الملاحظ في بعض الأحياء السكنية الجديدة مؤخرا هو اندلاع العراكات واحتدامها بين الفينة والأخرى في الوقت الذي رفع فيه بعض السكان القدامى شعار عدم التعايش مع المرحلين الجدد لاسيما الأحياء المحاذية للأحياء التي تشتمل على أحياء فوضوية والتي لم يحتمل قاطنوها ولم يتقبلوا جلب غرباء إلى أحيائهم في الوقت الذي يرون فيه أحقيتهم في تلك السكنات مما أدى إلى اشتعال فتيل الحرب بينهم· السياسة التي انتهجها البعض مؤخرا في المطالبة بحقوقهم لا تمت بصلة إلى السلوكات الحضارية، لاسيما وأنهم عزموا على مسك السلطات مسكة موجعة عن طريق أعمال العنف والشغب التي طالت العديد من الأحياء السكنية الجديدة وإعلان الفوضى فيها ونشر البلبلة، ليكون السكان الجدد ضحايا تلك المواقف، ووصل الأمر إلى حد الهروب والفرار من المسكن الجديد إلى نواحي أخرى بالأطفال خوفا من جعلهم فريسة لهؤلاء الثائرين، تلك السلوكات التي لم نعهدها أبدا في مجتمعنا إلا أنها ظهرت مؤخرا ومع حملة توزيع السكنات عبر العاصمة وضواحيها وصارت تلك الأحياء الجديدة المزوَّدة بمرافق جذابة مسرحا لحروب العصابات التي تتوسطها السواطير والخناجر وكذا حرق العجلات المطاطية مما أنزل الرعب على قاطني تلك الأحياء· ولعل اختلاف الطبائع كانت سببا في اشتعال تلك المعارك على غرار ما حدث في منطقة جنان السفاري التي عاد إليها الهدوء مع الأيام، حيث عانى فيها المرحلون وأبناؤهم الأمرين ووصل الأمر إلى حد الاعتداء على البنات والمساس بحرمة العائلات مما أدى إلى نشوب نزاعات بين الضحايا والقائمين بتلك الأفعال المشينة· وأضحت العراكات السيناريو المتكرر بأغلب الأحياء السكنية الجديدة بسبب وبدون سبب وكأن تلك الأحياء هي أملاك خاصة، بل هي أملاك عامة يحق للجميع الاستفادة منها انطلاقا من أحقية الكل في السكن، ولو كان الغضب والنرفزة صادرين من القاطنين بالبيوت الفوضوية فقط لهان الأمر وإنما حتى من طرف قدماء الحي الذين ثارت ثائرتهم بعد جلب المرحلين الجدد إلى مقاطعتهم، وكان من الأولى مشاركتهم غبطتهم وفرحتهم لا إعلان الحرب ضدهم· ذلك ما عايشه العديد من المرحلين الجدد ببعض الأحياء حتى في الحملة الأخيرة التي كانت فيها وجهة المرحلين منطقة السبالة بالدرارية التي عرفت هي الأخرى بعض المناوشات بين المرحلين الجدد، وذلك بعد الهدوء الذي عرفته مناطق أخرى كمنطقة جنان السفاري ببئر خادم، ذلك ما أعلمتنا به إحدى السيدات وهي أم لأطفال صغار قالت إنها ونظرا للعراكات التي حصلت بصورة متواصلة في الحي الذي رُحّلت إليه قررت المكوث ببيت أهلها بالنظر إلى خوفها الشديد على أطفالها ولم تطأه قدماها إلا بعد عودة الهدوء إلى الحي· هو حال عائلة أخرى التي أبقت باب مسكنها الجديد موصدا إلى غاية عودة الهدوء تدريجيا مع مرور الأيام خاصة وأن ثورة بعض الشبان لا يسلم منها أحد· هي الظواهر المشينة التي باتت تميز نفوس البعض ومست بأعراف مجتمعنا المبنية على التكافل والالتحام والتضامن، لذلك وجب دق ناقوس الخطر وأخذ الكل على عاتقهم مسؤولية النصح والإصلاح بدءا من الأسرة التي تعتبر هي الأساس في تربية النشء وتقويم السلوكات وكل أفراد المجتمع·