مشاكل اجتماعية وبيداغوجية بالجملة تهدد المستقبل العلمي للطلبة يشهد قطاع الخدمات الجامعية عبر التراب الوطني تدنيا كبيرا بدليل التقارير المرفوعة من الولايات في حصيلة لها للسداسي الأول من الموسم الدراسي الجامعي الجاري، والذي تؤكد بشأنه كل لوائح المشاكل والمطالب المدونة لدى مكتب الاتحاد الوطني للطلبة الجزائريين، عن سوء التسيير الذي يسير باتجاهات ومنحنيات معكوسة لا تخدم تطلعات الطلبة، الذين يحمّلون الإدارة هذا التدهور الذي يزداد من سنة لأخرى بالرغم من الميزانية الهائلة التي تخصصها الدولة سنويا؛ قصد توفير الجو المناسب للطالب، الذي هو مستقبل هذا الوطن. ولعل من أبرز المشاكل التي لاتزال تطفو على السطح بالرغم من المراسلات والشكاوي العديدة المرفوعة إلى مسؤولي القطاع والتي وقف عندها الاتحاد الوطني للطلبة الجزائريين مرارا، انعدام النظافة، خاصة بدورات المياه والمطاعم، إلى جانب رداءة الوجبات الممنوحة، ومشكل تأخر الامتحانات والإعلان عن نتائجها، في حين ركز هؤلاء على مشكل الإيواء والاكتظاظ الذي تشهده العديد من الإقامات التي أضحت اليوم شبيهة بالفنادق لكونها تحوي الطالب والعامل وحتى البطال في آن واحد، وهو ما يزيد من الاكتظاظ داخل الغرفة الواحدة التي تضم أكثر من 5 أشخاص في أغلب الأحيان، وكلها مشاكل وأخرى تم التطرق إليها بالتفصيل، والتي أدت بالاتحاد الوطني للطلبة الجزائريين إلى إعداد تقرير مفصل عن القضية، التي هدد بشأنها باللجوء إلى لغة الاحتجاج في حالة عدم استجابة الجهات المعنية إلى انشغالات هؤلاء الطلبة، الذين يبقى همهم طلب العلم في جو مريح وظروف ملائمة. تقارير عن أكثر من 20 مكتبا ولائيا تكشف الأوضاع تؤكد كل تقارير المكاتب الولائية التابعة للاتحاد الوطني للطلبة الجزائريين التي تحصلت »أخبار اليوم« على نسخ منها، على تعفن الوضع بقطاع الخدمات الجامعية، الذي أضحت مهامه لا تتوافق وتطلعات الطالب بالنظر إلى النقائص المسجلة التي تزداد تدهورا من سنة لأخرى بالرغم من التكاليف التي تدفعها الدولة للنهوض بهذا القطاع. غير أن الواقع يبرز عكس ما تطمح إليه السلطات وحتى الطالب، الذي يجد نفسه وسط السنة الدراسية مجبَرا على تحمل المشاكل والأعباء التي تواجهه بغية النجاح والتفوق لا غير. يحدث هذا في الوقت الذي أصبح اهتمام السلطات هذه السنة منصبا على قطاع التربية دون قطاع التعليم العالي، الذي أُهمل نسبيا بسبب المشاكل التي اعترضت التلاميذ والأساتذة منذ بداية السنة الدراسية. وتفيد التقارير الصادرة عن كل من مكتب مستغانم، سيدي بلعباس، الأغواط، الشلف، بجاية، العاصمة بكل فروعها، وهران، ورڤلة، ميلة وغيرها من المكاتب الولائية التي عرفت لوائح العديد من تقاريرها، تبين من خلالها الحالة السيئة والمتدنية التي وصل إليها القطاع، خاصة في ما تعلق بالإطعام الذي يشهد فوضى عارمة نتيجة تدني الوجبات وانعدام قائمة أسبوعية محددة، ناهيك عن الطوابير اللامتناهية التي تشهدها مختلف مقاعد الإطعام، مع حرمانهم من بعض المواد الاستهلاكية التي كانت تُمنح لهم في السنوات السابقة، هذا إلى جانب انعدام النظافة التي باتت من بين أهم ما يشغل بال المقيم بالأحياء الجامعية التي تشهد دورات مياهها تسيبا كبيرا وتعفنا ليس له حدود خاصة في الفترات المسائية، في الوقت الذي تقتصر عمليات التنظيف على الفترة الصباحية لا غير، مما يجعل من المكان الجو المناسب لتراكم الفضلات والأوساخ والقمامات بكل أشكالها، وبالتالي انتقال الأمراض والعدوى بين المقيمين. كما اجتمعت التقارير على مشكل انعدام التدفئة وتدهور حالة الأجنحة وبعض الغرف التي باتت قطرات الأمطار تتسرب بداخلها، ناهيك عن نقص الكتب بالمكتبات التي تشكو هي الأخرى من الضيق، إلى جانب نقص وسائل النقل الجامعي، والموجودة منها لا تتمكن من حمل كامل المتوافدين عليها، خاصة وأن العديد منها تشكو القدم ويسجل بموجبها تعطلات متباينة في الطرق مما يحرم الطلبة من الوصول إلى مقاعد الدراسة في الوقت المطلوب. كما تحدثت التقارير عن الانعدام التام في النشاطات الرياضية والثقافية والعلمية، إلى جانب انعدام قاعات للأنترنيت مثلما هي الحال بالنسبة للإقامات الجامعية بولاية الأغواطوالشلف والمسيلة وغيرها. هذا، كما