تحديات كبرى تواجه المسلمين في الغرب المنظمات الإسلامية.. كلمة السر في مواجهة الإسلاموفوبيا بتعداد يصل إلى 45 مليون نسمة من بين نحو 745 مليون وبنسبة تصل إلى 6 بالمائة من السكان حسب إحصاء 2013 يواجه مسلمو أوروبا عودة موجة الإسلاموفوبيا من جديد.. فظهور نسخة مسيحية من (داعش) تعلن أن رسالتها قتل مسلمي الغرب وطردهم لتطهير بلادهم منهم فضلاً عن تصريحات مرشح الرئاسة الأمريكية (ترامب) مؤشر بات يؤرق المسلمين في مختلف البلدان الأوروبية ويُصعب من أعمال المنظمات الإسلامية المناهضة للإسلاموفوبيا في الغرب. فلسنوات مضت مثلت المنظمات الإسلامية في الغرب حائط صد منيع للمسلمين في أوروبا ضد المتعصبين في مواجهة الفكر الإسلامي ومن يميلون للتعميم في أعقاب الحوادث الإرهابية. لكن السؤال الصعب الآن هو هل تستطيع تلك المنظمات استكمال هذا الدور في ظل تصاعد الوتيرة المضاد؟ وهل يمكن أن يكون عملها هو كلمة السر التي تستطيع الصمود أمام أعتى موجات الإسلاموفوبيا المنظمة بحسب خبراء؟ إحصاءات الباحث المتخصص في شؤون الأقليات المسلمة هاني صلاح قال إنه لفترة تتجاوز 12 عامًا ليس هناك إحصاء يكشف عن أعداد المؤسسات الإسلامية في الدول الغربية مشيرًا إلى أن أعدادها في تزايد مستمر بالإضافة إلى أن هناك عددا من المؤسسات الرئيسية التي تنتشر مكاتبها في معظم الدول الغربية كاشفًا في الوقت ذاته أن إحصاء 2013 لتعداد المسلمين في أوروبا هو آخر ما تم رصده في هذا الشأن بتعداد يصل إلى 45 مليون نسمة من بين نحو 745 مليونًا وبنسبة تصل إلى 6 بالمائة من السكان. وأوضح صلاح أن تلك المؤسسات تعمل جاهدة على مواجهة الإسلاموفوبيا التي تنشط في أعقاب الأحداث الإرهابية مستغلة حالة الغضب المصاحبة للأحداث في تشويه صورة الإسلام والمسلمين وتصدير صورة تطرف المسلمين للمجتمع الغربي معتبرًا أن مساندة تلك المؤسسات في هذه التوقيتات بالتحديد يجب أن يكون أكثر فعالية ذلك أنها تصبح في موقف المتهم وتتأثر كافة أنشطتها الخدمية والاجتماعية والدعوية. ونعى صلاح على ندرة الجهد التوثيقي لأعمال تلك المنظمات مؤكدا أن توثيق تلك الأعمال يسر فكرة الرجوع إليها والاستفادة من خبراتها المتراكمة في مواجهة موجات التطرف التي تشكل حلقات متوالية تشبه بعضها بعضا ولا تخلف إلا في حدتها والجهات المحركة لها.. ودعا الباحث في شؤون الأقليات المسلمة إلى ضرورة إيجاد آليات أكثر فاعلية للتواصل بين تلك المؤسسات لتبادل الخبرات مؤكدا أن بعضها ناجح بصورة كبيرة في تمثيل المسلمين داخل إطاره الجغرافي وهو ما يفتقده كثيرون. فتش عن الإمكانات أما الدكتور محمد البشاري الأمين العام للمجلس الإسلامي الأوروبي ورئيس الفيدرالية الإسلامية بفرنسا فقد أكد أن للمؤسسات الإسلامية في الغرب دورا يختلف حسب ما تملكه من الإمكانيات التي تساعدها في مخاطبة الغرب مع فهمها لعقلية الغربيين أكثر من غيرها.. وأشار إلى أنه رغم الجهود المعادية لهذه المؤسسات الإسلامية إلا أن عددًا كبيرًا منها لديه مصداقية أكثر من غيره من المؤسسات غير الغربية الرسمية التي تنتمي إلى العالمين العربي والإسلامي. وأوضح البشاري أن الأزمات التي تتعرض لها علاقة الغرب بالإسلام بعد حوادث الإرهاب تؤثر سلبًا على تأثير هذه