بين غلاء التكلفة والخوف الشديد الزيارة الدورية لطبيب الأسنان.. ثقافة غائبة الأسنان هي من تصنع الابتسامة الجميلة للإنسان وهي تحمل في الواقع أهمية بالغة فاللاهتمام بها وبسلامتها أمر ضروري ولكن مع الأسف نجد أن الكثير من الجزائريين لا يملكون ثقافة زيارة طبيب الأسنان إلا بعد فوات الأوان فالغالبية منهم يملكون رهابا غير طبيعي من طبيب الأسنان. ونحن في القرن الواحد والعشرين لايزال العديد من الجزائريين لم يكتسبوا بعد ثقافة زيارة طبيب الأسنان بشكل دوري فالأغلبية لا يزورونه إلا بعد أن تنال منهم الآلام بسبب تسوس الأسنان وتضررها بشكل بالغ لدرجة أنه يصعب في بعض الأحيان تدارك الوضع ولعل السبب الذي يتحجج به الكثيرون هو خوفهم الشديد من طبيب الأسنان. تقر الكثير من الدراسات الحديثة في علوم الصحة أن الأسنان وما يلم بها من تسوس له في الواقع علاقة وطيدة بالكثير من الأمراض الأخرى وعلى رأسها نجد الالتهابات الخطيرة أهمها ما يلم باللثة وكذا أمراض القلب وغيرها لتصل إلى حد إصابة المرء بمرض السرطان في حال تدهورت الأمور كثيرا بسبب الإهمال وهذا الإهمال هو ما تسبب في مشاكل عويصة لسيدة في الثلاثينيات من عمرها حيث قالت: (لما كنت صغيرة عانيت من ألم في سني فأخذني والدي لطبيب أسنان الأقرب لحينا وبحكم أنه متقدم في السن لم يراع صغر سني فعالج سني بعنف وقد تألمت لذلك كثيرا بل وكون لي عقدة اتجاه طبيب الأسنان حتى بعد أن كبرت لدرجة أني عانيت مؤخرا من تسوس في ضرسي ولم أستطع الذهاب لطبيب الأسنان إلا بعد أن وصلت بي الآلام إلى حد لا يطاق ولما قصدته قال إن ضرسي لايقبل الترميم وعليّ نزعه ولكن المفاجأة كانت بأن لحق التسوس الضرس الذي يقع بمحاذاته مما يستوجب أيضا إقلاعه وبالتالي فقد خسرت ضرسين بسبب خوفي). أما قصة عمر فهي مختلفة تماما فقد فقد أسنانه الأمامية كلها بسبب (الشمة) والإهمال فقد قال عمر: (لقد ابتليت بعادة سيئة وهي إدماني على الشمة والقهوة وبدأت طريق هذا الإدمان منذ أن هجرت مقاعد الدراسة أي في سن المراهقة تقريبا وبسبب إدماني وإهمالي تضررت أسناني كثيرا وطالها التسوس لدرجة التآكل وأصبح منظرها بشعا ومقرفا في نفس الوقت لدرجة أني صرت لا أقوى على رؤيتها في المرآة كما أني صرت أعاني من عقدة نفسية فلا أستطيع الحديث والضحك مع الناس بسبب أسناني ولأني كنت أخشى طبيب الأسنان فقد تدهور الأمر أكثر وحدث ذات يوم أن عانيت من ألم شديد في فمي وكذا من بعض النزيف فقصدت طبيب الأسنان مجبرا فما كان من هذا الأخير إلا أن اقتلعها كلها فأصبحت أشبه بالشيخ الطاعن في السن ولأن عملية زرع الأسنان مكلفة جدا اكتفيت بطاقم الأسنان الصناعية والواقع أني نادم جدا على إهمالي لصحة أسناني). لا يزال الجزائريون بعيدين عن تحقيق فكرة الفحوصات الدورية للأسنان لأنها غير متوفرة في المستشفيات العامة وأيضا لأنها مكلفة جدا عند الخواص وعلى الرغم من أهمية الخطوة في الحفاظ على الأسنان إلا أنهم لا يجدون أي حيلة بيدهم لتحقيق ذلك ضف إلى ذلك الرهاب من طبيب الأسنان الذي يعاني منه البعض.