الاعتداءات الجنسية...خطر يهدّد أطفال الجزائر * الظاهرة عرفت تناميا رهيبا في السنوات الأخيرة الاعتداء الجنسي هو من الجرائم الخطيرة التي عصفت بالأسر الجزائرية بطريقة ملفتة للانتباه هذه الظاهرة التي طفت إلى السطح مؤخرا لتنخر جسد الأسرة الجزائرية وتغلغلت فيها إلى حد لا يمكن للعقل البشري تقبله ولحقت حتى بالأطفال في محيطهم الأسري مما يوجب دق ناقوس الخطر وتضافر الجهود من أجل مواجهة هذه الجرائم. سارة بورويبة التحرش الجنسي أو سرطان العصر الجديد مهما اختلفت تسميته أو تعريفه فإن نتائجه أبشع من مفهومه نظرا إلى المخلفات والأضرار الجسدية والنفسية وحرمان القاصر فتى أو فتاة من أن يعيش حياة طبيعية وتدمير مستقبلهم حقائق استقيناها من واقعنا المرير الذي يتعرض له أبناؤنا يوميا خاصة وأن جرائم الاعتداءات تعرف تناميا خطيرا في الآونة الأخيرة وفي ظل غياب الإحصائيات الدقيقة فالظاهرة لا تزال محاطة بما يسمى بجدار الصمت خوفا من الفضيحة والعار. أثقل حصيلة للاعتداءات الجنسية في 2015 سجلت مصالح الأمن مع نهاية 2014 و بداية 2015 أثقل حصيلة للاعتداءات الجنسية على الأطفال منذ الاستقلال بزيادة قدرت ب100 حالة اعتداء جنسي على البراءة وفي يوم تحسيسي حول ظاهرة جنوح الأطفال كشفت ذات المصالح عن أرقام مخيفة لتورط البراءة في أبشع أنواع الجريمة في مقدمتها أعمال القتل واستهلاك المخدرات. ورغم إعلان مصالح الأمن عن انخفاض جنوح الأحداث بنسبة 13 بالمائة من الناحية الكمية غير أن سنة 2015 سجلت ارتفاعا مخيفا ومرعبا لنوعية الجرائم المرتكبة في حق الطفولة في مقدمتها حالات الاعتداء الجنسي على الأطفال التي ارتفعت إلى 1818 حالة بالإضافة إلى ارتفاع غير مسبوق لجرائم الاختطاف التي راح ضحيتها أزيد من 256 طفل لأسباب جنسية ومادية حسب تقارير ذات المصالح التي أعلنت عن تسجيل 14 طفلا راحوا ضحية القتل العمدي من بينهم ثلاثة تعرضوا للاعتداء الجنسي بكل من ميلة وسطيف كل هذه الأرقام تشير حسب رأي المختصين إلى وضعية رهيبة ويؤكدون أنها لا تعكس الواقع لتكتم العديد من الضحايا عن الكشف عن جريمة (العار) وما يدرج في مجتمعنا ضمن الفضيحة وليس الجريمة الاجتماعية التي تعرف تفشيا خاصة زنا المحارم الذي أخذ أبعادا في الأسرة الجزائرية كنتيجة حتمية للانحلال الخلقي وأكدت الدراسات الأخيرة لسوسيولوجيين وحقوقيين أن حالة واحدة من بين تسعة أطفال في الجزائر يتعرضون للاعتداء الجنسي والفئات الأكثر عرضة حددت أعمارهم ما بين 4 إلى 11 سنة وأكد المختصون في نفس الوقت إلى ضرورة توعية المحيط الاجتماعي ووضع ميكانيزمات تضع الطفل خارج الخطر خاصة وأن الإحصائيات تبقى غير دقيقة حسب ما أكده العديد من الخبراء والمختصين معتبرين أن الظاهرة لا تزال تحاط بما سموه بجدار الصمت خوفا من العار والفضيحة وفي السياق نفسه ذكر أن الأرقام التي تصرح بها مصالح الدرك والأمن الوطنيين تبقى نسبية ولا تعبر عن واقع الاعتداءات الجنسية التي يتعرض لها الأطفال في مجتمعنا.
