لا يمر يوم دون أن نسمع عن حالات عنف تكون فيها المرأة الضحية الأولى لرجال اختلف تصنيفهم بين أب، زوج أو أخ واشتركوا في ممارسة العنف ضد المرأة تحت ذرائع مختلفة، عنف أوجده الرجل بحجة تأديب المرأة وجد له مؤيدين داخل المجتمع الذي يواصل صمته حيال هذه القضية الشائكة . حسب دراسة أصدرها المعهد الاجتماعي الجزائري فان امرأة واحدة من عشر نساء يتعرضن للعنف داخل البيوت، وأن امرأة واحدة من خمسة تتعرض للعنف في الشارع. وحسب تحقيق تضمن عينة من 2000 عائلة، أظهر أن العنف ضد النساء يمارس من داخل الأسرة في الغالب، وأن امرأة من بين 10 تتعرض للعنف بشكل يومي. وتتراوح أعمار السيدات الضحايا بين 19 و64 عاماً. وأفاد التقرير بأن الزوج هو أكثر أفراد الأسرة نزوعا إلى ضرب المرأة، فيما يكون الشقيق هو أكثر من يمارس العنف ضدها، في حال النساء المطلقات والأرامل. ويشير التحقيق إلى أن 16% من أفراد العينة تعرضن للإهانة و5% تعرضن للضرب ويأخذ العنف، حسب العينة، أشكالا كثيرة أبرزها الضرب والطرد من المنزل باستعمال القوة، والعنف اللفظي والتضييق من خلال التهديد بالطرد. كما تستقبل المشافي الجزائرية كل عام، آلاف النساء من ضحايا العنف، في وقت تحاول فيه العديد من الجهات الرسمية والأهلية، وأيضاً الأممية، رصد هذه الحالات اللاإنسانية، وتثقيف المجتمع نحو احترام المرأة، التي كان الرفق بها واحترامها آخر وصايا الرسول الكريم محمد _صلى الله عليه وسلم. وحسب أحد عمال مصلحة الطب الشرعي بمستشفى مصطفى باشا الجامعي فإن عدد النساء اللواتي تم استقبالهن بالمصلحة بسبب تعرضهن للعنف، بلغ حوالي 9000 امرأة . وأغلب حالات الاعتداء تقع في المنزل العائلي، بحيث تتعرض إما الزوجة، البنت أو الأخت للعنف من طرف احد أفراد العائلة، ومما زاد من انتشار الظاهرة حسب ذات المصدر هو تفضيل الضحايا الصمت، والتكتم عما تعرضن له بسبب الخوف من العواقب كالطرد من المنزل، خاصة وأن الإبلاغ عن الحادث يعتبر في نظر الكثيرات منهن عارا سيلاحقهن من طرف المجتمع، الذي يجعل منهن متمردات على العادات والتقاليد. والكثيرات من النساء يؤتى بهن إلى المصلحة عندما تسوء حالاتهن الصحية وهذا يبين أن ما خفي فعلا كان أعظم لأن أغلب الحالات تكتفي بالصمت، وقد وصلت الكثيرات من النساء إلى المصلحة في حالة يرثى لها وأذكر أنه في إحدى المرات تم استقبال فتاة تعرضت لضرب مبرح من طرف إخوتها الذكور، وقد تسبب أحدهم في فقدانها البصر في إحدى عينيها بلكمة قوية. أما أسوا الحالات المؤسفة التي تصل المصلحة هي حالات القتل وبأبشع الطرق التي تعرضت له نساء في مقتبل العمر بسبب الزوج في أغلب الأحيان، حيث استقبلت المصلحة في الصيف الماضي جثث نساء تعرضن للذبح والتنكيل بجثثهن من طرف الزوج بسبب الشك في سلوكهن، كما تم استقبال جثة فتاة تعرضت للقتل من طرف صديقها بعد أن غدر بها. الجولة التي قادتنا إلى مصلحة الطب الشرعي أزاحت الستار عن كثير من الأمور المسكوت عنها في مجتمعنا فعدد