سجلت أسعار القمح ارتفاعا محسوسا على خلفية مؤشرات سوء المحصول الأمريكي وتوقّعات تقلبات مناخية مؤثرة، وأثّر ذلك أيضا على المناطق الأوروبية، مما ساهم أيضا في ارتفاع أسعار المادة الاستراتيجية في الأسواق، يأتي ذلك في وقت عادت فيه الجزائر إلى السوق بطلبيات كبيرة قدّرت بالنسبة للقمح بحوالي مليون طن. أشارت تقارير مختصة، أن التقلبات الجوية وقلة الأمطار في العديد من المناطق في الولاياتالمتحدة سيؤثر على نوعية وكميات المحاصيل، وبالتالي العرض في منطقة أمريكا الشمالية، هذا العامل يساهم في ارتفاع أسعار القمح بمستويات هي الأعلى منذ عدة أسابيع، وتؤثر هذه المؤشرات على عدة مناطق منتجة أخرى بما في ذلك أوروبا، مما يؤدي بالأسعار إلى الارتفاع عموما. وسجلت تقارير متخصصة، أن عدة مناطق منتجة في الولاياتالمتحدة، منها أوكلاهوما ونبراسكا، يمكن أن تتأثر بقلة سقوط الأمطار، وبالتالي نقص المحصول، وحتى مع تساقط الأمطار لاحقا، فإن ذلك لن يكون كافيا بما في ذلك في مناطق الإنتاج مثل كانساس وداكوتا الشمالية المتأثرة أيضا، وتعد الولاياتالمتحدة مصدرا رئيسيا للقمح والذرة وهي تصدر بالإضافة إلى كندا كميات من القمح الصلب والذرة باتجاه الجزائر. وقد انعكس هذا الوضع على أسعار القمح في بورصة شيكاغو، حيث سجلت المادة ارتفاعا محسوسا بنسبة 3 في المائة بعد أن تدنت في التداولات. يأتي ذلك في وقت سجل انتعاشا في الطلب أيضا مع طلبات من دول مثل الجزائر ومصر، فقد قامت الجزائر باللجوء إلى السوق الدولية بمناقصة تتضمن شراء 450 ألف طن من القمح، لكنها ارتفعت لتصل إلى 650 ألف طن من القمح اللين، تضاف هذه الكمية إلى أخرى في بداية السنة وشحنات سابقة بلغت حوالي 900 ألف طن. وتعتبر الجزائر ثاني دولة عربية بعد مصر التي تقتني ما بين 15 و18 مليون طن من الحبوب سنويا أغلبها من القمح، بينما الجزائر تقتني سنويا كميات متزايدة من الذرة أيضا. في نفس السياق، عرفت أسعار القمح في أوروبا أيضا ارتفاعا محسوسا نتيجة مؤشرات زيادة الطلب ووضع المحاصيل الأمريكية، إذ ارتفع سعر طن من القمح في البورصات الأوروبية ب 3 أورو، لتصل الى 193.75 أورو للطن، وبالتالي تقترب من مستوياتها القياسية في مارس المقدّرة ب 194 أورو. وأطلق الاتحاد عدة رخص للتصدير، على خلفية التراجع في سعر صرف الأورو مقابل الدولار، منها ألمانيا التي رفعت صادراتها ب 482 ألف طن. وتظل الجزائر من بين أهم المستوردين من أوروبا بالنسبة للقارة الإفريقية وأهم مصدّريها فرنساوألمانيا وبلجيكا، فضلا عن روسيا وأوكرانيا. وقد كشفت مصادر أوروبية متخصصة، عن اقتناء الجزائر لكميات من القمح في بداية جانفي الماضي بلغ حوالي 900 ألف طن من القمح اللين. واستغلت الجزائر في بداية السنة تراجع الأسعار لاقتناء كميات من القمح لضمان مخزون إضافي وتقليص الفاتورة من حيث التكلفة والسعر، وكانت الجزائر قد استوردت حوالي 11 مليون طن من الحبوب السنة الماضية وهي أعلى مستوى لها منذ سنوات. وتصنّف الجزائر من بين أهم المستوردين للقمح الصلب عالميا، في وقت لا يزال الإنتاج الوطني يعاني من تقلبات في مستوياته، حيث بلغ مستوى متدني خلال الموسم السابق ب 3.4 مليون طن، بينما تقدّر حاجيات السوق ما بين 7 و 8 مليون طن. وقد شكّل القمح أهم منتوج في الحبوب، لكنه عرف تراجعا محسوسا على خلفية شح الأمطار، ورغم محاولة الجزائر تطوير المردود والإنتاج بالشراكة مع دول منها فرنسا، إلا أن مستوى الإنتاج لا يزال ضعيفا، حيث لا يتجاوز في أفضل الأحوال 5 ملايين طن، وهو ما يجعل الجزائر دائما رهينة الواردات من الخارج، وتمثل فرنسا أهم مصدر للجزائر، لا سيما القمح اللين بنسبة 75 في المائة وحتى القمح الصلب بنسبة 40 في المائة، في وقت تحاول فيه الجزائر تنويع مصادر تموينها، حيث تتعامل مع حوالي 25 دولة من أوروبا وأمريكا اللاتينية وشمال أمريكا وآسيا وحتى بلدان عربية، منها العراق وسوريا.