التحق أمس أكثر من مليون 164 ألف طالب بمختلف المؤسسات الجامعية الموزعة على التراب الوطني، من بينهم 134 ألف من حاملي شهادة البكالوريا الجدد، حيث شهدت أولى أيام الدخول الجامعي الجديد أجواء عادية، طغت عليها الحركة الكثيفة على أقسام التسجيل في مسابقة الماجستير لمختلف التخصصات. خلال جولتنا الاستطلاعية التي قادتنا أمس، إلى جامعة بن يوسف بن خدة بالجزائر العاصمة قصد الاطلاع على الأجواء التي عاشتها الجامعة في أولى أيام الموسم الجامعي 2009 2010 لاحظنا حركة كثيفة للطلبة سيما الطلبة الجدد، بالإضافة الى الطلبة الذين هم بصدد اجتياز الامتحانات الاستدراكية فضلا عن الحركة الكبيرة التي عرفتها أقسام التسجيلات لمسابقة الماجستير. قالت ليلى الطالبة في السنة الثانية تخصص أدب عربي والتي كانت تستعد للدخول الى مدرج بن بعطوش، قصد إجراء امتحان استدراكي في أحد المواد أن الدخول الجامعي لهذه السنة لا يختلف عن سابقه، غير أنها أبدت تخوفها من تكرار المشاكل المطروحة في السنوات الماضية، سيما فيما يتعلق بندرة الكتب الجامعية، مشيرة الى بقولها لا يصح أن نتكلم عن منبر العلم دون أن نتكلم على أهم ما يقوم عليه وهو الكتاب، لتضيف زميلتها ليس من اللائق أن يدرس الطالب الجامعي في مثل هذه الظروف، فهل يمكن أن ننتظر تحصيلا جيدا في قسم يحوي 50 طالبا فمشكل الاكتظاظ يؤرقنا ولم نفهم كيف يتم توجيه الطلبة دون معايير مدروسة. كما عبر العديد من الطلبة الذين التقينا بهم بجامعة يوسف بن خدةّ، عن ارتياحهم من القرار الأخير الذي اتخذه رئيس الجمهورية والقاضي برفع نسبة المنحة الجامعية الى حدود 50 بالمائة، والتي اعتبروها محفزا للطالب الذي يعيش ظروفا اجتماعية صعبة، إلا أنهم طالبوا بضرورة تحسين أداء الخدمات الجامعية التي أصبحت بحسبهم تفتقر الى أدنى الشروط التي يحتجها الطالب، وعدم الاهتمام بالجانب الكمي على حاسب الجانب البيداغوجي والاجتماعي. في حين ربط أستاذ اللغة والأدب العربي بوشطارة خالد واقع الجامعة اليوم بما تعرفه الجزائر من تحولات في مختلف المجالات، مشيرا إلى أن الجامعة الجزائرية اليوم تعيش تحولا كبيرا ولكنه ليس استثنائيا لأنه انعكاس للوضعية السياسية، الاقتصادية، وكذا الاجتماعية والثقافية، إلا انه أكد بأن الجامعة الجزائرية خلال السنوات الأخيرة تسير نحو الأحسن، حيث طالب المتحدث بضرورة تحسين ظروف الأستاذ والطالب معا من أجل تفعيل أكثر لدور الجامعة في الحركة التنموية الشاملة التي تعرفها البلاد اليوم. ومن جانبها تطرقت المنظمات الطلابية الى المشاكل التي يعاني منها الطلبة والتي تتكرر مع كل موسم جديد، حيث طالبوا المعنيين بشؤون الطلبة بمعالجتها وعدم الوقوع في نفس الأخطاء، كما طالبت بالإفراج عن ميثاق أخلاقيات الجامعة التي كان وزير التعليم العالي والبحث العلمي قد وعد بتطبيقه خلال الموسم الجامعي الجديد حيث قال الأمين العام للاتحاد الوطنيي للطلبة الجزائريين بولقان إبراهيم بأنه يرى بأن الدخول الجامعي لهذه السنة يكون احسن من سابقيه، وذلك بالنظر الى عدة معطيات