أمام الرهانات الاجتماعية والسياسية الجزائر تحتل المرتبة التاسعة في تصدير الحراقة ظاهرة الهجرة غير الشرعية إلى البلدان الأوروبية أو كما تعرف ب(الحرقة) عرفت انتشارا في الجزائر بشكل ملف للانتباه بحيث بتنا نسمع مرارا وتكرارا عن تيه شباب في عرض البحر وربما النتيجة الحتمية موتهم بحيث تحولوا إلى غذاء مجاني ومفضل للحيوانات البحرية بمختلف أنواعها خاصة وأن الكثيرين لا يتم العثور عليهم وتكتوي عائلاتهم بنار فراقهم والغريب في الأمر أن (الحرقة) باتت تضم مختلف الفئات ولم تعد حكرا على الشبان بل زحفت إلى ذوي الشهادات العليا الذين ملوا من حياة البطالة والفقر المدقع ومختلف الضغوطات الاجتماعية فلم يجدوا حلا إلا بتجريب حظهم والسفر إلى الضفة الأخرى علهم يحققون طموحاتهم واختاروا قوارب الموت لتحقيق ذلك خاصة مع تقييد منح التأشيرة من طرف العديد من البلدان فكانت البحار مآل الشباب لتحقيق أحلامهم وطموحاتهم لكن تجري المياه بما لا تشتهيه السفن وكان مصير المئات الغرق فبعد أن فروا من حياة الشؤم وجدوا الموت بانتظارهم وهو الأمر الذي يدعو إلى دق ناقوس الخطر والوقوف على الظاهرة للحد منها. في نفس السياق شكلت ظاهرة الهجرة السرية محل نقاش أول أمس بمركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية لوهران وفي مداخلة بعنوان (تجربة الهجرة غير الشرعية في فرنسا... حالة المهاجرين الجزائريين السريين) أشارت ريم عثماني من مدرسة الدراسات العليا للعلوم الاجتماعية لباريس إلى أن (رهانات الهجرة السرية التي تتزايد أكثر فأكثر منذ عام 2005 تعد سياسية واجتماعية). وأبرزت أنها (تعتبر مشروع حياة لفئة اجتماعية تمثل القوى الحية للجزائر) وقد أضحت بعيدة عن ظاهرة الهجرة المنظمة من الجزائر إلى أوروبا وأساسا نحو فرنسا خلال السبعينيات كما اعتبر ذات المصدر بأن هذه الظاهرة المعقدة جدا ترتبط بالعديد من العوامل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وحتى القانونية. ذوو شهادات وعمال يختارون الحرقة وذكرت أن ظاهرة الهجرة السرية أصبح لها وجها جديدا (يخص ذوي الشهادات والعمال المؤهلين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 30 سنة مع هيمنة رجال من الفئة المتوسطة الذين واجهوا سوق عمل هش ويحاولون المغامرة في مسعى للاستقلالية). وينجم اللجوء إلى (الحرقة) عن تقييد منح التأشيرات من طرف البلدان الأوروبية كما أبرزت المحاضرة. وأضافت ريم عثماني أن مسار الهجرة غير الشرعية يبرز الهشاشة الاجتماعية للمهاجرين السريين الشباب في بلدان العبور أو الإقامة مؤكدة بأن (اندماج المهاجرين السريين في فرنسا يتم في إطار جماعي وينتظم حول العمل بدون وثائق). وخلال النقاش أشار المتدخلون إلى أن ظاهرة (الحرقة) لم تنقطع أبدا في الجزائر حتى بعد تشديد القانون في 2009 الذي يجرم فعل مغادرة البلاد بطريقة سرية وكذا التوقيفات التي تقوم بها مصالح الأمن. النزعة التشاؤمية تدفع إلى الهجرة ويشكل التشاؤم ومشاعر الإقصاء ومحاولة البحث عن مستقبل أفضل بعض دوافع الشباب الذين يحلمون بالذهاب إلى أماكن أخرى لتحقيق طموحاتهم كما أشير إليه وقد تم توقيف نحو 13.000 مهاجر جزائري في الحدود الأوروبية خلال عام 2014 أي ما يعادل 6ر2 بالمائة من العدد الإجمالي للمهاجرين الأجانب الذين تم إحصاؤهم مما يجعل الجزائر البلد التاسع من حيث مصدر المهاجرين كما تم إبرازه مع الإشارة إلى تقرير المنظمة غير الحكومية (الجزائر ووتش) في أفريل 2015 استنادا إلى الوكالة الأوروبية لتسيير التعاون العملياتي في الحدود الخارجية (فرونتاكس).