عرب يعتبرونه معقدا جدا كلام الجزائريين.. هل يفهمه غيرهم؟ اللهجة الجزائرية يراها الكثير من العرب والمتتبعين لهجة معقدة جدا يصعب فهمها وهذا الفكر ترسخ أكثر مع طغيان القنوات الفضائية العربية التي غالبا ما تعتمد اللهجة السورية أو اللبنانية وحتى المصرية رغم عدم فصاحة كل هذه اللهجات لأنها حقيقة لا تعتمد نطق كل الحروف بطريقة سليمة لتعود أهلها على نمط معين من الكلام والغريب في الأمر أن العالم العربي يعرف أنماطا من الكلام الصعب كالخليجي مثلا إلا أن اللوم في عدم الفهم يقع فقط على عاتق اللهجة الجزائرية فما هو سر هذا الاختلاف والتباين والرفض لهذه اللهجة في وسط عالم اللسان العربي ؟؟ ي. آسيا فاطمة لطالما اعتبرت اللهجة الجزائرية من أصعب اللهجات المتداولة في العالم العربي فلا يخلو تعليق المتتبعين والناطقين باللغة العربية سواء كانوا عربا أو غير ذلك من النقد الشديد لهذه اللهجة بأنها صعبة وغير مفهومة ولكن ماهو سبب كل هذه التعليقات السلبية ؟ طبيعة اللسان الجزائري إن الباحث في علم اللسانيات سيجد أن اللسان المغربي ككل يعتمد تهميش بعض الحروف وتجاهل بعض الحركات أو إقلابها مثل بدء الكلام بحركة الجزم بدل النصب لسهولة نطقه عند هذه الشعوب وهذا راجع لأن طبيعة المغاربي ككل وخصوصا الجزائري تميل إلى الإسراع في الكلام وتهجينه نوعا ما بما كان قديما من لغة بربرية جبلية وقد وجد حقيقة تشابه كبير في طريقة النطق ومخارج الحروف مع بلدان عربية شقيقة كاليمنيين وبعض أرياف دمشق التي لازلت تطغى عليها اللهجة الجبلية القديمة ناهيك عن أن الجزائريين منذ القدم اعتمدو الحكم والأمثال في كلامهم نظرا لبلاغة حكمتهم آنذاك فلا يلفظ الكلام بصريح العبارة بل يشار إليه في معاني الكلام فقط ولعل أفضل مثال لهذا هو قصائد الغناء الشعبي التي لازالت محتفضة بما كان متداولا قديما من كلمات ومعان والملاحظ أن شباب اليوم وخصوصا سكان الوسط لازالوا يعتمدون أسلوب الإشارة للمعنى دون الحاجة إلى التصريح به بصريح العبارة وإن كانت معرفتهم بخبايا الحكمة ضعيفة ولغتهم ركيكة لطغيان الاختلاط عليها.
العامل التاريخي (استعمار متكرر) وهذا العامل يعتبر أهم عامل في تهجين اللسان الجزائري فعلى مر التاريخ عرفت الجزائر عدة فترات استعمارية تنوعت بين بيزانطية ورومانيبة وإيطالية وتركية وحتى تحرشات الإسبان بالسواحل الغربية وصولا إلى الإستعمار الفرنسي فبمرور الزمان اختلط اللسان الجزائري بكل هذه اللغات وكون قاموسا يحوي خليطا من كل هذه اللغات والباحث يمكنه ملاحظة بعض معاني الكلمات غير الموجودة في اللغة العربية مثل كلمة مسيد والتي تعني مدرسة ويعود أصل هذه الكلمة حقيقة للغة التركية القديمة ناهيك عن أن الجزائر كانت تعتبر أهم منطقة في المتوسط قديما وباعتبار أن لها مكانة لا يستهان بها نظرا لقوة أسطولها تعلم الجزائريون الكثير من اللغات وأدخلوا بعضا من الكلمات إلى قاموسهم اليومي فالجزائريون يمكن اعتبارهم من أكثر الشعوب قابلية لتعلم اللغات وإتقانها نظرا لتكيف اللسان الجزائري وسهولة نطقه جميع الحروف أما في ما يخص كثرة استعمال اللغة الفرنسية في كلام الجزائريين مؤخرا فهذا يعود لطول الفترة الاستعمارية الفرنسية في الجزائر ومحاولته بكل ما أوتي من قوة طمس الهوية الوطنية وفرض اللغة الفارسية في المدارس والمعاملات الإدارية وإجبار الشعب على التحدث بها هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن الفرنسية تعتبر ثاني لغة في الجزائر بعد الاستقلال ولعدم اعتماد اللغة العربية في بعض المناهج العلمية يجد الطالب نفسه مجبرا على تعلم هذه اللغة وبتأثير الدراسة تدخل الكثير من مفرداتها إلى قاموسه اليومي المتداول ولأن الاستعمار بطبيعته يترك التبعية له حتى بعد الاستقلال فإن الجزائريين ظلوا يخلطون الفرنسية بكلامهم حتى بعض مضي الفترة الاستعمارية. دور الإعلام الغائب ولأن للإعلام بكل أطيافه بالغ الأثر في تلقين الناس الثقافات المختلفة نجد أن السبب الرئيسي لرواج اللهجات المشرقية هو الإعلام والأفلام الغزيرة التي غزت بها السوق العربي ومؤخرا صرنا نشهد رواج اللهجات الخليجية رغم صعوبتها من خلال أفلام تعتمد في إنتاجها إمكانيات مالية ضخمة لجلب انتباه المشاهدين من خلال الديكورات المعتمدة وغيرها من مظاهر الثراء والبذخ التي تأسر المشاهدين ومن هنا نستنتج أن اللهجة الجزائرية ليست صعبة حقا كما يروج لها بل إن ما ينقصها هو بعض التهذيب والترويج لها من خلال الإعلام الناجح والهادف.