بعد 5 سنوات على (ثورة البوعزيزي) *** تتواصل المناوشات بين الوحدات الأمنية ومحتجّين في عدد من المدن التونسية بعد أيّام من اندلاعها في القصرين على خلفية وفاة شابّ عاطل عن العمل بصعقة كهربائية ما أثار سخط المواطنين. أطلقت قوّات الشرطة قنابل الغاز واشتبكت مع مئات المتظاهرين الذين أضرموا النّار في مركز للشرطة يوم الخميس 21 وحاولوا اقتحام مبان حكومية محلّية في عدّة مناطق في أكبر مواجهات واحتجاجات منذ ثورة 2011. وتظاهر بضعة آلاف من الشبّان خارج مقرّ الحكومة المحلّية في ولاية القصرين حيث بدأت الاحتجاجات مطلع الأسبوع الجاري بعد مقتل الشابّ رضا اليحياوي الحاصل على شهادة جامعية ورغم ذلك لم يستطع الحصول على وظيفة تؤمّن له قوته اليومي حرقا بصعقة كهربائية حين كان يحاول صعود عمود للتيّار الكهربائي أثناء وقفة احتجاجية خاصّة بعد أن عجز عن إيصال صوته إلى المسؤولين للتعبير عن غضبه واستنكاره بعد أن حذف اسمه من قائمة المقبولين للعمل في وزارة التربية. حالة الوفاة كانت كافية لاندلاع شرارة ثورة جديدة على ما يبدو بعد مرور 5 سنوات على الانتفاضة التي أطاحت بالنّظام القديم من أجل الكرامة والتشغيل وساهمت في رفع راية تونس في العالم أجمع وتغيير الخارطة السياسية في ليبيا ومصر واليمن. وانطلقت الاحتجاجات الغاضبة والمظاهرات المندّدة من طرف الشباب العاطلين في مدينة القصرين ما أدّى إلى مقتل شرطي واحد على الأقلّ الأربعاء لكن سرعان ما توسّعت لتشمل مناطق أخرى في سيدي بوزيد وسوسة وكذلك تونس العاصمة وبعض مناطق الشمال الغربي. وفي حي الانطلاقة داخل العاصمة تونس هاجم عشرات المحتجّين مقرّا صغيرا للشرطة وأحرقوه قبل أن تلاحق قوّات مكافحة الشغب المتظاهرين الذين كانوا يردّدون شعارات (لاخوف لا رعب.. الشارع ملك الشعب). وأطلقت الشرطة قنابل الغاز لتفريق المحتجّين الذين رشقوها بالحجارة وتفرّقوا في الأحياء المجاورة. وأفادت وسائل إعلام رسمية وسكّان محلّيون بأن الشرطة أطلقت الغاز المسيل للدموع لتفريق محتجّين حاولوا اقتحام مبان حكومية محلّية في بلدات أخرى هي جندوبة وباجة والصخيرة وسيدي بوزيد حيث ردّد الشبّان هتافات تطالب بوظائف وتهدّد بثورة جديدة. كما شملت الاحتجاجات مدن دوز وصفاقس وسوسة والنفيضة والجريصة والدهماني أيضا. ووصول الاحتجاجات بشكل عنيف إلي العاصمة من شأنه زيادة إرباك السلطات التي تسعى لاحتواء موجة احتجاجات تهدّد بانزلاق البلاد إلى أتون أزمة أمنية وسياسية. من جهتها قالت وزارة الداخلية إن محتجّين أضرموا النّار في نقطة تفتيش للشرطة في مدينة قبلي جنوبي تونس وإن ضبّاط شرطة أخلوا نقطة أخرى في الكاف شمال غرب البلاد. وأحيت الاحتجاجات ذكريات انتفاضة (الربيع العربي) في تونس عام 2011 التي اندلعت بعدما أحرق الشابّ البائع المتجوّل محمد البوعزيزي نفسه في ديسمبر 2010 وهو ما أثار موجة غضب أجبرت الرئيس السابق زين العابدين بن علي على الفرار وفجّر احتجاجات في أنحاء العالم العربي. وارتفع معدل البطالة في تونس إلى 15.3 في المائة عام 2015 مقارنة مع 12 في المائة عام 2010 بسبب ضعف النمو وتراجع الاستثمارات إضافة إلى ارتفاع أعداد خرّيجي الجامعات الذين يشكّلون ثلث العاطلين في تونس. وفي استجابة للاحتجاجات الأخيرة أعلن مكتب رئيس الوزراء الحبيب الصيد أنه سيعود إلى البلاد من زيارة لسويسرا حيث يحضر اجتماعات المنتدى الاقتصادي العالمي ويعقد اجتماعا طارئا للحكومة. وقال الرئيس الباجي قائد السبسي الأربعاء إن الحكومة ستسعى لتوظيف أكثر من ستّة آلاف شابّ من القصرين وتبدأ في تنفيذ مشروعات وحضر مئات العاطلين يوم الخميس للتقدّم لوظائف لكن حدّة التوتّر ما زالت مرتفعة. * رقعة الاحتجاجات تتّسع امتدّت حركة الاحتجاج على البطالة والتهميش إلى العاصمة تونس التي شهدت أعمال حرق ونهب وسط تخوّفات من تفاقم الأزمة بعد خيبة الشباب وتراجع الثقة في السياسيين لتحسين الأوضاع المعيشية للتونسيين في الذكرى الخامسة للثورة. وقال متحدّث باسم وزارة الداخلية إن محتجّين استهدفوا مقرّات للشرطة وأحرقوا سيّارات أمنية مضيفا أن قوّات الأمن تصدّت لمجموعات كانت تحاول السطو على محلاّت ومراكز تجارية في منطقتي سيدي حسين وحي التضامن بالعاصمة تونس وفي جندوبة وبنزرت. وذكرت تقارير إعلامية أن محتجّين تمكّنوا من السطو على فرع بنكي ونهب محلاّت في حي التضامن كما أحرقوا مقرّات أمنية في الجريصة بمدينة الكاف وفي قبلي ودوز وتوزر. والاحتجاجات التي دخلت يومها السابع اندلعت إثر وفاة شابّ عاطل عن العمل يدعى رضا اليحياوي (28 عاما) يوم السبت الماضي في ولاية القصرين (وسط) بصعقة كهربائية بعد تسلّقه عمودا قرب مقرّ الوالي احتجاجا على سحب اسمه من قائمة توظيف في القطاع العام. وحذّر المتحدّث باسم وزارة الداخلية من استمرار الوضع على حاله بما يحدّ من جاهزية قوّات الأمن وتشتيت جهودها في مكافحة الإرهاب.