تتمثل أساسا في تراجع عدد الناجحين الجدد في شهادة البكالوريا الذي بلغ هذه السنة 133 ألف والذي قابله زيادة عدد الهياكل الجامعية التي تم انجازها مؤخرا، مشيرا الى رقم نبرة التفاؤل هذه لا يمكن أن تغطي النقائص المسجلة سيما مشكل الاكتظاظ حيث طالب الوزارة باستغلال هذه المعطيات في تحسين الجانب البيداغوجي والاجتماعي للطالب خاصة في الجامعات التي توجد في المناطق الداخلية على غرار تيسمسيلت، عين الدفلى والمدية، بالإضافة الى تطوير جانب الخدمات من خلال تحسين أداء المكتبات الجامعية وتزويدها بخدمة الانترنت التي أصبحت أكثر من ضرورة يضيف المتحدث، وفي هذا الجانب طالبت منظمة الاتحاد الوطني للطلبة الجزائريين بضرورة تحسين الخدمات الجامعية من إطعام ونقل وإيواء، وعدم الاهتمام فقط بجانب الصفقات العمومية. وعن ميثاق أخلاقيات الجامعة قال المتحدث بان وزير التعليم العالي كان قد وعد بالإفراج عنه هذه السنة، إلا أنه لا شيئ تحقق من ذلك سيما وأن اللجنة المشرفة عليها استكملت الوثيقة النهائية لهذا الميثاق، معتبرا بأن هذا الأخير سيعزز من مكانة الجامعة الجزائرية، ووضع حد نهائي لظاهرة العنف التي اجتاحت الجامعة في السنوات الأخيرة. ومن جانبه قال عضو مكتب الاتحاد الطلابي الحر بجامعة بن يوسف بن خدة معوش.م أن أولى المشاكل التي تعاني منها الجامعة اليوم هو مسألة العدد الهائل للطلبة خاصة في مجال العلوم الإنسانية، حيث طالب بحل مشكل الكم الهائل من الطلبة حيث يقدر عدد في المحاضرات ب 300 طالب للمجموعة، والذي يتعدى في أقسام التطبيقات 40 طالب للفوج، مؤكدا بأن هذا الأمر يؤثر على مردودية الأستاذ، من جهة وتحصيل الطالب من جهة أخرى، كما عبر عن استيائه لغياب التنظيم والتوجيه، سيما فيما يتعلق بجانب التحويلات الجامعية، كما تطرق الى نظام «أل أم دي» الذي قيل بشأنه الكثير حيث أعتبر المتحدث بأن الاتحاد العام الطلابي الحر لا يعارض هذا النظام من حيث الشكل وإنما يعارضه من حيث التطبيق، الذي يحتاج بحسبه الى توفير وسائل وإمكانيات خاصة، تفتقر إليها الجامعة الجزائرية اليوم. وجدير بالذكر أن الدخول الجامعي لهذه السنة سترافقه إصلاحات جديدة تهدف إلى تحسين نوعية التكوين الجامعي، أبرزها إنشاء أقسام تحضيرية للمدارس الوطنية في تخصصات العلوم والتكنولوجيا والعلوم الاقتصادية والتجارية والتسيير، وأقسام أخرى مدمجة في الإعلام الآلي والهندسة المعمارية وإنشاء مدارس عليا مختصة في التكنولوجيا والصحافة والعلوم السياسية والإدارة. وطبقا لتعليمات رئيس الجمهورية فان المنح الموجهة لطلبة التدرج ستدخل حيز التنفيذ ابتداء من موسم 2009/2010، حيث سيتم رفعها بنسبة 50 بالمائة، ولأول مرة ستمنح منحة شعرية بقيمة 12 ألف دينار جزائري لطلبة الدكتوراه، وفي سياق تطبيق البرنامج الخماسي 2010/2014 ستتدعم المرافق الجامعية بشبكة قطاعية ونظام إعلامي خاص بالتعليم العالي، وتأسيس قناة المعرفة خلال السداسي الثاني لعام 2010، وهو نمط تعليمي جديد يسعى إلى رفع التحديات التي يمليها مجتمع المعلومات واقتصاد المعرفة.