المؤسسات وتجعلها في موقف المتهم وخاصة من الإعلام المعادي للإسلام والذي يميل إلى التعميم باستغلال تلك الحوادث الفردية التي يرفضها الرأي العام الإسلامي في العالم كله لربطها بالإسلام والمسلمين. واعتبر أن هذه المؤسسات عليها دور كبير في نصرة المسلمين المعتدلين والإسلام الوسطي فضلاً عن المحافظة على تواصلها مع الرأي العام الغربي وحكوماته طالما كانت ملتزمة بالقانون ولها علاقات جيدة مع أجهزة الأمن والمجتمع الذي تعيش فيه. منظمات مؤثرة وعلى الرغم من كل تلك العوائق والعقبات إلا أن الجاليات الإسلامية بذلت جهدا كبيرا في بناء منظمات قوية استطاعت بعضها صناعة وجه من أوجه التأثير في محيطاتها الجغرافية. ومنها اتحاد المنظمات الإسلامية وهو أكبر منظمة إسلامية ثقافية على مستوى القارة الأوروبية ولها أعضاء في 28 دولة أوروبية ويضم الاتحاد منذ تأسيسه عام 1989 أكثر من مائتي منظمة وجمعية نتيجة لنمو العمل الإسلامي في أوروبا وقد نجح أعضاء الاتحاد عام 2008 في إصدار ميثاق مسلمي أوروبا حتى تتم طمأنة الأوربيين على أن الوجود الإسلامي في قارتهم يعد إثراء ثقافيًّا بعيدًا عن الإرهاب. الدكتور عبد الله بن منصور رئيس الاتحاد يقول إنه يتبني فكرة توطين الإسلام في الغرب وتصحيح تصور أن المسلمين مهاجرين أو لاجئين ومن أبجديات المواطنة أن المواطنين لهم ما لكل السكان الأصليين من الحقوق وعليهم من الواجبات ما عليهم وليسوا غزاة أو دخلاء كما يحاول أعداء الإسلام والمسلمين تصويرنا أمام الرأي العام الغربي. وكشف بن منصور عن استراتيجية الاتحاد في مواجهة (الإسلاموفوبيا) عقب الحوادث الإرهابية التي تُنسب إلى الإسلام معتبرًا أنه لابد من الاستفادة من أخطاء الماضي حتى لا نعطي غيرنا الفرصة لتصيد أخطائنا إذا صدرت ردود أفعالنا عن حالة غضب بدون حكمة أو عقلانية ولهذا فإن هناك ثلاث وسائل للمواجهة الإيجابية:- أولها: المواجهة القضائية وثانيها: الحوار الدبلوماسي وثالثها: التوعية الشعبية للغربيين بحقيقة الإسلام وأنه برئ من الإرهاب والعنف بكل أشكاله. ويعمل اتحاد المنظمات وفق رأي ابن منصور على نزع فتيل أي فتنة أو انقسام داخل صفوف المسلمين سواء داخل الدولة الواحدة أو بين مسلمي 28 دولة للاتحاد فروع أو مكاتب فيها ففي عام 2008 تم إصدار ميثاق مسلمي أوروبا الذي يعمل على التواصل مع الأوروبيين خاصة مع تصاعد المخاوف لدى الطرفين من وقوع هجمات عنصرية يتعرض لها المسلمون والأوروبيون ولهذا فإن التواصل هو المفيد للجميع حتى في أصعب الظروف. مؤسسات نشطة وتضم القارة العجوز كثيرا من المنظمات الإسلامية النشطة التي تقوم بدورها في التوطين للإسلام من جانب وتصحيح الصورة المشوهة عنه من جانب آخر ومن أنشطها: - الرابطة الإسلامية في بريطانيا أنشئت عام 1997 ولها فروع كثيرة في أنحاء بريطانيا ويتبعها عدد كبير من المساجد وتسعى الرابطة إلى تعزيز ونشر مبادئ التفاعل الإيجابي للمسلمين مع جميع عناصر المجتمع. - التجمع الإسلامي في ألمانيا تأسس عام 1958 ويعد أقدم وأكبر مؤسسة إسلامية ذات خلفية عربية في ألمانيا وتتبعه العديد من المراكز وهو عضو مؤسس لاتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا والممثل الرسمي له في ألمانيا وأُنشئ المركز