آثار نفسية وخيمة على الطفل كما أكد الأخصائيون النفسانيون أن هذه الجريمة تترك بصماتها على الأطفال من كلا الجنسين خاصة إذا لم يخبر الضحية والديه إلا أن هناك دلائل كثيرة يمكن الاستدلال منها أن الطفل يعاني من ضغط نفسي ناجم عن تعرضه لاعتداء جنسي. ومن تلك المؤشرات التي تحدث عنها المتدخلون صعوبة النوم الأرق التبول اللاإرادي في الليل وتقهقر المردود الدراسي الشرود وعدم التركيز بالإضافة إلى فقدان الشهية وحالة من الانعزال والانطواء والعصبية الزائدة إذ يمكن أن تكون هذه علامات التعرض لاعتداء جنسي خاصة وأنّ الطفل في سن معين يكون عاجزا عن التعبير عما يحدث له. في سياق متصل يركز العديد من المختصين على مهمة الطب الشرعي التي تبقى محصورة في تسليم شهادة تثبت تعرض الطفل للاعتداء الجنسي لا غير دون التبليغ عن الحادثة فيما أرجع البعض ذلك لسر المهنة التي تتطلب التحفظ في القضية بطلب من العائلة خاصة إذا كان المعتدي أحد أفرادها حيث أكدت الإحصائيات أن 75 بالمائة إلى 80 بالمائة من المعتدين هم من محيط العائلة لتهضم بعدها حقوق الطفل ويحرم من العيش حياة طبيعية لجرم لم تكن له يد فيه. غياب الوازع الديني وأرجع الحضور سبب الاعتداءات إلى غياب الوازع الديني لدى الأفراد إضافة إلى ما تخلفه عملية الإبحار في عالم الأنترنت والقنوات الفضائية وخلص خبراء إلى وجوب ردع مثل هذه التصرفات وكذا سن قوانين تجبر القائمين على الكشف الطبي على التصريح بالاعتداءات التي تصل إليهم مع مراعاة السر المهني في الوقت الذي حذر فيه البعض من غياب مراكز لاستقبال الأطفال ودعوا لإيجاد هيئات للتقويم. كما أكدوا أن الطفل وبعد تعرضه للاعتداء الجنسي من الصعب أن يعود لحياته الطبيعية ما يستدعي تكوين وتأطير أشخاص مهمتهم التعامل مع الطفل الذي مورس عليه العنف في حين اقترح أحد المتدخلين تخصيص محاكم مختصة في مثل هذه الجرائم وجلسات علاجية للأطفال مع ضرورة قيام الوالدين بفتح باب الحوار مع أبنائهم وكسب ثقتهم من أجل معرفة ما يمكن أن يتعرض له الطفل. زنا المحارم آفة أخرى تهدد الأسر من بين القضايا التي غزت المحاكم الجزائرية قضايا زنا المحارم تلك التي لم نكن نعرفها من قبل بالنظر إلى أعراف مجتمعنا المحافظ بحيث يصطدم الجميع من كون أحد طرفي القضية هو الأب أو الأخ أو الخال أو العم لتكون الضحية إحدى القريبات من العائلة التي تحرم معاشرتها شرعا وقانونا ما أدى بأغلب العائلات إلى دق ناقوس الخطر والالتزام بأقصى شروط الحذر والاحتياط لتجنب تلك الفضائح التي تؤدي إلى تشتت الأسر وفضح العائلات لاسيما وأنها أصبحت من بين الطابوهات المنتشرة بكثرة في مجتمعنا وبالنظر إلى طريقة التستر التي تلجا إليه بعض الأسر في مثل تلك القضايا تبقى الإحصائيات المعلنة عن زنا المحارم بعيدة عن الواقع بحكم أعراف مجتمعنا الذي تتفادى فيه الأسر الكشف عن مثل تلك القضايا المخجلة وتفشي مثل هذه القضايا في مجتمعنا يعود إلى عدة أسباب بدليل القضايا المعروضة على القضاء والتي تبقى بعيدة عن الواقع ومن بين تلك العوامل المساعدة على بروز الظاهرة تداول الأفلام الإباحية مهما كان مصدرها سواء كانت الأنترنت أو أجهزة التلفاز بالبيت إلى جانب المخدرات التي تفقد الوعي وتجعل الإنسان في عالم آخر خاصة وأنها تعتبر من أكثر ما يدفع لارتكاب جرائم القتل وكذا الجرائم الأخلاقية بين الأصول والفروع إلى غيرها من الأسباب الأخرى كقلة الوازع الديني وانعدام أسس التربية السليمة وقد لجأت العديد من الأسر إلى وضع الاحتياطات الضرورية لتفادي الوصول إلى مثل تلك الحالات الكارثية التي يندى لها جبين المرء بل وأدت إلى حوادث موت وشلل بالنظر إلى هول الفاجعة التي حلت بالأسرة آخرها كانت بتعرض إحدى الأمهات إلى شلل نصفي بعد أن تفاجأت بابنتها وهي غارقة في دمائها