"احتجاجات اليوم على الساعة السادسة مساء".. لعلّ جميع المواطنين الذي كانوا على صفحات "الفايس بوك" الخاصّة بهم، قرأوا هذه الرسالة نهاية الاسبوع الماضي، والتي كان يتناقلها "الأنترنوت" فيما بينهم، ورسائل أخرى مشابهة، ساهمت إلى حد كبير في نقل عدوى الاحتجاجات بين الأحياء. تعرف شوارع العاصمة هذه الأيام والليالي اضطرابات وحركة غير عادية، نظرا لما فعله بعض المواطنين من خروج إلى الشارع، واحتجاج على ارتفاع سعر المواد الأساسية خاصّة، قبل أن تتوسع الاحتجاجات بين مختلف المتظاهرين عبر مناطق الوطن، ولعلّ قطع الرسائل القصيرة عن الهواتف النقالة لم يكن حلا، أمام وجود إمكانية انتقال المعلومات عبر الفايس بوك، والذي حوله البعض إلى وسيلة، ليس لنقل أخبار تلك الاحتجاجات، ولكن نقل الصور التي التقطت بالهواتف النقالة كذلك، وهو الأمر الذي جعل المواطنين، او أكثر المواطنين يخرجون إلى الشوارع بعد أن أتتهم رسائل مصورة او مكتوبة عن تلك الوقائع، ومعلومات بعضها صحيح وأخرى خاطئة. خرج الشباب إلى الشوارع بسبب ارتفاع أسعار المواد الأساسية، حيث راح بعضهم يُندد ويطالب السلطات بخفض الأسعار، خاصّة بعدما ما انتشرت معلومات تفيد بأنها سترتفع أكثر، ولن تنخفض إلاّ مع بداية شهر مارس، ولقد وقعت بعض التجاوزات في تلك المظاهرات، فراح بعض الشباب يكسر ويخرب أملاكا عمومية، وهو الفعل الذي أدانه البعض، رغمّ أنه، وفي بعض الاحتجاجات، تصدى المواطنون أنفسهم لتلك الظواهر، ونهوا المراهقين خاصّة عن الإضرار بالممتلكات. ولأنّه لم يكن بالإمكان التحكم بتلك الرسائل التي انتشرت على الانترنيت، فان البعض انتهز الأمر ليُضخم من حجم الأحداث، وآخرون نشروا أكاذيب ووقائع مغلوطة، بعضهم فعل ذلك عن لا مبالاة، وربما قصد آخرون أن يساهموا في نشر الفوضى، ومن ذلك تلك الرسائل التي ادعت وقوع عشرات القتلى بين المواطنين، والتي، وان لم يصدقها من كان في خضم الأحداث ومطّلعا على ما يجري، فان آخرين خرجوا للتظاهر والاحتجاج على ذلك، رغم أنّ الواقع غير ذلك، ولعل تلك الرسائل المغرضة لم تجعل المواطنين يخرجون إلى الشارع فقط، ولكن أصاب أهالي هؤلاء خوفٌ شديد على أولادهم وأفراد من أسرهم كانوا في الشوارع، وحسبوا أنهم كانوا من ضمن القتلى الوهميين، او يمكن أن يصيبهم مكروه إذا ما وصلت الأحداث إلى درجة وقوع قتلى بين صفوف المواطنين، وقد قصّت علينا العيِّنات التي صادفناها من الشباب كيف أنها خرجت إلى الشارع بعد أن تلقت الخبر عبر موقع "الفايس بوك" فخرجت إمّا لتُشارك فيها، أو لتطمئن على الوضع، مثل رفيق، 25 سنة، الذي يسكن بحي شوفالي، حيث اخبره احد أصدقائه أن هناك احتجاجات وإطلاق للنار في حي هواء فرنسا، فخرج للمشاركة في تلك الاحتجاجات، ولكنه، يقول لنا، كان ينهي المراهقين الذي حاولوا المساس بممتلكات المواطنين والممتلكات العامة، فهو أمر لا يزيد الحالة ألا تعقيدا، ثمّ إن المظاهرات لا بدّ أن تكون سلمية، وإلا فستحوّل إلى أعمال شغب، وهو الأمر الذي يضعفها. أما رضا، فانه كان خلف شاشة الكمبيوتر عندما جاءته صور عن الأحداث في باب الواد، والتي التقطت عبر الهاتف النقال، فخشي على أخيه من أن يصاب في تلك الأحداث فخرج إلى الشارع يبحث عنه، خاصة وان الكلمات او العبارات التي رافقت تلك الصور ضخمت الوقائع، وصورتها على أنها أحداث دموية وقع على إثرها مصابون وقتلى، الأمر الذي جعل رضا ينتقل على الفور إلى عين المكان، للبحث عن أخيه، خاصة وان حاول الاتصال به، ولكن هاتفه النقال كان مقفلا، ولكنه عندما وصل كانت الأمور قد هدأت نسبيا، ورغم وجود بعض الإصابات بين صفوف المواطنين، إلاّ أن ما نشر من أمر القتلى لم يكن صحيحا، وهو الأمر الذي احتار له رضا، وقال إنّ نشر معلومات لمغالطة المواطنين يعتر فتنة، والفتنة اشد من القتل.