أكد الدكتور على جمعة مفتي مصر أن الإسلام لا يعرف التمييز بين البشر على أساس دين أو عرق أو لون، وأن هذه النظرة العالمية الإنسانية "لا تسمح لنا نحن المسلمين أن نرى أنفسنا فوق الآخرين"، وأنه في الوقت الذي "يحق للمسلمين الفخر بحضارتهم فإنهم يقدِّرون جميع الحضارات، ويرونها شركاء في تنمية العالم". وفي كلمته خلال افتتاح مؤتمر "مركز الثقافة السنية" بولاية كيرالا بالهند، قال المفتي: "إن الإسلام أرسى دعائم حضارة أخلاقية وبشرية، حضارة استفادت من كل الحضارات التي سبقتها، وحوت بداخلها تعددية الديانات والفلسفات". وهذه الحضارة "تضع الناس بمختلف انتماءاتهم في رتبة أعلى من مواطن العبادة ذاتها، وهذه النظرة العالمية الإنسانية لا تسمح لنا نحن المسلمين أن نرى أنفسنا فوق الآخرين، وتؤكد أننا في الوقت الذي نفخر بحضارتنا لا نرفض غيرها من الحضارات والثقافات، بل نقدرهم جميعاً، ونعتبر من يسعون إلى تحقيق التنمية البناءة في العالم شركاء لنا". "المسلمون في علاقتهم مع غير المسلمين يضعون نصب أعينهم المعاني العظيمة للآية القرآنية (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوك من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين) والبر في اللغة العربية هو أعلى مراتب الإحسان". ولتعميق هذه المعاني في المجتمعات الإسلامية لفت جمعة إلى أن الأمر يحتاج إلى شركاء من المسلمين وغير المسلمين، يؤمنون بفكرة التنوع ودور الحوار بينهم؛ لإرساء مفهوم الثقة بين الجميع. وأضاف المفتي في المؤتمر الذي عقد وسط تجمع حاشد بلغ أكثر من مليون شخص، وحضره كبار رجال الدين الإسلامي وعدد من الشخصيات والقيادات السياسية من العالم العربي والإسلامي: "إننا كمسلمين لا نكره الحياة، ولا نسعى لخلق فوضى اجتماعية، ومن يعمل أو يسعى إلى ذلك مخالفٌ لتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، ومخالف لما تعلمناه عن طبيعة الشخصية الأخلاقية الخيِّرة". وحذر الدكتور علي جمعة من أن بعض وسائل الإعلام في الدول غير الإسلامية تركز في نشرها عن الإسلام على أقوال وأفعال "فئة قليلة مخرِّبة، ويتجاهلون مبادئ الأغلبية المعتدلة السمحة؛ ليدَّعوا أن الإسلام دين عنف". وللحد من هذا الأمر طالب جمعة القيادات الإسلامية في بلاد غير المسلمين في العالم ببذل مزيدٍ من الجهد في فتح آفاق جديدة للتواصل والعمل مع الآخرين، على أساس احترام التعددية الدينية والثقافية. كما طالب طلاب جامعة مركز الثقافة السنية الإسلامية وخرِّيجيها بتحمل مسؤولياتهم تجاه دينهم، ويقوموا بعرضه بصورة موضوعية في كل من وسائل الإعلام ومناهج التعليم. وشكر المفتي في محاضرته الهند حكومة وشعباً على حفاوة الاستقبال، معرباً عن تقديره لرعاية أمور المسلمين بها، كما شكر الشيخ أحمد أبي بكر، رئيس مركز الثقافة السنية الإسلامية بولاية كيرالا "الذي استطاع أن يعبر بمسلمي الهند من خلال مشروعة التنويري العظيم بعيدا عن التطرف والغلو والتشدد".