القلق، التوتر، الفراغ، البطالة، المشاكل الاجتماعية، اليأس... كل ذلك دفع بشباننا إلى البحث عن حلول تنسيهم في تلك الهموم أو بالأحرى تقوّيهم على مواجهاتها، وبعد أن ابتعدوا عن الخمور والمخدرات لم يجدوا إلا أقداح القهوة التي باتت أنيسهم الوحيد في يومياتهم المتشابهة، وهي لم تعد حكرا على العاملين في الفترة الليلية بل أصبحت تلازم شبابنا في كل وقت وحين. دليل ذلك تنقلهم بتلك الكؤوس عبر الشوارع طيلة اليوم ولو كانت تلك القهوة خفيفة ومعتدلة لهان الأمر، وإنما هي شديدة التركيز مما يسهل حدوث مضاعفات في حالة الإكثار منها وهي على الرغم من ايجابياتها فهي لا تخلو من السلبيات فإذا زاد الشيء عن حده انقلب إلى ضده. ولم يعد اقتصار شرب القهوة على عمال المهن الليلية المداومين على شربها بل باتت السبيل الوحيد الذي يفر إليه جل الشبان حتى العاطلين عن العمل ويجدون فيها الأنيس الذي ينسيهم همومهم ومشاكلهم. اقتربنا من بعض الشبان لرصد آرائهم والوقوف على عدد أقداح القهوة المستهلكة في اليوم الواحد قال فارس: بحكم عملي الليلي فانا لا أجد الحل إلا في القهوة التي تمنحني طاقة لا مثيل لها، وعادة ما اقتنيها من المقاهي فهي الأنفع في إذهاب النوم عني بالنظر إلى تركيزها المضاعَف وعادة ما أتناول في اليوم الواحد 8 كؤوس. عامر على الرغم من انه عاطل عن العمل فقد اخبرنا أن القهوة هي رفيقه الدائم في اليوم فهو يستغني عن عدة أشياء إلا عن توفير ثمن أقداحها التي بالنظر إلى كثرتها لم تكن له القدرة على تحديد عدد الكؤوس التي يستهلكها في اليوم الواحد وقال إنها تذهب عنه النوم في كامل الفترات وحتى في الليل. وتعدُّ مضاعفة الجرعات بتناول عدة أكواب من القهوة من الأخطاء الشائعة التي يقوم بها العديد من الأشخاص وبالرغم من النتائج الفورية للقهوة من نشاط وقوة ذهنية، إلا أن هذا الشعور بالجوانب الإيجابية للقهوة لا يدوم طويلا، وهو ليس خاليا من المضاعفات، فكثيرا ما تصاحبه أعراض جانبية تليها مضاعفات صحية قد تكون خطيرة. فالكافيين الموجود في القهوة هو مادة منبهة، والحصول على الكثير من هذه المادة يمكن أن يؤدي إلى آثار جانبية ضارة كثيرة كانخفاض في درجة الدقة في التنسيق الحركي، عدم القدرة على النوم في التوقيت المحدد للنوم الصداع، والقلق. زيادة الانفعال والشعور بالدوخة.. وزيادة معدل ضربات القلب والإفراط في التبول والشعور بالإحباط والاكتئاب بمجرد انخفاض مستوى مادة الكافيين، لأن الجسم قد تعوَّد على الحصول على معدل يومي منتظم من الكافيين. لذلك وجب الاعتدال في تناول القهوة ولا ننفي أن البن بفضل مكوناته الكيميائية له بعض الفوائد الصحية فهو مضاد لبعض أنواع السرطان كسرطان الكبد والربو وأمراض القلب والشلل الرعاش. وكانت أغلب الأبحاث على البن خلال العشرين عاما الماضية قد تركزت على مادة الكافيين وهو العنصر الفعال في القهوة، وينشط الكافيين الجهاز العصبي المركزي واستخدم لزمن طويل في صناعة الأدوية المخففة للألم والحد من الشهية المفرطة ومقاومة النعاس ونزلات البرد والربو. ويوصي الأطباء البريطانيون عشاق القهوة تناولها بشكل معتدل، وان لا يزيد عددُ جرعاتها عن 4 إلى 5 فناجين يومياً. وتشير الدلائل إلى ضرورة ألا يزيد مستوى الكافيين الذي يتناوله الإنسان يوميا عن 450 مليغراما، أي ما يقابل تناول 4 أكواب من القهوة السريعة الذوبان، أو 8 أكواب من الشاي أو 8 قطع من الشوكولاطة.