رغم تواصل الضغوط والتهديدات غزة تستقبل "أسطول الحرية 3" الاثنين انطلق أسطول الحرية الثالث إلى قطاع غزة المحاصر، على عدة مراحل، متحدياً كل التهديدات والضغوط والعقبات التي اعترضته في الساعات الأخيرة. واختار القائمون على الأسطول ومنظمو الرحلة البحرية التضامنية الإنسانية مع مليوني مواطن فلسطيني، نقطة في عرض البحر لتجمّع السفن، ومن ثم الانطلاق إلى مواجهة البحر وبحرية الاحتلال. ويحمل الأسطول الثالث كميات من المواد الطبية والإغاثية واحتياجات أخرى، لكنه يحمل رسالة أهم؛ وهي حق غزة في ممر مائي ينهي عنها الحصار المفروض منذ تسع سنوات، وينقذها من تفرد الآخرين في التحكّم بحرية سكانها عبر فتح المعابر، وإغلاقها وفق مزاجات أمنية وسياسية وعقوبات جماعية. ومع انطلاق سفن أسطول الحرية الثالث إلى غزة، زادت التهديدات، بمنع وصوله إلى ساحل القطاع المحاصر، في ظل مخاوف حقيقية لدى الكثيرين من أنّ يتم اقتياد السفن الخمس التي ستبحر إلى غزة وعلى متنها 80 متضامناً، إلى ميناء أسدود الإسرائيلي، كما جرى في مرات سابقة. في انتظار الأسوأ وعلى الرغم من توقّع الأسوأ من الاحتلال، إلا أنه من المستبعد أن تكرّر بحرية الاحتلال تجربة السفينة التركية (مافي مرمرة) التي جرى الاعتداء عليها في عرض بحر القطاع، وأدى هذا الاعتداء إلى استشهاد عشرة من المواطنين الأتراك، وقطع العلاقات بين أنقرة وتل أبيب. وفي موازاة التهديدات، تبرز إرادة المتضامنين وتصميمهم على الوصول إلى غزة، والمساهمة في كسر حصارها (رمزياً)، والتمهيد لإقامة ممر مائي لغزة يكون ممرها على العالم الخارجي. ويشارك في الأسطول متضامنون أوروبيون وبرلمانيون عرب من الجزائرالأردن والمغرب وراهبة إسبانية وحقوقيون وصحافيون، إلى جانب الرئيس التونسي السابق منصف المرزوقي والنائب العربي في الكنيست باسل غطاس، الذي تعرّض لتهديدات ، ويُتوقّع أن يتعرض لحملة مضايقات، عقب ذلك، إضافة إلى التحريض المستمر الذي يتعرض له. واستبقت الحملة الأوروبية لرفع الحصار عن غزة، وهي إحدى الجهات المنظمة لأسطول الحرية، الأحداث وطالبت تونس، حكومة ورئاسة، بضرورة توفير الحماية الدولية اللازمة للمرزوقي، الذي يتواجد على أولى سفن كسر الحصار التي انطلقت إلى المياه الدولية. ويقول عضو الحملة الأوروبية، رامي عبده ل (العربي الجديد)، إنّ الأسطول تعرّض للكثير من العقبات، وإحدى السفن تعطّلت بشكل مفاجئ، وكان يفترض أن يكون هناك بديل لها، مشيراً إلى أنّ تحالف أسطول الحرية أخذ قراراً بإطلاق السفن على مراحل. وغادرت السفينة الأولى وهي (ماريان) السويدية مساء الخميس جزيرة كريت اليونانية، وتم إلحاق عدد من الشخصيات المهمة وطواقم إعلامية بها، وفق ما يكشف عبده، الذي يؤكد أنّ ثلاث سفن أخرى انطلقت الجمعة، فيما ستنطلق السفينة المعطوبة، بعد إصلاحها أمس السبت. ويلفت عبده إلى أنّ الإبحار على عدة مراحل جرى التوافق عليه من أجل تجاوز كل العقبات التي يمكن أنّ تعوق انطلاق الأسطول، مشيراً إلى