حملة توزيع السكن التي شهدتها العاصمة مؤخرا والتي استفادت منها عدة أحياء من بعض المقاطعات على غرار حي ديار الشمس ومحمد بلوزداد أثارت ثائرة بعض المقاطعات الأخرى بعد إحساسهم بالتهميش والإقصاء وهم يرون أقرانهم يدخلون البيوت الجديدة، إلا أن ذلك الشعور هو في غير محلة خاصة وان المرحلون مروا بنفس المأساة التي يمر بها هؤلاء الثائرون ويستحقون مشاركتهم الفرحة لا القيام بتلك الثورة واتهام السلطات بعدم الالتفاتة إليهم. فالاستفادة من السكنات ستكون بصفة تدريجية وستمس الجميع بالنظر إلى سعي الدولة الحثيث في القضاء على البيوت الفوضوية وكذا القضاء على مشكل السكن برمته ومن جذوره لكن ليس في يوم واحد، وإنما وفق مراحل خاصة وان عملية ترحيل واحدة تتطلب تضافر الكثير من الجهود من اجل إحصاء عدد السكان وتوفير وسائل نقلهم فعمليات الترحيل هي ليست بالسهلة كما يظنه البعض، ذلك ما أكده مرارا وتكرارا المكلفون بتسييرها وما يظهر جليا للكل من خلال تلك الشاحنات المسخرة والآلاف من العمال، وسهر العديد من المصالح لإنجاح تلك العمليات وتحقيق راحة المرحلين ونقل لوازمهم إلى البيت الجديد. ذلك ما يؤكد أن الثورات القائمة هنا وهناك هي في غير محلها فالقضاء على مشكل السكن لا يكون في يوم واحد والترحيل لا يكون مرة واحدة وإنما وفق ادوار ومراحل والصبر هو جميل في مثل هذه الأمور، فالعائلات التي صبرت في الضيق الخانق لمدة خمسين سنة وبزغت عليها شمس الأمل مؤخرا بحي ديار الشمس بالعاصمة تؤكد أن الحلم بالسكن لم يعد بالحلم المستحيل في الجزائر وان المشاريع الكبر ى التي سطرتها الحكومة من شانها أن تستأصل مشكل السكن من جذوره. فما الجدوى من تلك الثورات والتخريب للمرافق العمومية الذي جرت أحداثه هنا وهناك بذريعة أحقية الكل في امتلاك السكنات، وهو بالفعل حق مشروع لا ينكره احد لكن طريقة المطالبة به هي غير قانونية البتة، ومن شانها أن تزرع نار الفتنة وتؤجج فتيلها بين المواطنين، خاصة وان جميع الأحياء الكفيلة بالترحيل ستأخذها الدولة بعين الاعتبار عبر مراحل مخططة ومنظمة وما على المواطنين إلا التحلي بالصبر وروح المسؤولية والحوار والابتعاد عن البلبلة و أساليب التعنيف. فمن غير اللائق أن تثور ثائرة البعض لكون أن إخوانهم في مناطق أخرى استفادوا من مساكن وكان من الأجدر الغبطة لذلك لاسيما وان اغلب، بل كل المستفيدين من سكنات في المراحل الأخيرة هم من مستحقيها كونهم ذاقوا مرارة الضيق وشقائه، أو ذاقوا الظروف المزرية التي مروا بها في بيوت فوضوية لا تليق للعيش البشري، لذلك نقول لا وألف لا لتلك الممارسات التي تحدث هنا وهناك والتي لا تليق بأعراف مجتمعنا المبنية على الاتحاد والتلاحم والتضامن ونختم كلامنا بالقول أن الصبر جميل وساعة الفرج ستأتي لا محالة.