الآفة تزحف إلى المحيط الأسري جزائريات عرضة لأبشع صور العنف العنف ضد المرأة ظاهرة عالمية تتفاوت من مجتمع إلى آخر بحكم الأعراف والتقاليد والأنظمة والمجتمع الجزائري ليس بمنأى عن هذه الظاهرة فلا يمر علينا يوم دون أن نسمع عن حالات عنف تكون المرأة فيها الضحية الأولى لرجال اختلف تصنيفهم بين زوج وأب وأخ يشاركون في ممارسة العنف تحت ذرائع مختلفة بحجة تأديب المرأة. سارة بورويبة تشير الإحصائيات التي تصدر من وقت لآخر إلى مدى انتشار الظاهرة في المجتمعات العربية كما هو الحال عليه في الغرب حيث يعتبر العنف ضد المرأة من الطابوهات المنتشرة والجزائر من بين الدول التي تسعى إلى الحد من الظاهرة التي عرفت ارتفاعا في السنوات الأخيرة مما أدى إلى اتخاذ استراتيجيات وطنية تضع حدا لانتشارها بعد أن تعددت مسبباتها وكلها تنطوي تحت لفظ (تأديب المرأة) في حين نجد المجتمع الجزائري يواصل صمته حيال هذه القضية الشائكة التي تواصل رفع ضحاياها يوميا. امرأة من بين عشر نساء عرضة للعنف في الجزائر على غرار المجتمعات العربية لا تزال الجزائر تعاني السيطرة الذكورية التي تحط من مكانة المرأة سواء من طرف الأب الأخ أو الزوج إلى جانب سلطة الأعراف والتقاليد التي تساهم في إذلال المرأة وتثبت الدراسات الأخيرة للمعهد الاجتماعي أن امرأة من بين عشر نساء يوميا يتعرضن للعنف داخل منازلهن في حين تتعرض امرأة من بين خمس نساء للعنف في الشارع بشكل يومي وتشير أن أغلب النساء الذين بلغ عددهم 7042 حالة يتعرضن للضرب من قبل أزواجهن أو آبائهن وحتى الإخوة. عنف داخل المحيط الأسري وحسب تحقيق تضمن عينة من 2000 عائلة أظهر أن العنف ضد النساء يمارس داخل الأسرة في الغالب وتتراوح أعمار السيدات الضحايا بين 19 و64 عاماً وأفاد التقرير بأن الزوج هو أكثر أفراد الأسرة نزوعا إلى ضرب المرأة فيما يكون الشقيق هو أكثر من يمارس العنف ضدها ويشير التحقيق إلى أن 16 بالمائة من أفراد العينة تعرضن للإهانة و5 بالمائة تعرضن للضرب ويأخذ العنف حسب العينة أشكالا كثيرة أبرزها الضرب والطرد من المنزل حيث أثبتت الإحصائيات أن 5047 امراة ضحية العنف الجسدي في حين نجد 1570 حالة ضحية سوء المعاملة من طرف الأصول و273 حالة تعرضوا إلى العنف الجسدي إلى جانب تسجيل 24 حالة ضحية للقتل العمدي و4 حالات أخرى ضحية زنا المحارم كل هذه القضايا التي عرفت تنام في العشرية الأخيرة أرجعها العديد من المختصين إلى الابتعاد عن القيم الدينية والانحراف الخلقي ما يستدعي تكثيف الجهود لمحاربة الظاهرة. فرضية المجتمع الرجولي وراء الآفة إن الذهنيات السائدة في المجتمع الجزائري جعلت من الرجل يرسم لنفسه مكانة خاصة على حساب المرأة التي تتعرض لشتى أنواع العذاب والمآسي لأنها بكل بسلطة تبقى ذلك المخلوق الذي عليه الطاعة والرضوخ والمشورة في كل أمر وفي كل صغيرة وكبيرة وما لا يختلف عليه اثنان أنه رغم المكانة التي تحظى بها المرأة الجزائرية وما تلعبه من خلال حضورها الذي يضاهي نظيرها الرجل في العديد من المجالات بحكم المساواة التي تتمتع بها في إطار الدستور إلا أن الكثيرات يتعرضن لأبشع المعاملات سواء من قبل الأزواج الذين يعتلون رتب العنف ضد النسوة ناهيك عن العنف الذي تتعرض له من أطراف أخرى يوالون الزوج في الرتبة. واقع مرير تتكبده النسوة الحالات اليومية التي تتناولها الصحافة الوطنية تدعو إلى دق ناقوس الخطر كما أنها تجلب الشكوك حول صحوة ضمير البعض بعد أن فضلوا اقتراف الظلم في حق عماد المجتمع وفي حق امرأة لا حول لها ولا قوة لها أمام جبروت الرجل الذي لا يتوانى في استعراض عضلاته أمامهن. خلال زيارة أخذتنا إلى مصلحة الطب الشرعي بمستشفى القبة وجدنا السيدة مليكة وهي واحدة من بين النساء اللائي وجدناهن داخل المصلحة ويبدو أنها متعودة على زيارة هذا المكان نتيجة العنف الممارس ضدها من قبل الزوج الذي حوّل حياتها إلى جحيم لا يطاق تقول السيدة مليكة إن زوجها يثور لأتفه الأسباب ولا يتأخر في استعمال العنف بل لا يبالي حتى بالطريقة التي يستعملها في ذلك ويضربها بأي شيء يجده أمامه. أما السيدة فاطمة هي الأخرى أكدت أنها كانت تظن أن زواجها سيخلصها من تسلط إخوتها الذكور إلا أنها وكما تقول اكتشفت أن العنف في مجتمعنا صفة تلتصق بالرجل مهما كان سواء كان زوجا أو أخا أو أبا وهي اليوم تتحمل عنف زوجها وتأتي إلى المصلحة دون علمه لتلقي العلاج واستخراج شهادة مرضية تخبئها علها تفيدها في يوم من الأيام وأضافت أنها تتحمل كل هذا العنف والإهانة من أجل أبنائها فقط والكثيرات من النساء يؤتى بهن إلى المصلحة عندما تسوء حالاتهن الصحية وهذا يبين أن ما خفي فعلا كان أعظم لأن أغلب الحالات تكتفي بالصمت. المجتمعات الغربية أيضا تعاني من الظاهرة لا تختلف المجتمعات الغربية على المجتمعات العربية في انتشار ظاهرة العنف حيث نجد أن الظاهرة في بريطانيا التي تعد من أعرق الديمقراطيات في العالم ترتفع إلى حد الجنون والمشكلة أن العنف الذي يرتكب ضد المرأة في هذا البلد يتسع بحيث يشمل كل الفئات العرقية والدينية دون استثناء حيث أن 45 في المئة من نساء بريطانيا عايشن نوعا من العنف ضدهم وقد نشرت صحيفة (اندبندنت) البريطانية إحصائيات عن حالات العنف ضد المرأة بمعدل 145.000 حالة وبزيادة سجل معدلها ب 15 في المئة مقارنة بالعام الماضي وقد صنفت الحالات بين الاعتداء الجنسي بزيادة 20 في المئة والاغتصاب 15 في المئة مقارنة بالسنة الماضية وكل 9 دقائق تسجل حالة اغتصاب وثلاث أرباع ضحايا العنف المنزلي هم نساء متزوجات يمارس عليهن العنف من قبل شريك حياتهن.