بينما تزدحم الساحة العالميَّة بالأحداث الصاخبة، حرص مسلمو أمريكا على استغلال شهر رمضان الكريم في التعبير عن مدى حبّهم لغيرهم من غير المسلمين وتوقهم للتعاون والتفاهم فيما بينهم، حيث دعت مجلس العلاقات الإسلاميَّة الأمريكيَّة (كير) المسلمين الأمريكيين إلى إقامة العديد من المآدب الرمضانيَّة للإفطار لتعزيز التفاهم بين الأديان والأعراق المختلفة في الولاياتالمتحدة. قبل يوم أو يومين من قدوم رمضان الذي تنتظره الشعوب الإسلاميَّة بشوق لتتزوّد منه لبقية العام، وفي ظلّ شغف الانتظار وحنين الشوق، وبينما يتأهب العالم لاستقبال هذا الشهر بكافة الوسائل وشتى السبل، لم يستطع المسلمون في أمريكا أن ينسوا جيرانهم من غير المسلمين دون أن يتعرّفوا على الدين الإسلامي وينهلوا منه ولا سيما في أفضل الشهور الإسلاميّة على الإطلاق. كما حثّت (كير) المجتمعات الإسلاميّة في جميع أنحاء العالم على التواصل مع جيرانهم من جميع المعتقدات للمشاركة في الإفطارات التي يقيمها المسلمون خلال شهر رمضان المقبل، والذي قد يهلّ على العالم الإسلامي غداً الجمعة 20 جويلية حسب التقديرات الفلكيَّة الأخيرة. ولمساعدة قادة المجتمعات الإسلاميّة، أطلقت منظمة (كير)، مقرّها واشنطن حملتها السنويّة التي تهدف إلى توصيل الإسلام بصورة بسيطة إلى غير المسلمين، وإتاحة فرصة لأتباع كافة الأديان في الولاياتالمتحدة للقاء نظرائهم المسلمين على موائد الإفطار في رمضان. كما أنتجت (كير) فيديو استرشاديًا لجميع قيادات المساجد والمراكز الإسلاميَّة في الولاياتالمتحدة، والذي يتضمن تعليمات للتواصل مع الإعلام المحلي للترويج للحدث وإبرازه، بالإضافة إلى كتيب (مرحبا بكم في إفطار رمضان) والذي يجيب على أسئلة كثير واستفسارات عن الشهر الكريم، كما يشير الفيديو إلى أن التوعية والتواصل يساعد على التقليل من التحيّز ضد المسلمين في المجتمع الأمريكي. من جانبه قال نهاد عوض المدير التنفيذي ل (كير): (من أجل تعزيز العلاقات بين الأديان، ينبغي للمسلمين الأمريكان أن يتواصلوا من جيرانهم ومن حولهم من المعتقدات الأخرى لتقديم معلومات متوازنة ودقيقة عن الإسلام والمجتمع الإسلامي)، مشيرًا إلى أن الدراسة الاستقصائيَّة التي أجراها منتدى (بيو) للأديان والحياة العامّة، ذكرت أن هؤلاء الذين يعرفون مسلمًا أو قريبين من الإسلام والمسلمين، غالبًا ما يعبرون بوجهات نظر إيجابية عن المسلمين)، موضحًا أن شهر رمضان هو للمشاركة مع الآخرين. جديرٌ بالذكر أن مجلس (كير) يحرص كل عام على إطلاق هذه المبادرة التي لها دور فعال في نبذ التصورات النمطيَّة عن المسلمين في أنحاء أمريكا، كما أطلقت العالم الماضي مبادرة (شاركونا القرآن) والتي كانت تهدف إلى إهداء المصحف الشريف إلى المسئولين وصنَّاع القرار في أمريكا ممن يحضرون إفطارات رمضان كل عام. ولا شك أن مثل هذه الحملات التوعويَّة تساعد في مواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا المتصاعدة داخل المجتمع الأمريكي، بعدما كشف الباحثون أن معاداة المسلمين تتناقص كلما أُتيحت الفرصة لنشر المعلومات الصحيحة حول الإسلام، والاحتكاك بالمسلمين وجهًا لوجه؛ بهدف السماع منهم لا عنهم فحسب. من جانبه قال (لاري شو) السيناتور الديمقراطي عن ولاية كارولينا الجنوبيَّة، ورئيس مجلس إدارة (كير): (إن دعوة العديد من المسئولين وأعضاء السلطة التنفيذيَّة والقياديين والمحليين إلى حضور إفطارات رمضان، تعتبر فرصة ذهبيّة لإهدائهم نسخة من القرآن الكريم، ولو للاحتفاظ بها في مكتباتهم). في المقابل، يبدو أن شوق مسلمي أمريكا إلى رمضان يحدوهم بقوة، حيث قال عماد انشاصي إمام الجمعية الإسلاميَّة في مدينة أوكلاهوما في حديث لموقع (أخبار أوكلاهوما): (كان عمري 17 عامًا عندما بدأ رمضان في شهر جويلية)، مؤكدًا أن رغبته لمواجهة تحديات الصيام في هذا الشهر القائظ ما زالت موجودة بقوّة حتى بعد ثلاثين عامًا). وأضاف أنشاصي: (أصبح مسلمو مدينة أوكلاهوما معتادين التعامل مع شهر رمضان خلال موجات حر الصيف في المدينة، خاصة بعد قدومه في أوت وسبتمبر في السنوات الأخيرة)، لكنه توقع مع ذلك أن يواجه المسلمون في شهر جويلية تحديات محددة بسبب أيام الصيف الطويلة)، مشيرًا إلى أن مسجد أوكلاهوما يتُوقع أن يزدحم بالمصلين في كل ليلة. وأكد إمام الجمعيّة الإسلاميَّة في مدينة أوكلاهوما أن الشباب في المدينة خلال الشهر الكريم سيكون لهم أنشطة عدة في العطلات الرسميَّة لرفع معنوياتهم وتوعيتهم بقيمة الشهر المعظم.