الإسلامي بميونخ والذي يعد أحد المعالم المميزة للإسلام والمسلمين للحفاظ علي دين المسلمين وهويتهم وأن يكونوا إيجابيين بالإضافة للمساهمة في صياغة الشخصية الأوروبية المسلمة. - المركز الإسلامي الثقافي في مدينة بروكسل _ البلجيكية أنشئ عام 1936 ويعد من أهم المراكز الإسلامية في غرب أوروبا ويصفه البعض بأنه متحف شرقي من المتاحف الدائمة ببروكسل لوقوعه بجوار مقر المفوضية الأوروبية والمجلس الأوروبي ويعود إنشاؤه إلى أمر الملك بودوان في عام 1967 بإهداء هذا المتحف للملك فيصل ليقام فيه مسجد ومقر للمركز الإسلامي الثقافي وصاحب ذلك اعتراف الحكومة البلجيكية عام 1968م بالدين الإسلامي كدين رسمي في البلاد وهذه أول مبادرة حكومية أوروبية مع التعامل مع الوجود الإسلامي في أوروبا. وفي نهاية عام 1968 تم الترخيص لهذا المسجد كأول دار عبادة رسمي للمسلمين في بلجيكا ويتفاعل المركز الإسلامي ببلجيكا مع الأحداث الساخنة في الغرب حيث أدان الهجمات التي تعرضت لها باريس وطالب بتبصير الشباب بحقيقة الدين الإسلامي وسماحته من خلال الرجوع إلى التاريخ الإسلامي وأساليب المعاملة الحسنة التي كان يتعامل بها المسلمون مما ساعد على انتشار الأمن في المجتمعات التي يتعايش بها المسلمون وغير المسلمين. كير الأمريكية على الجانب الآخر من المحيط الأطلنطي وبالتحديد في الولاياتالمتحدةالأمريكية يبرز دور مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية المعروف اختصارا باسم (كير) الذي تأسس عام 1994 كأول منظمة حقوق مدنية أمريكية إسلامية متخصصة في استقبال حالات التمييز العنصري والديني التي وقع ضحيتها المسلمون بالولاياتالمتحدة وحالات تشويه صورة المسلمين والإسلام في الإعلام الأمريكي ويرأسه الأمريكي ذو الأصل الفلسطيني الدكتور نهاد عوض الذي أعلن أن أنشطة (كير) تمتد عبر 32 فرعًا ومكتبًا إقليميًّا داخل مختلف الولاياتالأمريكية. وتظهر أنشطة (كير) ودوره في محاصرة ظاهرة (الإسلاموفوبيا) من خلال ميثاق تأسيسه حيث يقوم بالعديد من الأنشطة الرئيسية وأهمها: - مراقبة ما تنشره وسائل الإعلام الأمريكية يوميًا عن الإسلام والمسلمين والرد عليها. - رصد حوادث التمييز ضد مسلمي أمريكا والتعاطي معها بالسبل القانونية والإعلامية والسياسية. - مراقبة ما يصدر عن الكونجرس الأمريكي من تشريعات وتوعية مسلمي أمريكا بآثارها. - دعم وجود الإسلام والمسلمين في المجتمع الأمريكي والتواصل مع صناع القرار فيه ابتداءً من الرئيس في البيت الأبيض إلى أقل مشارك في صنع القرار والرأي العام. - تبني استراتيجية الحوار والتواصل مع الآخر أيا كان دينه أو فكره. - التقيد بالقوانين الأمريكية والقيم الإسلامية بهدف خلق حالة من التعايش والتأثير البناء للمسلمين في المجتمع الأمريكي. - إطلاق حملات كبرى لتوعية الرأي العام الأمريكي بصورة الإسلام والمسلمين الصحيحة بهدف الإسهام في تصحيح صورة الإسلام والدعوة إليه بالحسنى. - مواجهة حملات الإساءة للإسلام ولنبيه محمد صلى الله عليه وسلم. - تزويد الأمريكيين في القارة كلها وليس في الولاياتالمتحدة فقط بكتب وأشرطة وثائقية تتناول حياة وتعاليم الإسلام وسيرة حياة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بصورة موضوعية.