وصمة عار على جبين العرب والعالم المجاعة تنهش غزّة تتضاعف معاناة المواطنين يوماً بعد آخر في ظل إغلاق المخابز بسبب نفاد الدقيق وارتفاع سعر الأخشاب التي تستخدم لطهي الطعام إضافة إلى غياب شبه كامل لتكيّات الطعام الخيرية التي كانت تُشكّل ملاذاً لآلاف العائلات الفلسطينية طيلة حرب الإبادة المستمرة منذ 18 شهراً وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزّة فإن الاحتلال يتعمد ارتكاب جريمة التجويع الجماعي من خلال إغلاق المعابر المؤدية من وإلى قطاع غزّة منذ بدء حرب الإبادة الجماعية ومنع إدخال المساعدات بشكل كامل منذ ما يزيد عن شهر فقد منع إدخال 18600 شاحنة مساعدات و1550 شاحنة محملة بالوقود بالإضافة إلى قصفه أكثر من 60 تكية طعام ومركز لتوزيع المساعدات وإخراجها عن الخدمة. ق.د/وكالات يؤكد المكتب الإعلامي الحكومي أن الاحتلال تعمّد قصف واستهداف المخابز ووقف وإغلاق عمل العشرات منها ما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية وانتشار الجوع بوضوح بين المدنيين. وخلال الأسبوع الأخير عمد الاحتلال إلى قصف واستهداف ثلاث تكيات لتوزيع الوجبات الساخنة للسكان اثنتان منها في منطقة المواصي بخانيونس جنوبي القطاع التي يزعم الاحتلال أنها منطقة آمنة *عودة شبح المجاعة وانتشرت خلال العدوان عشرات التكيات التي تعد الطعام وتوزعه مجاناً على السكان وبات أكثر من 90 يعتمدون على المساعدات التي تقدمها الجهات الدولية والإغاثية العاملة في القطاع. وعدت أحد المصادر الرئيسية التي تزود السكان بالوجبات خلال شهور الحرب الطويلة. ويعمد الاحتلال إلى استهداف عدد منها بين الحين والآخر. كأن مشاهد القتل والنزوح والتدمير أصبحت خلف الجميع في قطاع غزّة ووحدها المجاعة وسبل مواجهتها غدت الشغل الشاغل للأهالي فمع مرور الوقت واستمرار إغلاق المعابر ومنع وصول المساعدات الإغاثية ونفاد ما تبقى من المواد الغذائية من الأسواق تعمقت المجاعة بشكل أكبر من ذي قبل وازداد الوضع سوءاً. في قطاع غزّة ما زال أطفال محمود كريمي ينتظرون من يأتيهم بالطعام بعد أن قضى والدهم بقذيفة عاجلته بينما كان ينتظر في طابور أمام أحد تكايا الطعام في مواصي خان يونس للحصول على وجبة لأبنائه إذ منذ لحظتها لم يتناولوا طعاماً قط.. رحل الأب وتوقفت التكية. توقفت كل مظاهر الحياة في قطاع غزّة ولم يعد بمقدور السكان الجوعى فعل شيء سوى التقلب على الأرض لكن في غضون ذلك بإمكان الاحتلال مواصلة حرب الإبادة والتجويع ومحو ما بقي من قطاع غزّة ومرة أخرى يضطر الأهالي الذين أفلتوا من القصف والقذائف الملتهبة للأكل من خشاش الأرض في خضم صراع مرير من أجل البقاء. ولم تعد مشاهد القصف جديدة على أهل غزّة بعد عام ونصف العام على الحرب وما تفرع عنها من قتل ودمار ونزوح وتشريد لكن كل هذا وسواه لا يساوي المجاعة كما يقول غزيون باتوا يتضورون جوعاً ولا شيء يشغلهم سوى البحث عن الطعام بعد أن توقفت التكايا عن تقديم الطعام المجاني وأقفلت المخابز أبوابها. معاناة مستمرة ويعاني النازحون الجدد الذين خرجوا من رفح تحت القصف العنيف والغارات الهستيرية حالة غير مسبوقة من الجوع وباتوا أمام كارثة حقيقية يقفون على حافتها بعضهم عاش المجاعة الأولى لكن الحالية تبدو أشد كما يقولون. وربما هذا ما نبه إليه المفوض العام ل الأونروا فيليب لازاريني بأن إغلاق المعابر ومنع الغذاء عن قطاع غزّة بات يهدد نحو مليوني فلسطيني بمواجهة المجاعة المميتة منوهاً بأن 25 مخبزاً يدعمها برنامج الغذاء العالمي توقفت عن العمل نتيجة نقص الدقيق والوقود. والأمر ذاته تفاخر به المتشدد بتسلئيل سموتريتش باستخدام التجويع سلاحاً ضد سكان قطاع غزّة وأنه لن يسمح بدخول المساعدات المتكدسة على المعابر ولا حتى حبة قمح واحدة وفق قوله فضلاً عن تدمير الحقول الزراعية والبساتين التي يعتمد عليها سكان غزّة في زراعة الخضراوات والبقوليات. وحسب شهادات الأهالي لم يكتف جيش الاحتلال بالقتل والتدمير وفرض الحصار المطبق بل ذهب أبعد من ذلك بتدمير آخر السلال الغذائية والمناطق الزراعية في قطاع غزّة لا سيما تلك الواقعة في محيط محور موراغ بين رفح وخان يونس بهدف تعميق المجاعة وتسريع وتيرتها.