بعد أن تعرضت إلى اعتداء جنسي من طرف أخيها البالغ من العمر 35سنة ولم تشفع له توسلاتها ولا تدخلات الجيران الذين أوهمهم أن الصراخ ناجم عن سوء تفاهم بينه وبين أخته لتحل الفاجعة بالأم بعد التحاقها بالمنزل ورؤية ذلك المشهد الذي لم تتخيل يوما أنها سوف تصادفه حالة أخرى هي لسيدة لازالت تعاني من هول ما حل بابنتها من طرف عمها القاصر بعد أن تركتها بصحبته وهي البالغة من العمر سنتين بحيث اعتدى عليها وكشفت ذلك بعد اطلاعها على بقع الدماء التي كانت ظاهرة على ملابسها الداخلية وتكتمت على الأمر خوفا من تشتت الأسرة وهي اليوم تتذمر من كيفية مواجهة ابنتها بعد الكبر بما حصل لها من طرف عمها عندما تغيب القيم والمبادئ عندما يتوارى العقل وراء النزوات والشهوات وتختفي الخصال الإنسانية من البشر. عينة أخرى لأحد الآباء الذي تجرد من كل القيم والمبادئ وافترس ابنته ذات 19 سنة.. الجريمة لم ترتكب مرة واحدة بل مرات طيلة خمس سنوات فبعد انفصاله عن زوجته التي أخذت طفليها الصغيرين معها تركت ابنتها الكبرى لترعى شؤون والدها ولكن والدها أخذ يستغلها ويمارس معها المحظور وذلك بعد أن يهلوسها بإعطائها حبوبا مخدرة في أكواب العصير لتغيب عن وعيها ثم اعتادت معاشرته. وبعد مرور خمس سنوات على ذلك عادت المياه إلى مجاريها مع الوالدة لتعود إلى المنزل وتكتشف هول ما آلت إليه الحياة في منزلها فما كان منها إلا أن تتجه إلى مركز الشرطة القضائية وتقديم شكوى ضد زوجها مدلية بشهادات طبية تفيد تعرض ابنتها لممارسة شاذة من قبل والدها كما تابعته قضائيا إلى غيرها من العينات الأخرى التي لا يسعنا المقام لذكرها كلها وعلى الرغم من أن ظاهرة زنا المحارم تشكل أحد (طابوهات الجنس) التي يحظر الحديث عنها إلا أنها صارت من الظواهر المنتشرة في مجتمعنا بشكل مثير بعدما كان مسكوتا عنها بتستر الضحية أو العائلة خوفا من عواقب الكشف عنها كونها كابوسا يضرب الأسر ويحطم أساسها. ويرى مختصون أنه إذا كانت الضحية محل اعتداء ومضاجعة مستمرة فيجب ألا تشعر أنها مخطئة أو مذنبة ولا تدع اليأس يتمكن منها فهي الضحية وليست المسؤولة عن تصرفات وسلوكيات الجاني سواء أكان الأب الأخ العم الخال أو الجد فيجب ألا تتكتم على الاعتداء وهذا يكون بضرورة كسر جدار الصمت مما يفوت الفرصة على المعتدي للتمادي في فعله إذا أدرك أن ضحيته التزمت السكوت ولم تخبر أحدا بما وقع لها كما أن المجرم يعتبر مريضا نفسيا فالكبت الجنسي يولّد لديه عقدة لا يستطيع التعبير عنها إلا بإيجاد حل يراه مناسبا لإفراغ تلك المكبوتات وهذا بالاعتداء على أقرب الناس إليه والذين تربطهم به صلة الرحم وتحت غطائها يمارس أفعاله الشاذة تلك. نظرة الشرع إلى زنا المحارم إن الزنا كبيرة من الكبائر في نظر الشريعة الإسلامية وذلك مصداقا لقوله تعالى: (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) إذا فالزنا شرعا هو الوطء الكامل بين الذكر والأنثى أما زنا المحارم فهو الوطء الذي يكون بصفة كاملة ويتم بين المحارم الذين ذكرهم الله تعالى في الآية الكريمة من سورة النساء رقم 23 (حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللائي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف إن اللّه كان غفورا رحيما) إذن فالشريعة الإسلامية السمحاء حرمت هذا النوع من الزنا تحريما قطعيا إذ يعد من أخطر الذنوب في حق الشرع والأعراف.