تحوّلت إلى هوس أمني للاحتلال أنفاق المقاومة.. سلاح الرعب الجديد في صراعها الطويل مع الاحتلال تعمل المقاومة الفلسطينية على مسارات متعدّدة للإعداد والتجهيز وقد برز أخيرا بين منجزاتها الأنفاق الأرضية التي يجري حفرها يدويا لمسافات طويلة أسفل حدود غزّة مع الأراضي المحتلّة. تمتدّ بعض الأنفاق خلف خطوط الاحتلال ونُفّذت منها عمليات جريئة في العدوان الأخير صيف عام 2014 وكان لها الأثر الكبير في تطوّر قدرات المقاومة. وجاءت فكرة الأنفاق بداية من رغبة المقاومة في أسر جنود إسرائيليين لمبادلتهم بالأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال إلى أن تطوّرت كثيرا. وشكّلت الأنفاق عاملا مهمّا للمقاومة ومحفّزا لها بذات الوقت وتنقسم إلى عدّة أقسام منها ما يتعلق بالمهام الخاصّة والخطف والتسلّل خلف خطوط الاحتلال وأخرى تُستخدم كمرابض للصواريخ والقذائف ودوما ما تكون المقاومة حذرة في كشف أسرار هذه الأنفاق. وفي طريق حفر (الأنفاق) استشهد كثيرون من عناصر المقاومة وأصيب آخرون بحوادث اختناق فظروف العمل تحت الأرض ليست كما فوقها لكن أصعب ما في العمل تحت الأرض إلى جانب الاختناق هو احتمالات انهيار النفق وهي تحدث إمّا لخلل في التربة أو العمل أو لسوء الأحوال الجوّية. * شهداء الأنفاق أعلنت (كتائب القسّام) الذراع العسكرية ل (حماس) الخميس استشهاد سبعة من مقاوميها بعد انهيار نفق للمقاومة شرق مدينة غزّة. وذكرت القسّام أن (النفق قديم كان يتمّ عمل صيانة وإصلاح له لكن الأحوال الجوّية سرّعت في انهياره على 11 مقاوما استطاع أربعة منهم الخروج قبل الانهيار الكامل). وأفادت القسّام في بيان نعي شهداء النفق بأن (الأنفاق على مدار سني الصراع مع العدو شكّلت نقلة نوعية في مقارعة المحتلّ حيّرت قيادته واستخباراته وجيشه وضربت نظرياتهم الأمنية والعسكرية وجعلتهم يقفون عاجزين مستنجدين لا يعرفون متى وأين وكيف ستكون الضربة المؤلمة القادمة) وعلى الرغم من كلّ محاولات الاحتلال لإبطال فاعليتها إلاّ أنها باءت بالفشل والهزيمة وفق بيان القسّام الذي أكّدت من خلاله (أنه وفي حال حاول العدو أن يتناسى فإن الأنفاق الدفاعية ومرابض المدفعية تذكّره بعشرات القتلى والجرحى والأسرى في صفوفه يوم تجرأ على أرض القطاع المحرمة على آلياته وجنوده). من جهته يقول القيادي في حركة (حماس) مشير المصري إن (الأنفاق تُشكّل استراتيجية عسكرية جديدة في قاموس المقاومة أضافتها كتائب القسّام لصناعة تضاريس جغرافية عسكرية في أتون معركتها مع العدو الصهيوني في ظلّ الأرض الساحلية لغزّة والتكنولوجيا العسكرية والأمنية المتطوّرة للكيان). ويشير المصري إلى أن الأنفاق حققت نجاحات استراتيجية في المعارك السابقة مع الاحتلال وخاصّة معركة (العصف المأكول) (عدوان صيف 2014) سواء على صعيد التسلل خلف خطوط العدو أو قتاله من نقطة الصفر أو أسر جنود له من خلال هذه الأنفاق. ويؤكّد المصري أن (الأنفاق تشكّل حلقة مهمّة في صراع المقاومة مع الكيان لكنها تكاملية مع الحلقات السابقة لصناعة واقع عسكري جديد للمقاومة الفلسطينية) مشيرا إلى أن (كتائب القسّام خصّصت لها وحدة أسمتها وحدة الأنفاق شأنها شأن الوحدات الأخرى التي لا تقلّ أهمّية عنها). ويوضّح القيادي في (حماس) أن (على العدو أن يدرك تماما أن المقاومة ستأتيه من حيث لا يحسب وأن المقاومة تمتلك في يديها وفي كلّ معركة جديدة مفاجآت تباغت بها الاحتلال) ويؤكّد أن (كلّ محاولات العدو الصهيوني للحدّ من قدرة المقاومة في تطوير ترساننتها العسكرية وقدراتها القتالية يائسة وفاشلة أمام إرادة الرجال الشامخة التي كسرت أسطورة الجيش الذي لا يقهر والتي بدّدت منظومة الأمن الصهيوني). ويشدّد المصري على أن (المقاومة مطمئنّة لمستقبلها ولتحقيق انتصارات جديدة في أيّ معركة مع العدو). * أقوى الأسلحة من جانبه يشير الكاتب والمحلّل السياسي في غزّة حاتم أبو زايدة إلى أن (سلاح الأنفاق أصبح جزءا لا يتجزّأ من المنظومة العسكرية الخاصّة بكتائب القسّام التي برزت بشكل كبير في الحرب الأخيرة على القطاع صيف 2014). ويؤكّد أبو زايدة أن (جيش الاحتلال بات يتعامل مع منظومة الأنفاق الخاصّة بالقسّام على أنها التهديد الأبرز للأمن القومي بالإضافة إلى سلاح الصواريخ الذي تمتلكه المقاومة الفلسطينية في غزّة) ويلفت إلى (حالة من التخوف في دوائر صناعة القرار العسكرية والأمنية من وجود شبكة أنفاق استراتيجية تتخطى الحدود الفاصلة بين القطاع والأراضي المحتلة عام 1948 التي تعجز إسرائيل عن معالجتها لعدم وجود تكنولوجيا لمحاربة الأنفاق). ويوضح أبو زايدة أن (جيش الاحتلال يلجأ إلى الجانب المعلوماتي والاستخباراتي في محاولته لوقف مرور الأنفاق إلى الأراضي المحتلّة عام 1948 وتهديد الأمن القومي الإسرائيلي وسكّان مستوطنات غلاف غزّة القريبة من القطاع المحاصر) ويبيّن أن (الأنفاق الأرضية أصبحت سلاحا هامّا للقسّام بالإضافة إلى منظومة الصواريخ والتي تشهد تطوّرا كبيرا منذ نهاية الحرب الإسرائيلية الأخيرة على القطاع من ناحية نوعيتها والمسافات التي أصبحت تصل إليها تباعا) ويشير إلى أن (منظومة الأنفاق أصبحت تشكّل حالة هوس أمني للقادة العسكريين والأمنيين في الأراضي المحتلّة بالإضافة إلى وجود نزوح للكثير من المستوطنين من المستوطنات المحاذية للقطاع بسبب خشية وصول الأنفاق إليها). ويرى أبو زايدة أن (منظومة الأنفاق أسهمت في تعزيز استراتيجيات المقاومة العسكرية والعمل على تطويرها والاستفادة منها في العديد من المجالات بالإضافة إلى دورها الفعّال في تنفيذ العديد من العمليات النّوعية ضد جيش الاحتلال في الحروب المتلاحقة على القطاع).