كثير منا اطلع على قصص بخلاء الجاحظ والواقع أنها تحمل الكثير من المعاني ولكن بطابع هزلي فالشخص البخيل قد تكون له نوادر مضحكة ولكن الحقيقة هي أن الشخص البخيل يعيش في حالة من الخوف والقلق تحول حياته وحياة من حوله إلى جحيم ولا يستطيع الفرد التعايش معه فتلك الحالة من الارتباك و القلق التي يكون عليها البخيل خوفا من ضياع المال وكل شيء قد تنتقل نتائجها إلى من حوله من المقربين. وقد قصت لنا السيدة زهرة معاناتها مع زوجها البخيل الذي حول حياتها إلى جحيم إذ قالت: (لقد كان زوجي شخصا بخيلا جدا وهذا ما دفعني في الواقع لطلب الطلاق فقد ضقت ذرعا بتصرفاته في البداية كنت ألاحظ هذه الخصلة من خلال بعض التصرفات الغريبة أثناء فترة الخطوبة ففي كثير من الأحيان كان لا يدفع فاتورة الطعام متحججا أنه نسي محفظته في البيت صدقته في البداية ولكن مع تكرار الأمر بدأت أرتاب من الأمر وبدأ انزعاجي من هذا الأمر وقد حاولت فتح الموضوع معه ولكنه كان يتهرب من الموضوع دائما ويقص لي حجج واهية. مع مرور الأيام بدأت ألحظ عيشه في قلق وارتباك دائما وكأن نفسه لا ترتاح أبدا فهو في اضطراب دائم فحرصه الدائم على المال جعله مريضا بالوساوس وقد حاولت مرارا فسخ الخطوبة ولكن أهلي دائما كانوا يرفضون الفكرة بحكم صلة القرابة بيننا والمصالح المشتركة بين والدي ووالده لذا صبرت عليه طمعا في تغيره بعد زواجنا فقد كانت هذه الجملة لا تفارق لسان والدتي ومع اقتراب موعد الزفاف وزيادة المصاريف زاد قلقه وخوفه لدرجة أنه صار لا ينام إلا لسويعات قليلة وهذا ما سبب له مرضا في المعدة. بخله الشديد جعله يعيش معاناة حقيقية فبالإضافة لكونه أصبح أشبه بالمريض النفساني أصبح يعاني من أمراض عضوية أخرى وكل هذا بسبب خوفه من نفاد ماله وقد مر زفافنا وهو في حالة من الغيظ والحزن عكس كل الناس الذين يسعدون بهذا اليوم السعيد وبعد مرور حوالي شهر من زفافي بدأت ألاحظ تصرفاته التي لا تطاق فقد كان يشح لدرجة كبيرة في اقتناء المستلزمات للبيت وكان يدعي أنه يفعل ذلك لكي يسدد ديونه ولكن مع مرور الأيام أصبحت حياتي لا تطاق معه فقد كان لا يقتني سوى ضروريات الحياة كما أنه كان يمتنع عن شراء أي ثياب جديدة لي وله حتى وإن كان بحاجة لثياب جديدة إلى جانب قيامه بتصرفات أخرى لا تطاق فلم أستطع تقبل الوضع وصرت أتشاجر معه يوميا فحياتنا أصبحت جحيما حقيقيا فقد وصلت معه إلى طريق مسدود لذا قررت في الأخير الانفصال عنه رغم معارضة أهلي للموضوع بحكم صلة القرابة ولكني لم أستطع تحمله لذ انفصلت عنه) والعبرة التي نستخلصها من قصة اليوم المأخوذة من الواقع أن البخيل يؤذي نفسه قبل أن يؤذي غيره كما أن الحياة معه تكون مستحيلة والبخل هو صفة مذمومة في الإنسان فالبخيل في جيبه هو بخيل في مشاعره وفي حبه وفي حنانه.