أفكار بالية لازالت تسيطر على البعض الجهوية تخرّب بيوتا وتحطم أحلاما الجهوية فكرة قديمة لطالما سيطرت على البعض في مجتمعنا فقد كان في القديم بعض القبائل يمجدون الجهوية والتفريق وقد سيطر هذا المفهوم لوقت طويل جدا على عقليات الناس ولكن ديننا الحنيف نهى على هذه الأفعال فلا يجب التفرقة بين الناس على أساس العرق ولكن مع الأسف لازلنا نشهد مثل هذه التصرفات حتى في عصرنا الحالي فالبعض لا زال ينتهج الجهوية كأساس في معاملته للناس. وهوما يعكسه ما ينتشر بين أوساط الشباب من ألقاب وعبارات مختلفة تعكس انتماء كل شاب لمنطقة معينة فالكل متعصب لمنطقته في مشهد يذكرك بما كان عليه الأمر في زمن غابر. سكان الوسط ... المتهم الأول لعل سكان الوسط هم أكثر فئة تقع عليها تهمة (الجهوية) فلطالما حامت الشائعات حول العاصميين بأنهم متفاخرون ومتعالون بعض الشيء على سكان المناطق الأخرى وخصوصا المناطق التي يتحدث أهلها بلهجة مختلفة فمن هو غير عاصمي تنشغل به الجماعة وفي بعض الأحيان يصل الأمر إلى أفظع من ذلك لجعله مسخرة وهذا الأمر لا يزال قائما ليومنا هذا فمازال البعض يملك مثل هذه الأفكار البالية التي لا تمت للحضارة والرقي الفكري بصلة والغريب في الأمر هو أن حتى سكان المناطق الأخرى يتصرفون بنفس الطريقة (فالجهوية) في المعاملة مست جميع ربوع الوطن دون استثناء فهذا الأمر وصل لحدود خطيرة فالبعض بات يتعصب لمنطقته ولا يتعامل إلا مع سكان منطقته فعند التنقل عبر بعض الولايات ستشد انتباهك تصرفات البعض في هذا الشأن وهذا ما قصه علينا البعض والبداية كانت مع مراد الذي قرر زيارة عدد من المدن الساحلية بالوطن وكم كانت مفاجأته كبيرة عندما رفض أحدهم أن يبيعه بعض المواد الغذائية فقط لأنه لا يتكلم لهجة تلك المنطقة وهذا الأمر استغربناه حقا ولعل الأدهى من هذا كله هو مواجهة البائع له والتصريح علنا بأنه شخص جهوي ولا يبيع منتجاته إلا لأفراد عشيرته وما كان على مراد إلا تركه وشأنه ولم يجد ما يعبر به من شدة الدهشة.
أسر ترفض الخطاب بسبب الجهوية هذه الأفكار القديمة التي تعتبر من مخلفات الاستعمار الفرنسي الذي بادر بزرع مثل هذه المعتقدات ولكن المؤسف هو أنها لا تزال قائمة ليومنا هذا حتى وصل الأمر ببعض العائلات إلى رفض تزويج بناتها إلا لمن ينتمون لأصولهم وإن كان لا ينتمي إلى تلك المنطقة فهم يرفضونه ببساطة وقد قصت لنا لامياء ما حدث لها بسبب هذا فقد رفض والدها تزويجها لأنه لم يتقدم لها عريس من أصول منطقتهم فقد كان يرفض الخطاب بسبب انتمائهم إلى منطقة أخرى غير منطقتهم وهذا ما أدخلها في قفص العنوسة والواقع أن الأمثلة عن هذا كثيرة فهي لا تعد ولا تحصى هذه الذهنيات المتخلفة لا تزال تسيطر على عقول البعض وحتى بين الذين يملكون مستوى تعليميا عاليا فهم يلقنوها لأولادهم وبالتالي فالحلقة متتابعة وتستلزم الكثير من الجهود حتى يتم القضاء عليها فنحن كلنا جزائريون يجمعنا الدين الواحد والعادات والتقاليد الواحدة لذلك لابد أن نتخلص من آفة التمييز التي تهدد الروابط الاجتماعية.