انشاء ثلاثة "كراسي" (مجالس علمية دائمة) في السودان، لتدريس الفقه المالكي.. إقامة دورات متقدمة لمدة عام في الفقه المالكي.. تفريغ طلاب لدراسة المذهب على نفقة الدولة. وصايا خرج بها جمهرة من علماء المذهب المالكي في ختام ملتقى علمي استمر 3 أيام بالعاصمة السودانية الخرطوم؛ لبحث الوسائل والطرق العلمية للحفاظ على المذهب الرسمي ، والحيلولة دون تراجعه بعد وفاة عدد من فقهائه في السنوات الأخيرة. وفي تصريحات خاصة قال محمد سليمان الأمين العام للمجلس الأعلى للدعوة الإسلامية بالسودان: "إن هذا الملتقى -الذي أنهى أعماله أواخر الأسبوع الماضي- قد هدف إلى إحياء المذهب المالكي بالسودان، خاصة في ظل التراجع النسبي الذي يشهده بعد وفاة عدد من علمائه، مثل الشيخ محمد علي الطريفي، دون إقصاء المذاهب الأخرى". وأوضح سليمان الذي شارك بالملتقى أن فكرة تأسيس الكرسي استلهمها السودان من المغرب، بعد أن لاحظ وزير الأوقاف السوداني الدكتور أزهري التيجاني أن "المذهب المالكي استطاع توحيد الحالة الدينية في المغرب، وتنظيم العقل الفقهي هناك". وكشف سليمان أن الوزارة السودانية وقعت اتفاقًا علميًّا مع نظيرتها المغربية للتعاون في نشر المذهب المالكي (نسبة إلى الإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة) والعلم الشرعي. من جهته نفى رئيس المجلس الأعلى للدعوة بالسودان الشيخ عمر حضرة أن تكون "هذه الجهود في إحياء الفقه المالكي تصدر عن خوف من تحول السودانيين للمذاهب الأخرى". وخالفه الرأي د. طارق أحمد عثمان الخبير في الظاهرة الإسلامية بمركز البحوث والدراسات بجامعة إفريقيا العالمية، مؤكدا وجود "تراجع في المذهب المالكي لصالح المذهب الحنبلي؛ بسبب انتشار المدارس السلفية المختلفة التي وفدت للسودان". وأرجع عثمان انتشار هذه المدارس إلى "افتقار السودان لتعليم إسلامي مؤسسي يحافظ على التقاليد العلمية والتراث الفقهي ويطوره، كما هو الحال في مصر والمغرب وموريتانيا"، معتبرا أن "هذه الحالة العلمية غير المؤسسية أوجدت قابلية للتحول المذهبي في السودان". وخلال الملتقى الذي شارك فيه 27 عالمًا من أرجاء السودان، تم مناقشة طرق ومناهج تدريس الفقه المالكي ومحور تحرير القضايا الخلافية في هذا المذهب الفقهي. وأعلنت وزارة الإرشاد والأوقاف السودانية اعتمادها توصيات الملتقى، مؤكدة التزامها المادي والأدبي برعاية شيوخ المذهب والإنفاق عليهم وتوفير كتب المذهب لهم، إضافة لخلق بيئة صالحة لنشر المذهب خاصة والعلوم الشرعية الأخرى بالتعاون مع حكومات الولايات السودانية. وكانت الوزرة قد نظمت في فبراير الماضي ندوة بعنوان "الإمام مالك وتراثه الفقهي" بمشاركة علماء من المغرب العربي وتونس وموريتانيا وإندونيسيا، وذلك لبحث السبل العملية لدعم وإحياء المذهب المالكي وتجديده. وفي الإطار ذاته أسست الوزارة قبل عام تقريبا "كرسي الإمام مالك للعلوم الإسلامية" بالخرطوم من أجل توسيع انتشار المذهب، وإحياء تراثه الفقهي، وإعداد وتأهيل العلماء الشباب وتدريبهم على تدريس فقه الإمام مالك وتراثه العلمي. ودخل المذهب المالكي إلى السودان قبل قرون على يد علماء المغرب وبلاد شنقيط (موريتانيا)، الذين كانوا يمرون بالسودان في رحلات الحج البرية. وينتشر المذهب المالكي في الدول الإفريقية الواقعة على المحور المحاذي للصحراء الكبرى، المغرب، وموريتانيا، ومالي، وتشاد، والسودان