في الذكرى ال 70 لقنبلة هيروشيما: الشرّ الأمريكي ما زال مسيطرا سبعون عاما تفصل بين حدثين تغيّرت خرائط وسقطت أمم واستأسدت أخرى 6 أوت 2015 مصر تحتفل بافتتاح تفريعة قناة السويس 6 أوت 1945 دُمّرت مدينة هيروشيما اليابانية أثناء الحرب العالمية الثانية. 70 عاما وما زالت الإبادة مستمرّة وأمريكا تفسد الحرث والنسل على كوكب الأرض طيلة 7 عقود من الزمان. فقد شنّت الولايات المتّحدة الأمريكية هجوما على مدينتي هيروشيما وناغازاكي باستخدام قنابل نووية بسبب رفض تنفيذ إعلان مؤتمر بوتسدام وكان نصّه أن تستسلم اليابان استسلاما كاملا دون أيّ شروط إلاّ أن رئيس الوزراء الياباني سوزوكي رفض هذا التقرير وتجاهل المهلة التي حدَّدها إعلان بوتسدام. وبموجب الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس هاري ترومان قامت الولايات المتّحدة بإطلاق السلاح النووي (الولد الصغير) على مدينة هيروشيما (يوم الاثنين 27 شعبان عام 1364 ه الموافق ل 6 أوت عام 1945 م) ثمّ تلاها إطلاق قنبلة (الرجل البدين) على مدينة ناغازاكي في التاسع من شهر أوت وكانت هذه الهجمات هي الوحيدة التي تمّت باستخدام الأسلحة النووية في تاريخ الحروب. قتلت القنابل ما يصل إلى 000 140 شخص في هيروشيما و000 80 في ناغازاكي بحلول نهاية عام 1945 حيث مات ما يقرب من نصف هذا الرقم في نفس اليوم الذي تمّت فيه التفجيرات ومن بين هؤلاء مات 15-20 متأثّرين بالجروح أو بسبب أثار الحروق والصدمات والحروق الإشعاعية تضاعفها الأمراض وسوء التغذية والتسمّم الإشعاعي ومنذ ذلك الحين توفي عدد كبير بسبب سرطان الدم والسرطانات الصلبة نتيجة التعرّض للإشعاعات المنبثقة من القنابل. وبعد ستّة أيّام من تفجير القنبلة على ناغازاكي في الخامس عشر من أوت أعلنت اليابان استسلامها لقوّات الحلفاء حيث وقّعت وثيقة الاستسلام في الثاني من شهر سبتمبر ممّا أنهى الحرب في المحيط الهادي رسميا ومن ثَمّ نهاية الحرب العالمية الثانية كما وقّعت ألمانيا وثيقة الاستسلام في السابع من ماي ممّا أنهى الحرب في أوروبا. * البداية في الثاني من أوت سنة 1939 وقبل بداية الحرب العالمية الثانية مباشرة كتب ألبرت أينشتاين للرئيس فرانكلين روزفلت وكان أينشتاين وعدّة علماء آخرين قد أخبروا روزفلت عن المجهودات التي قام بها النازيون في ألمانيا من أجل تنقية اليورانيوم 235 أو U-235 والذي يمكن أن يؤدّي إلى بناء القنبلة الذرّية. وبعدها وبوقت قليل بدأت حكومة الولايات المتّحدة الأمريكية إجراءات جدّية عرفت بمشروع منهاتان وكان هذا المشروع ببساطة يهدف إلى عملية تطوير أبحاث من أجل إنتاج قنبلة ذرية حقيقية. وخلال فترة عمل استغرقت ستّ سنوات بدأت منذ سنة 1939 وحتى سنة 1945 فإن أكثر من مليوني دولار صرفت على مشروع مانهاتان. في الساعة 5:29:45 حسب التوقيت المحلّي لمنطقة الجبال أيّام الحرب في يوم السادس عشر جويلية 1945 امتدّت كتلة نار بيضاء من حوض جبال (جيميز) في شمال (نيو ماكسيكو) إلى عنان السّماء التي كانت ما تزال مظلمة لتعلن تلك (الأداة) الدخول إلى عصر الذرّة. ضوء التفجير تحوّل بعدها إلى برتقالي حيث بدأت كرة النّار الذرّية تندفع بشدّة إلى الأعلى وبسرعة 360 قدم في الثانية ثمّ بدأ لونها في الإحمرار ثمّ بدأ اللّون يتقطّع حيث بدأت النّار تبرد وظهرت غيمة على شكل مشروم مكوّنة من بخار مشعّ بارتفاع ثلاثين ألف قدم وتحت الغيمة فإن كلّ ما تبقّى من تراب مكان التفجير هو قطع زجاجية ذات نشاط إشعاعي ولها لون أخضر وكلّ هذا نتج بفعل الحرارة الشديدة الناجمة عن هذا الفعل. لقد اخترق ذلك الضوء الناجم عن التفجير سماء ذلك الصباح الباكر إلى درجة أن ساكني المناطق المجاورة والواقعة بعيدا عن مكان التفجير يمكن أن يحلفوا لك بأن الشمس أتت مرّتين في ذلك اليوم ومن مراقبة ذلك التفجير فإن ردّ الفعل لدى العلماء كان مختلطا. إزيدور رابي شعر بأن توازن الطبيعة قد