حين يحسن الإنسان حديثه مع الآخرين وينتقي عباراته ولا يتحدث إلا بأطيب القول وبما ينفع وفيما يعنيه ويذكر الله به جُلَّ وقته كان ذلك سببا لسعادته وفلاحه لأنه حفظ لسانه عن الوقوع في أعراض الناس وعن الغيبة والنميمة التي تعد من كبائر الذنوب والتي نهانا الله عن فعلها. وصور الله تعالى من يفعل ذلك بأبشع تصوير دلالة على شناعة الفعل وقبحه فقال جل وعلا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ) (سورة الحجرات آية 12). والغيبة كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ذكرك أخاك بما يكره) ولو كان فيه أما النميمة فهي: نقل الكلام من شخص لآخر بقصد الإفساد. والغيبة والنميمة صفتان ذميمتان من أكبر ما يفرق بين المجتمعات ويمزق وحدتها وتملأ القلوب غيظا وحنقا وتسبب الحقد والضغينة والكراهية لذلك نهانا الله عنها وعلى النقيض أمرنا بالنطق بأطيب القول وأحسنه في الدعوة إلى التوحيد وفي شتى المجالات لأنه أدعى للقبول وأحرى للإجابة وأقرب مثال لذلك أنه - سبحانه - حينما أرسل موسى وأخاه هارون إلى فرعون -ذلك الطاغية الكافر المتكبر- ليدعواه إلى دين الله أمرهما بأن يدعواه بالقول اللين فقال تعالى: (اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي * اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) (سورة طه آية 42 - 44). ولنأخذ مما قاله سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: (رحم الله امرأ أهدى إليَّ عيوبي) لأن المحب الحقيقي الناصح هو الذي يوجهك وينبهك عند وقوعك في الخطأ ويؤيدك على الصواب والفعل الحسن وجميل أن نجعل نقد الآخرين بمثابة الموج الذي يدفعنا للأمام وأن نرتقي بأنفسنا وأخلاقنا وذواتنا إلى معالي الأمور.