أنه (كانت هناك بعض الإشكاليات البسيطة مع السلطات اليونانية حول إحدى السفن، وتمت معالجتها والإبحار). ويؤكد أنّ (القيادة الميدانية للأسطول، ستلتقي في عرض البحر، وتختار الوقت المناسب من أجل التوجه مباشرة إلى غزة). "مصرون على المواجهة" وعن التهديدات الصهيونية، يقول عبده إنّ المتضامنين (يأخذونها على محمل الجد)، وأنّه جرى إيضاح أي إجراءات متوقع أنّ يتخذها الاحتلال بحق الأسطول والمتضامنين لجميع الأطراف الدولية والجهات المهمة، مؤكداً أنّ (الحملة الأوروبية قامت ببذل جهد كبير لاطّلاع المسؤولين الأوروبيّين والأمميّن على هدف الأسطول، ودعوتهم لضمان أمن الأسطول والمتضامنين). ولا يستبعد الحقوقي الفلسطيني أن يتعرض الأسطول والمتضامنين إلى اعتداء الاحتلال (الذي يتصرف كدولة فوق القانون)، مشدداً على أنه (سيكون لنا خياراتنا القانونية لمواجهة الاحتلال في كل المحافل الدولية)، ومشيراً في الوقت نفسه إلى أن الاحتلال لن يتحمّل وحده مسؤولية أي اعتداء، بل سيتحمّل المجتمع الدولي المسؤولية؛ لأنه قبِل أن (تؤخذ هذه التهديدات منحى الجدية، وتتحوّل إلى اعتداء، إذا ما حصل ذلك). من جهته، يوضح رئيس اللجنة الدولية لكسر الحصار على غزة والعضو المؤسس في تحالف أسطول الحرية، زاهر البيراوي، أنه من المنتظر الوصول إلى غزة يوم الإثنين إذا سارت الرحلة وفق مخططها، مؤكداً العزم الكبير الذي يحدو كل المشاركين لتحقيق هدفهم في بلوغ شواطئ غزة، وكسر الحصار عليها. ويشير البيراوي، من اليونان، إلى أن هناك خلطاً إعلامياً في بعض وسائل الإعلام التي تصوّرت أن الأسطول دخل الخميس في رحلته إلى غزة، مؤكداً (أنها المرحلة الأولى فقط من مراحل أسطول الحرية، وبدأت قبل شهر ونصف من الآن، عندما تحركت السفينة (ماريان) من السويد، وما تم الخميس ليس انطلاقاً للأسطول، بل خطوة من المرحلة الثانية من الخطة، وتتمثّل في وصول السفينة إلى الجنوب الشرقي لليونان، وقيام ثلاثة مشاركين وثلاثة إعلاميين باستقبالها في المياه الدولية). ويوضح أن المرحلة الهامة بدأت أمس، مشيراً إلى أنه جرى نقل عدد من المشاركين إلى المكان المحدد لركوب السفن والقوارب المشاركة في الأسطول الذي توجّه إلى شواطئ غزة. ويعتبر البيراوي من جهة أخرى أن نجاح المراحل الأولى يعكس عزيمة المتضامنين والمشاركين من دول العالم، وروح الفريق والتخطيط الدقيق الذي تشرف عليه اللجنة العليا للأسطول، ولكنه يعكس أيضاً الأجواء السياسية الإيجابية التي تعاملت بها حكومة اليونان مع الحملة، عكس ما حدث عام 2011، عندما رضخت حكومة اليمين آنذاك للضغوط الصهيونية ومنعت تحرك السفن. ويعرب عن تفاؤله بنجاح بقية المراحل والوصول إلى غزة، وكسر الحصار الظالم على أهلها، مؤكداً أن (التهديدات لا تخيف المشاركين)، وأن إعطاء الحكومة الإذن للجيش باستخدام السلاح لمنع وصول الأسطول سيعود سلباً على الاحتلال، ويزيد انكشاف وجهه أمام العالم كدولة إرهابية لا تراعي القوانين، ولا تحترم المعاهدات الدولية.