الجزائر الثانية عالميا في استيراده *** يعتبر الجزائريون من الشعوب الأكثر اِستهلاكا للقمح في العالم حيث أكّدت دراسة فرنسية أن نصيب كلّ فرد جزائري هو 100 كيلوغرام من هذه المادة سنويا فيما حلّت بلادنا كثاني أكبر مستورد للقمح في العالم بعد مصر. كشف سيباستيان أبيس الباحث في مؤسّسة العلاقات الدولية والاستراتيجية وكاتب (الجغرافية السياسية للقمح) أن منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط التي تحوي 6 بالمائة من سكّان العالم (تستقطب ثلث مشتريات القمح) وأضاف (أن الجزائر المغرب ومصر تسجّل نسبة الاستهلاك الأعلى في العالم: 100 كلغ من القمح لكلّ شخص سنويا وهذا يشكّل ضعفي النّسبة في الاتحاد الأوروبي وثلاثة أضعافها في سائر مناطق العالم). وتابع ذات المختصّ في تصريحات لوكالة (فرنس برس) أمس: (مع الأسف تدفع نوعية التربة والمناخ وقلّة المياه والنمو السكّاني إلى إغراق هؤلاء باستهلاك مفرط) وأضاف أن القمح هو المنتج الزراعي والغذائي الأكثر تبادلا في العالم حيث تشكّل مصر المستورد الأوّل عالميا (أكثر من 10 ملايين طنّ سنويا) تليها الجزائر والمغرب وتونس والعراق وإيران وسوريا واليمن والسعودية. ووصف الباحث سوق القمح بأنها (سوق الخوف) موضّحا أن القوى الإقليمية تمارس (دبلوماسية الحبوب) لتعزيز سيطرتها على جيرانها على ما فعل الزعيم الليبي الرّاحل معمّر القذافي الذي كان يعيد توزيع جزء من وارداته في منطقة الساحل الإفريقي وهذا ما يسعى إليه السعوديون وما يمارسه الأتراك الذين يملكون 30 بالمائة من إنتاج المنطقة لكنهم يبقون من كبار المستوردين في المنطقة (4 إلى 5 ملايين طنّ) حسب المصدر. وعند سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على شمال العراق اِستولت على حقول النفط وكذلك القمح في سهل نينوى حسب جان شارل بريزار الخبير في شؤون تمويل الإرهاب. في 2011 أطلق مشروع (ويت إينيشاتيف) (مبادرة القمح) في أطر مجموعة العشرين وهو يشمل مراكز أبحاث وشركاء من القطاع الخاص من 16 بلدا وهو يقدّر أن حاجات القمح ستزيد بنسبة 60 بالمائة مع حلول العام 2050. ويرى أبيس أن فرنسا معنية بشكل خاص بحاجات منطقة المتوسّط وأوضح أن (القمح هو نفطها الذهبي) حيث صدّرت منه بقيمة 9 5 مليار أورو في العام الفائت وأضاف أن (هكتارا من خمسة يزرع في فرنسا يستهلك في مناطق جنوب المتوسّط) وهذا يحمّل البلاد مسؤولية خاصّة وأوضح: (في هذه المنطقة إن أزلتم الخبز عن المائدة لا يبقى الكثير). كما أن فرنسا تنتج كمّيات منتظمة بفضل مناخها المستقرّ فهي لا تشهد ظواهر قصوى كما يحدث في السهول الأمريكية الكبرى أو روسيا حتى موجة الحَرّ لم تعدل المحصول الفرنسي الذي يقدّر بحوالي 38 مليون طنّ سيصدّر ثلثها (70 بالمائة إلى خارج الاتحاد الأوروبي). وأضاف الباحث: (القمح هو في الواقع سفير اقتصادي أفضل من طائرات القتال) مطالبا ب (أوبك للقمح) على غرار منظّمة الدول المصدّرة للنفط (أوبك) التي تتّفق لضبط العرض والأسعار.