النساء اللاتي كن في المصلحة أو زرنها يوما ما يقدر بآلاف والجميع وقعن تحت طائلة العنف وتحت جبروت رجل لم يتوان في استعراض عضلاته أمامهن والسيدة خدوجة واحدة من بين النساء اللاتي وجدناهن داخل المصلحة، ويبدو أنها متعودة على زيارة هذا المكان نتيجة العنف الممارس ضدها من قبل الزوج الذي حول حياتها إلى جحيم لا يطاق تقول السيدة خدوجة إن زوجها يثور لأتفه الأسباب ولا يتأخر في استعمال العنف، بل لا يبالي حتى بالطريقة التي يستعملها في ذلك ويضربها بأي شيء يجده أمامه. أما السيدة فاطمة فقد أكدت أنها كانت تظن أن زواجها سيخلصها من تسلط إخوتها الذكور إلا أنها وكما تقول اكتشفت أن العنف في مجتمعنا صفة تلتصق بالرجل مهما كان، سواء كان زوجا أو أخا أو أبا، وهي اليوم تتحمل عنف زوجها، وتأتي إلى المصلحة دون علمه لتلقي العلاج واستخراج شهادة مرضية تخبئها علها تفيدها في يوم من الأيام، وأضافت أنها تتحمل كل هذا العنف والإهانة من أجل أبنائها فقط. النساء أولى ضحايا العنف في المجتمع أظهر أحدث دراسة تحمل عنوان ''العنف ضد النساء في الجزائر'' أنه في سنة واحدة سجلت 144 حالة اغتصاب وإحصاء ما يقارب 9040 امرأة كن ضحية عنف بمختلف أشكاله. وبلغ عدد قضايا الاعتداء ضد الجنسين 172 قضية، إذ تأتي الجزائر العاصمة في مقدمة العنف، تليها مدينة سطيف ( 60 قضية ثم مدينة وهران 55 قضية. الدراسة التي أعدتها قيادة الدرك الوطني الجزائري، وتحت إشراف الملازمة الأولى ب.وهيبة التي أكدت أن عدد قضايا الاعتداءات ضد النساء الجزائريات ارتفعت خلال الفترة الممتدة من شهر يناير إلى فبراير من هذه السنة، حيث تم تسجيل 530 قضية تأتي على رأسها قضية الضرب والجرح العمدي ضد القصر والبالغين، وقضايا أخرى منها اقتحام المنازل والتعدي على النساء في البيوت، وقضايا التهديد بالقتل ضد النساء. كما سجلت 52 قضية تدخل في إطار''الجنح الأخلاقية'' منها الاعتداءات الجنسية على الابنة أو الأخت، والتحريض على الدعارة لجلب المال، كما سجلت عشرات من حالات الاختطاف ضد البنات القاصرات منذ بداية السنة الحالية. وقد جاءت هذه الدراسة الرسمية والميدانية لتكشف العنف الخطير الذي يمارسه المجتمع الجزائري ضد نسائه بكل الطرق والأشكال، وهي دراسة موازية المعهد الاجتماعي جاء فيها أن أول ضحايا العنف السلوكي في الجزائر هن النساء والأطفال من كل الأعمار. وجاء في الدراسة أن القانون ''الحالي'' لا يحمي النساء حماية حقيقية، لأن الثغرات الخطيرة تجعل بإمكان المعتدي الرجل أن ''يخرج'' بريئا من اعتداء خطير ضد امرأة، بالخصوص الاعتداءات الجنسية التي تحدث في الغالب ويتم التبليغ عنها في وقت متأخر مما يجعل إيقاف المعتدي مبني على ''احتمالات'' في غياب مواد قانونية صارمة تعاقب المغتصب كما تعاقب القاتل والي أن يتمكن المجتمع من إلغاء أفكاره البدائية التي تعطي الحق للرجل دائما وتبحث له عن مبررات لأفعاله العنيفة وجب إيجاد حلول عاجلة للحد من ظاهرة العنف ضد النساء..