انتصارات إسلامية في زمن القوة والعزة حضارة الإسلام تقرع باب أوروبا في الأول من رمضان سنة 91ه بدأ المسلمون بالنزول إلى الأندلس وبدأ مع ذلك شعاع النور يضيء جنبات تلك البقاع التي أنشأ بها المسلمون حضارة امتدت ثمانية قرون من الزمن شيدوا خلالها صرحاً عظيماً بلغ عنان السماء في وقت كانت أوروبا تمرِّغ وجهها في وحول الجهل والفقر. أطلال بقي ما بقي منها شاهداً على جهود بذلت وعقول استهلكت بحثاً وعلماً حتى أخرجت فلذاتُ علمائها كنوزاً من الكتب والمؤلفات التي أخذها الغرب حين دخلوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وعاليها سافلها وقاموا بتدريسها في جامعاتهم فكانت الأندلس هي مصدر الإشعاع الأول الذي أسهم في النهضة العلمية في أوروبا. مقدمة الفتح العظيم بدأ فتح الأندلس بعد أن نجح القائد المسلم عقبة بن نافع في أن يفتح الجزء الشمالي من إفريقيا ووصل إلى المغرب الأقصى وكان ذلك سنة 62 ه (682 م) حين ذلك لم يجد حاكم تلك البلاد المعروف ب (يليان) بُداً من كتابة معاهدة صلح وسلام بينه وبين ابن نافع وصار يعمل في خدمة المسلمين. أتمّ عقبة بن نافع تقدمه حتى وصل بجيشه إلى مدينة (ماسه) وهي المدينة الواقعة على المحيط الأطلسي وقد ورت الروايات أنه اقتحم البحر بفرسه حتى بلغ الماء رأسها وهو يقول: يا ربِّ لولا أن البحر منعني لمضيت في البلاد مدافعاً عن دينك. عبقرية ابن نصير لما تولَّى موسى بن نصير ولاية إفريقيا والمغرب في عهد الوليد بن عبد الملك في عام 89 ه كان الجزء الأعظم من المغرب قد دان بالإسلام رغم مواصلة قبائل البربر التمرد والعصيان والردة الأمر الذي دفع بموسى بن نصير لتوطيد أركان الحكم الإسلامي في تلك المنطقة قبل كل شيء. وذلك بالبحث عن أسباب تلك الحالة من التمرد وعلاجها. يقول د. راغب السرجاني (موقع قصة الإسلام): (وفي بحثه عن أسباب هذه الردَّة المتكرِّرة وجد موسى بن نصير خطأين وقع فيهما مَنْ سبقوه: الخطأ الأول: أن عقبة بن نافع ومَن معه كانوا يفتحون البلاد فتحاً سريعاً ثم يتوغَّلُون داخلها طمعاً في فتح أماكن أخرى دون أن يُوَفِّرُوا الحماية لظهورهم ومن ثَمَّ كانت النتيجة أن البربر انتبهوا لهذا الأمر فانقلبوا على عُقبة وقتلوه وحتى يتغلَّب على هذا الأمر بدأ مُوسى بن نُصَير بفتح البلاد في أناة شديدة فبدأ يتقدَّم خطوة ثم يُؤَمِّن ظهره حتى أتمَّ الله عليه فتح هذا الإقليم مرَّة أخرى في سبع سنوات بينما استغرق عقبة بن نافع في فتحه شهوراً معدودات. الخطأ الثاني: أن سكان هذا الإقليم لم يتعلَّموا الإسلام جيداً ولم يعرفوه حقَّ المعرفة فبدأ بتعليمهم الإسلام فكان يأتي بعلماء التابعين من الشام والحجاز ليُعَلِّمُوهم الإسلام ويُعَرِّفُوهم به فأقبلوا على الإسلام وأحبُّوه حتى أصبحوا أهل الإسلام بعد أن كانوا يُحاربون المسلمين). وهكذا عمل موسى بن نُصَير على تثبيت دعائم الإسلام وتوطيدها في الشمال الإفريقي وولَّى على ميناء طَنْجَة (القريب جدًّا من الأندلس) أمهر قُوَّاده طارق بن زياد وبذلك يكون قد وضع قدمه في خطوة البداية لدخول إسبانيا. جزيرة طريف Tarifa استأذن ابن نصير الخليفة الوليد بن عبد الملك في فتح الأندلس بعدما خضعت بلاد المغرب الأقصى للدولة الإسلامية وعُيّن طارق بن زياد والياً على مدينة طنجة فوافق الوليد وأرسل أوامره إلى موسى بن نصير بضرورة التحرك نحو الأندلس. جهز موسى بن نصير حملة استطلاعية مؤلفة من خمسمئة جندي بقيادة طريف بن مالك وجاز هذا الجيش مضيق جبل طارق بمجموعة من السفن ونزل في جزيرة (بالوما) في الجانب الإسباني وعُرفت هذه الجزيرة فيما بعد باسم هذا القائد: جزيرة طريف ويطلقون عليها بالإسبانية Tarifa حتى وقتنا الحاضر.