يتواجد حصن "يما قورايا" أو ما يسمى حاليا قمة "يما قورايا" في أعلى قمة الجبل المطل على بحر الأبيض المتوسط والذي يبدو وكأنه على صورة شمعة منطفئة، والتي قيل عنها الكثير من الأساطير ونسبت إليها العديد من الحكايات الخرافية وما أشبه ذلك والتي ما تزال بقايا منها منتشرة بين السكان القدامى لعاصمة الحماديين، وهو ما جعل الحصن يتحول إلى وكر لممارسة الشعوذة ولتصرفات دنيئة تنعكس سلبا على السياحة بالمنطقة· حكايات تقول إن قورايا كانت امرأة فرت من أهلها لأنهم أرادو تزويجها من شاب لا تحبه فهربت وأخذت من قمة الجبل مكانا تأوي إليه، وهناك من يقول إنها كانت امرأة مؤمنة فأرادت الزهد عن الدنيا فلجأت إلى قمة الجبل، وهناك من يقول إن قورايا تعني باللغة الإسبانية جبل، وغيرها من الخزعبلات التي لا تمت بأي صلة للتاريخ، لكن ما يهمنا في هذا الموضوع هو أن العديد من العائلات ما تزال تحن إلى هذا الحصن وتعتبره بمثابة مقر لولي الصالح وتأتي لزيارته في كل مناسبة، وهناك البعض منها من ينظم الزردة وتطيافت وغيرها من الأمور التي يعتبرونها من الأعمال التي يتبركون بها لهذا الحصن الذي لم يبق منه سوى غرفة تتسع لحفنة من الأشخاص والتي اتخذها البعض منهم وسيلة لابتزاز أموال الناس من خلال أعمال الشعوذة ··، حيث أن الزائر إلى هذا الموقع التاريخي الذي يتميز بمنظره السياحي الجميل، يجد عائلة تقوم بأعمال تنظيف الحصن وتطهيره بماء الورد وغيره كي تستقبل الزائرات والزائرين وتوهمهم بأنها قادرة على كشف المستقبل وقراءة الكف وغيره من أمور الشعوذة، وللأسف فإن العديد من النساء والرجال يؤمنون بهذه الخزعبلات ويصدقون مثل هذه الأمور ويدفعون مقابل ذلك أمولا للبركة، لكن جاهلين أو متجاهلين بأن الاسلام قد نهى عن هذه الموبقات التي لا تزيد المرء إلا بعدا عن الله الواحد الأحد، ولعل ما يجذب أنظار الزائر هي دفات البنداير وأصوات المعازيف التي يطلقونها كي يوهمون الزوار بأن الأمور تسير على حقيقتها، وبالفعل أن هذه الحصن يمثل مقرا للبركة والتبرك لأن يما قورايا ولية من أولياء الله الصالحين، والملاحظ أن المغتربات والعائلات الجزائرية القادمة من فرنسا هي المولعة بمثل هذه الشعوذة وتراها تصرف أموالا مقابل الحصول على البركة ··، وحينما تتجول في أرجاء الحظيرة ستشاهد ظاهرة سيئة تتمثل في علب الخمور المرمية بصورة عشوائية وتثير اشمئزاز الزائرين وتسيئ إلى المنظر العام والسياحة بصورة أخص ، ويتبادر السؤال إلى الذهن، من المسؤول عن هذه الظاهرة مع العلم أن هناك مصلحة خاصة تتولى حماية التراث والسياحة وبالتحديد إدارة حظيرة قورايا، لكن لمن تنادي؟ ومن جانب آخر ولا شك أن ثم تساؤلات عدة حول انتشار الشعوذة بهذا الشكل في زمن العلم والتكنولوجيا ؟ لكن البعض يعتبر أن الأمر لا يخرج عن نطاق الاستعانة بالشعوذة لاراحة النفس البشرية من أمور الدنيا وكأنهم يريدون الاستعانة بها لنسيان الماضي والتقرب بها على وجه العبادة وكان ذلك باطلا شرعا في الإسلام، وهناك من يؤمن ببركة الصالحين وما أكثرهم ، حيث أن الظاهرة تشمل كافة الأضرحة والمقامات والقبور المنتشرة بمنطقة القبائل، وللإشارة فإن أئمة المساجد برعاية من مديرية الشؤون الدينية والأوقاف قد ساهموا بشكل كبير في محاربة الشعوذة بكل أنواعها من خلال خطب أيام الجمعة والدروس المسائية· وعليه فإن سكان ولاية بجاية يناشدون السلطات العمومية التدخل لمحاربة كافة أنواع الشعوذة والرذيلة التي ترتكب في المواقع السياحية، كونها ليس فقط أنها تؤثر سلبا على قطاع السياحة بل تشوه نظرة الأجانب نحو المجتمع البجاوي الأصيل الذي يتميز بكرم الضيافة وأخلاقه الرفيعة ومسايرته للتطور الحضاري الحاصل، وليس مجتمعا منغلقا على ذاته·