عينت السلطة الأموية موسى بن نصير واليا جديدا لبلاد المغرب سنة 85 ه فاتخذ القيروان عاصمة لولايته وواصل حملاته العسكرية باتجاه المغرب الأقصى فأخضع المناطق الغربية لوادي ملوية وصولا إلى المحيط الأطلسي وجعل من مدينة طنجة قاعدة بحرية لتجهيز الجيش والأسطول لدخول الأندلس مستغلا انتشار الإسلام في صفوف البربر الذين اندمجوا في الجيش الإسلامي وكذلك الانقسامات السياسية التي كانت تشهدها الأندلس. وبدأت الغارات الأولى على السواحل الجنوبية للأندلس منذ سنة 91 ه ثم عين موسى بن نصير طارق بن زياد وهو من أصل بربري على جيش من 7000 مقاتل أغلبهم من القبائل البربرية مثل مكناسة وزناتة وهوارة... وانطلق الأسطول من طنجة سنة 92 ه/711 م وحقق انتصارا حاسما على جيش لذريق، والتحق موسى بن نصير بالأندلس ليدخل طليطلة وسرقسطة واشبيلية سنة 94 ه ولم تتوقف الفتوحات الإسلامية بل تواصلت على كامل الأندلس ثم وصل عبد الرحمان الغافقي إلى مدينة بواتيي الفرنسية سنة 114 ه/ 732 م وانهزم أمام شارل مارتال. تؤكد هذه المعارك والحملات التي قادها المسلمون في إفريقية وبلاد المغرب وصولا إلى الأندلس أهمية المشروع الحضاري الذي حمله المسلمون في مغارب الأرض والمتمثل في نشر الدين الإسلامي وتعاليمه لإخراج هذه المناطق من سيطرة المسيحيين الروم والبيزنطيين من جهة ومن الديانات الأخرى التي انتشرت في صفوف البربر. ولم يكن طول المرحلة الزمنية التي استوجبها فتح بلاد المغرب سوى دليلا على أهمية الصراع بين الدعوة إلى الإسلام والمقاومة التي تزعمها أصحاب النفوذ السياسي والاجتماعي الرافضين للدين الجديد الذي سلبهم تلك الزعامة والنفوذ ونزع عنهم كل سلطة تمكنهم من بسط سيطرتهم على السكان الأصليين للمنطقة أي البربر. كما تدل هذه الأحداث على أن أغلب القبائل البربرية دخلت الإسلام اقتناعا ورفضا للمعتقدات السابقة ولم تسلم نتيجة الحروب وحدة السيف والدليل على ذلك سهولة اندماج البربر في الحضارة الإسلامية ومساهمتهم في انتشارها ورقيها على غرار تزعم طارق بن زياد وهو بربري للجيش الفاتح للأندلس رغم تعدد القادة العرب. وتشهد الحضارة الإسلامية لبلاد المغرب على شدة اندماج العنصر الأصلي البربري في المجتمع الإسلامي الجديد من خلال المعالم الثقافية والعلمية والعمرانية لبلاد المغرب والتي قام فيها البربر بدور فعال وبنّاء.