إنّ من أحبّ الأعمال إلى الله تعالى ما كان خالصاً لوجه الكريم فهو سبحانه أغنى الشّركاء عن الشّرك فمن عمل عملاً أشرك غير الله فيه تركه الله وشركه فإخلاص النّية لله ومراعاة ذلك في الأعمال كلّها هو جزء من العقيدة الصّحيحة فمن راءى النّاس راءى الله به ومن سمّع الناس سمّع الله به. والشّرك بالله ظلم عظيم وإثم كبير لا يغتفر والشّرك أنواع ودرجات أشدّها عبادة غير الله وأدناها أن يقوم الإنسان في مقامه وعبادته يرائي النّاس وهو الشّرك الخفي الذي قال عنه الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا هَذَا الشِّرْكَ فَإِنَّهُ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ فَقَالَ لَهُ مَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ وَكَيْفَ نَتَّقِيهِ وَهُوَ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ نُشْرِكَ بِكَ شَيْئًا نَعْلَمُهُ وَنَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لَا نَعْلَمُ) رواه الإمام أحمد. فمن النّاس من إذا صلّى أمام النّاس أحسن صلاته وإذا صلّى منفرداً لم يحسنها مع أن وقوفه منفرداً أمام الله تعالى أولى باستحضار عظمة ومراقبة من يقف أمامه وقد يتصّدق البعض بماله أمام النّاس ليحمد على ذلك ويمدح أو من يقاتل مختالاً لينظر النّاس إليه معجبون من شجاعته وإقدامه فكلّ هذا يعتبر من الرّياء والشرك الخفي فمن أراد الآخرة وأراد أن يُتقبّل عمله في المتّقين يجب أن يخلص النّية لله بل ويجددها دائما كلما وقف أمام الله تعالى. وقد عد الرياء من صفات المنافقين فهم يراءون الناس في أعمالهم وعباداتهم ولا يذكرون الله إلا قليلاً همهم كيف ينظر النّاس إليهم ولا يهمهم نظر الله إليهم قال تعالى في وصفهم: {يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً}.