تحدثت التقارير عن التأخر الكبير في الإعلان عن نتائج الامتحانات، وكشف النقاط الخاصة بالسداسي الأول، فيجد الطالب نفسه مجبرا على الانتظار والتحضير للامتحانات الاستدراكية، في حين تعاني بعض التخصصات في جامعات أخرى من عدم انطلاق امتحانات السداسي الأول بالرغم من أننا في السداسي الثاني، مثل ما يحدث بجامعة مستغانم! مصالح تفتقد للإطارات المختصة وتجتمع كل تقارير مكاتب الولايات التي تحصلت »أخبار اليوم« على نسخ منها، حول رأي موحد، والمتمثل في افتقاد أغلب المصالح التي يقوم عليها قطاع الخدمات الجامعية للإطارات المختصة، وبمعنى آخر انعدام الرجل أو المسؤول المناسب في المكان المناسب؛ الأمر الذي زاد من تعقيدات في الأوضاع وإلا كانت الأمور تسير وفق ما يسطَّر له. وفي هذا الصدد، يذكر تقرير ولاية سيدي بلعباس أنه سجل نقصا في الكفاءات، حيث يتم تسليم المناصب لغير أهلها. ويضيف التقرير أن هناك من لا يملك شهادة ويدير مصلحة، وهذه هي حال أغلب رؤساء المصالح، خاصة مصلحة الإطعام؛ مما ينتج عنه مشاكل في إدارة شؤون الطلبة. فروع ومكاتب العاصمة هي الأخرى لا تختلف عن سابقاتها في الأوضاع المزرية التي تعيشها الإقامات الجامعية، وحتى الحرم بذاته، شأن في ذلك إقامات دالي إبراهيم 1و2، وأولاد فايت الثلاث، وبني مسوس، وبوزريعة، والقبة، وخروبة، وباب الزوار وغيرها مما يدعو، حسب البيانات، إلى التدخل العاجل لوضع حد لمثل هذه المشاكل، التي باتت أكثر من هاجس يهدد المستقبل العلمي للطلبة المقيمين فيها. انعدام سيارات الإسعاف والإقامة غير الشرعية لعل من بين أكثر الأمور التي يتأسف لأجلها الطلبة هو انعدام سيارات إسعاف بالعديد من الإقامات الجامعية وحتى بأكبر الجامعات؛ الأمر الذي عقّد في كثير من الأحيان نقل الطلبة المرضى في الحالات الاستعجالية، مثل ما حدث بجامعة سعد دحلب بالبليدة منذ شهور، حيث أدى المشكل إلى وفاة طالبة وهي في طريقها إلى المستشفى بسبب تأخر وصول الإسعافات إلى عين المكان؛ مما اضطر إلى حملها بوسائل خاصة تابعة للأساتذة، وهو ما يدعو، حسب البيانات، إلى ضرورة إيجاد حل للمشكلة عن طريق توفير على الأقل سيارة إسعاف واحدة بكل إقامة أو جامعة، شأن تلك التي يوجد مقرها بعيدا عن المدينة كأولاد فايت وسيدي عبد الله وغيرها. هذا كما تحدثت البيانات عن الإقامة الشرعية بالعديد من الإقامات سواء منها المخصصة للفتيات أو للذكور. وتزيد الأمور تعقيدا عند منتصف الموسم الدراسي، حين يقل التفتيش الاحتياطي الذي عادة ما يُعتمد عليه في بداية السنة الدراسية، فتصير الإقامات مكتظة عن آخرها، خصوصا إذا تعلق الأمر بما يُصطلح على تسميته ب »الكلونديستان«، إذ تجد بعض الفتيات والشباب مكانا لهم بتلك الإقامات بغير وجه حق نظرا لكونهم أنهوا الدراسة، فيما توجد فئة أخرى عاملة تحبذ المبيت بالأحياء الجامعية لتفادي تكاليف الكراء وغيرها من الحكايات والمشاكل التي لا تُعد ولا تحصى. الاتحاد العام للطلبة الجزائريين يهدد بالإضراب هدد الاتحاد الوطني للطلبة الجزائريين باللجوء إلى لغة الاحتجاجات والإضرابات في حالة عدم الاستجابة لمطالبهم العالقة من طرف السلطات المعنية، بمن فيها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، بخصوص الوضعية المتدنية التي يشهدها قطاع الخدمات الجامعية، التي يعِد بشأنها الاتحاد تقريرا شاملا يبدو أنه، وحسب الشكاوي التي وصلت الاتحاد من طرف المكاتب الولائية عبر الوطن، أسود ولا يبعث على الارتياح بخصوص الأوضاع المتردية التي تشهدها مختلف الجامعات وإقاماتها، سواء ما تعلق منها بالمشاكل البيداغوجية أو الاجتماعية العالقة، حسب ما أكده الأمين العام للاتحاد في حديث ل »أخبار اليوم«، الذي يتهم فيه مدراء الخدمات الجامعية بالتهرب من المسؤولية التي يأخذونها على عاتقهم سوى شهري ديسمبر وجانفي؛ موعد الصفقات العمومية لا غير، متناسين أن وجودهم هو خدمة للطالب، مشيرا إلى أن اللجوء إلى الاحتجاجات سيكون في آخر المطاف في حالة عدم الاستجابة إلى مطالبهم التي لا يقابلها حوار جاد مع الجهات المعنية وعلى رأسها الوزارة الوصية، التي من المفروض أن تضع حدا لمثل ما يحدث في هذا القطاع الحساس؛ من تدنٍّ للخدمات، سواء منها البيداغوجية أو الاجتماعية.