريقي ولا تعترف بها الأمم المتّحدة، فيما تقاطع المغرب الاتحاد الإفريقي منذ العام 1984 احتجاجا على اعترافه بالصحراء الغربية، بينما شهدت القمّة مشاركة قوية من دول جنوب وغرب القارة، فيما لم يشارك من شرق إفريقيا الرئيس الجيبوتي والأريتيري والبورندي. وفي مظهر يقلّص فارق غياب الدول العربية -عدا السودان والصومال- حضر القمّة أمين عام جامعة الدول العربية نبيل العربي والرئيس الفلسطيني محمود عباس. وفي العموم حضر القمّة 25 من القادة الأفارقة بخلاف القمّة التي عقدت في أديس أبابا، في جانفي الماضي، حيث شارك قرابة 50 رئيساً من رؤساء الدول والحكومات. * ثلاث رئيسات وثلاث وزيرات تشارك ثلاث رئيسات في القمّة التي تحمل شعار (تمكين المرأة والتنمية)، وتصدّرت رئيسة ليبيريا إلين جونسون سيرليف مشهد القمّة لدى ترؤسها أهمّ اجتماعات جانبية في (لجنة التنمية ما بعد العام 2015) و(لجنة مراجعة النظراء). كما تشارك للمرّة الأولى رئيسة موريشوس أمينة غريب فقيم، وهي أحدث رئيسة جمهورية منتخبة وأوّل مسلمة تتولّى رئاسة جمهورية إفريقية في بلد يشكّل فيه المسلمون 20%. وكذلك شاركت ثلاث وزيرات في اجتماع المجلس الوزاري وهنّ وزيرات خارجية موريتانيا وكينيا وجنوب إفريقيا. * انعكاسات الهاجس الأمني طغت على القمّة الحالية حالة من الهاجس الأمني الكبير عقب بعض حالات التظاهر التي جرت على بعد كيلومتر ونصف من البوابة الرئيسية لمقرّ انعقاد القمة، كما شكّل تخصيص الطابق الأوّل للصحفيين وانعقاد جلسات القمّة في الطابق الخامس صعوبات إضافية على الصحفيين، وبالرغم من ذلك أظهرت الدولة المضيفة قدراتها وإمكاناتها في التحضير للقمّة، خاصّة في الجانب التكنولوجي. * جاكوب زوما في وجه العاصفة بذل رئيس جنوب إفريقيا جهودا كبيرة لتحسين صورة بلاده بعد تعرّضها لحرج إثر الأحداث التي واكبت القمّة، ومنها المظاهرات التي نظّمها رعايا بعض الدول الإفريقية في جنوب إفريقيا فترة ما قبل القمّة ومطالبات المنظّمات الحقوقية بالقبض على الرئيس المصري السيسي، إضافة إلى مطالبات تفعيل قرارات المحكمة الجنائية في حقّ الرئيس البشير، وهو ما دفع زوما إلى بذل جهود كبيرة من أجل تسهيل وصول البشير الذي تتّهمه المحكمة الدولية بجرائم ضد الإنسانية. كما تابع زوما استقبال أكثر من 15 رئيس دولة، حسب وصولهم تباعا إلى جوهانسبورغ والالتقاء بهم. * رئيس نيجيريا يخطف الأضواء بدوره، حظي الرئيس النيجيري محمد بخاري بمشاركة بارزة في القمّة، إذ ترأس قمّة مجلس السلم والأمن الإفريقي وقمّة المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا، فيما أكّد في كلمته لدى افتتاح قمّة مجلس السلم والأمن أن بلاده تتصدّر قيادة إفريقيا في فضّ النّزاعات الإفريقية من خلال التبرّع ب 100 مليون دولار لإنشاء قوّات التدخّل السريع الإفريقية، وأن جيش بلاده سيشكّل نواة تلك القوّات. وعلى عكس الرئيس بخاري، خفت نجم عميد الرؤساء الأفارقة، رئيس زيمبابوي روبورت موغابي، عميد الرؤساء الأفارقة وتراجع نفوذه بخلاف ظهوره البارز في القمم الماضية. كما تراجع ظهور الرئيس الأوغندي يورو موسيفيني، حيث ظهر هذه المرّة دون قبّعته المشهورة التي عادة ما يظهر بها، وقد يكون سبب خفوت ظهوره يعود إلى الانتقادات التي واجهها في القمّة الماضية حول تورّطه في الصراعات الدائرة بجنوب السودان ومساندته رئيس حكومة جنوب السودان سلفاكير ودعمه للأخير بقوّات عسكرية، ولم يترأس موسيفيني أيا من القمم الجانبية التي دأب على ترؤس بعضها في القمم السابقة. * البشير يصنع الحدث شكّلت مشاركة البشير في القمّة مادة سياسية وإعلامية دسمة تصدّرت الإعلام في جنوب إفريقيا ووسائل الاعلام التي تغطّي القمّة، كما تضاربت الأنباء حول مشاركته من عدمها. وأحيطت زيارة البشير بتكتّم شديد حتى وصوله إلى جوهانسبورغ، فضلا عن تدخّل رئيس جنوب إفريقيا شخصيا لتسهيل عبوره (البشير) عبر أجواء إثيوبيا وكينيا، وتنزانيا وزيمبابوي وزامبيا والموزمبيق ومن ثمّة الرجوع إلى السودان.