اختلّ وكأن الجنس البشري أصبح شيئا مهدّدا لكلّ قاطني العالم. جي روبرت أوبينهيدر ومن خلال بهجته بنجاح المشروع قال: (أنا أصبحت الموت محطم العالم) أمّا كين بينبريدج وهو مدير التجارب فقد قال لأبينهايمر: (الآن نحن جميعا أولاد كلبة). كثير من العلماء والمشاركين في هذا المشروع وبعد أن شاهدوا النتائج وقّعوا على التماس لإزالة ذلك الموحش الذي أوجدوه لكن اعتراضاتهم لم تلق إلاّ آذنا طرشاء بعدها لم يكن موقع التجارب المميت في نيو ماكسيكو هو آخر المواقع على الكرة الأرضية التي تجرى فيها التجارب الذرّية. * هيروشيما كما يعلم معظم النّاس فإن القنبلة الذرّية استعملت مرّتين التفجير الأوّل والأكثر شهرة كان في مدينة هيروشيما فقد أسقطت قنبلة يورانيوم تزن أكثر من 4.5 طنّ وأخذت اسما هو (ليتيل بوي) على هيروشيما في السادس من أوت سنة 1945. وقد اختير جسر أيووي وهو واحد من 81 جسرا تربط السبعة أفرع في دلتا نهر أوتا ليكون نقطة الهدف. في الساعة الثامنة وستّة عشر دقيقة كان 66000 قد قتلوا و69000 قد جرحوا بواسطة التفجير المتكوّن من 10 أطنان. كانت الأبخرة الناجمة عن التفجير ذات قطر يقدّر بميل ونصف وسبّب التفجير تدميرا كاملا لمساحة قطرها ميل كما سبّب تدميرا شديدا لمساحة قطرها ميلين وفي مساحة قطرها ميلان ونصف احترق تماما كلّ شيء. * ناغازاكي في التاسع من أوت سنة 1945 تمّت معاملة مدينة ناغازاكي مثل مدينة هيروشيما مع الفرق هذه المرّة بأن قنبلة بلوتونيوم هي التي أسقطت عليها. أطلق على القنبلة إسم (فات مان) وهذه المرّة أخطأت هدفها أيضا بمقدار ميل ونصف ومع ذلك فقد كان في وسط المدينة تقريبا وفي جزء من الثانية انخفض عدد سكّانها من 422 ألف إلى 383 ألف. * 39 ألفا قتلوا و25 ألفا جرحوا كان هذا التفجير أقلّ قليلا من 10 أطنان التقديرات من الفيزيائيين الذين درسوا التفجيرين قالوا إن القنابل التي سقطت استخدمت فقط 1 من عشرة من واحد في المائة من قدرتها التفجيرية. بعد قصف هيروشيما أعلن الرئيس ترومان قائلا: (إذا لم يقبلوا بشروطنا يجب أن يتوقّعوا أمطارا من الخراب تأتيهم من الهواء لم يرها أحد من قبل على هذه الأرض. إن دور التفجيرات في استسلام اليابان والتبريرات الأخلاقية الأمريكية لاستخدام هذه الأسلحة كان موضوع المناظرات العلمية والشعبية على مدى عقود عديدة). وكتب صموئيل ووكر في شهر أفريل عام 2005 عن التأريخ الأخير بشأن هذه المسألة: (يبدو أن الجدل حول استخدام القنبلة سيستمرّ) وأضاف قائلا: (إن المسألة الأساسية تكمن في إذا كان استخدام القنبلة ضروريا لتحقيق النصر في الحرب في منطقة المحيط الهادئ بشروط مرضية للولايات المتّحدة وقد انقسم العلماء في هذا الصدد على مرّ أربعة عقود). وأكَّد مؤيّدو استخدام تلك القنابل أنها تسبّبت في استسلام اليابان ومنعت وقوع خسائر على الجانبين خلال الغزو المخطّط لليابان: كان من المقرّر غزو كيوشو في شهر أكتوبر عام 1945 وغزو هونشو بعد خمسة أشهر. أشارت بعض التقديرات إلى أن خسائر قوّات التحالف قد تصل إلى مليون أثناء هذا السيناريو في حين قد تبلغ الخسائر اليابانية الملايين بينما قال المعارضون إنها جريمة غير أخلاقية وجريمة حرب وشكلا من أشكال الإرهاب الدولي. وقد أحيت مدينة هيروشيما اليابانية الذكرى السبعين لعملية قصفها بالقنبلة الذرّية من قِبل الولايات المتّحدة الأمريكية قبل نهاية الحرب العالمية الثانية. وفي حديقة السلام التذكارية التي أقيمت في هذه المدينة الواقعة غربي الأرخبيل في ذكرى الضحايا تجمّع صباح أمس عشرات الآلاف من الأشخاص يتقدّمهم رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي وممثّلون عن دول أجنبية. ونقلت وكالة (كيودو) اليابانية للأنباء عن عمدة المدينة كازومي ماتسوين دعوته قادة العالم إلى تجديد عزمهم على التخلّص من الأسلحة النووية ودفع جهود السلام (وفقا لما يجسّده دستور اليابان الرافض للحرب).