يتخذ الانتقام أشكالا كثيرة ومتعددة، ولكنه يتخذ في الكثير من الأحيان أشكالا بشعة للغاية، تبقى آثارها على مدى السنين والأعوام، ولا يمكن أن تشفى أبدا، مهما حاول المتضررون منها العمل على إصلاحها أو إخفائها، لأنها ببساطة، تخص منطقة حساسة جدا من جسم الإنسان، ومن جسم الأنثى تحديدا وهو الوجه، إذا ما يبقى لأي امرأة بعد أن يتشوه وجهها بطريقة مرعبة، على أيدي أشخاص قد يكونون أقرب المقربين، وقد يكونون مجرد منحرفين أو لصوص، تختلف دوافعهم وأسبابهم ومبرراتهم، إلا أن طريقتهم في الانتقام واحدة وأدواتهم واحدة كذلك، إما السكين أو شفرة الحلاقة أو ماء النار، التي تؤدي إلى نتيجة واحدة في النهاية، صورة مشوهة تجبر ضحاياها على الانعزال مدى الحياة وعلى عدم الخروج لمقابلة أي كان، وكل ما يؤدي إليه ذلك من أضرار نفسية أخرى. هي حوادث كثيرة، تقع من حين إلى آخر، ضحاياها دائما من الجنس اللطيف، وأبطالها يستهدفون أكثر المناطق حساسية لدى المرأة، يرغبون بانتقامهم ذاك إطالة عذاب ضحاياهم، إذ من يمكنها أن تنسى وجهه، جلادها، وآثار ما رسمته يداه من خطوط بشعة على وجهها، تواجهها كل يوم. ويتناقل بعض الطلبة حاليا حادثة وقعت قبل فترة قصيرة، ضحيتها شابة، تسبب أحد اللصوص في تشويه وجهها بواسطة شفرة حلاقة، لا لشيء إلا لأنها نبهت الفتاة التي كان اللص بصدد سرقة حقيبتها، وقال بعضهم إن اللص قام بحك شفرة الحلاقة بواسطة مادة أخرى، وهي الطريقة التي يلجأ إليها هؤلاء، لأن هذه المادة تمنع الإحساس بالألم أثناء الاعتداء، وبالتالي فإن الضحية لا تشعر إلا بعد أن تبدأ الدماء بالسيلان من وجهها، بالإضافة إلى أن هذه المادة تجعل الآثار بعد ذلك غائرة وغير قابلة للشفاء أو الزوال، وغالبا ما يقوم هؤلاء بإخفاء شفرات الحلاقة أو الأدوات الحادة التي يقومون باستخدامها في هذه الاعتداءات بين أصابعهم بطريقة محترفة لا تظهر ما يخفونه، وكثيرا ما يلجأ هؤلاء أيضا إلى تهديد الفتيات اللواتي يقمن بمحاولة سرقة هواتفهن النقالة أو حقائب أيديهن بتشويهه وجوههن بواسطة السكاكين أو شفرات الحلاقة التي يشهرونها في وجوههن إذا ما رفضن الخضوع لهم والانصياع لأوامرهم، ما يجعل الضحايا يسلمنهم كل شيء، فقط للحفاظ على سلامة وجوههن. أما أكثر أنواع الانتقام حدة التي تكون على هذا الشكل فتلك التي تكون على أيدي أقرب المقربين كالزوج أو الخطيب وحتى الحبيب، فكثير من هؤلاء دفعهم جنونهم بمن يحبون، وعدم تقبل فراقهم أو غدرهم أو خيانتهم إلى الانتقام منهم بهذه الطريقة، وهناك حادثة وقعت قبل فترة قصيرة بأحد أحياء العاصمة، حيث قام زوجٌ بتشويه وجه زوجته بالسكين، بعد أن اكتشف خيانتها له مرات عديدة، مسببا لها جروحا بليغة، تركت بعد شفائها خطوطا غائرة عي وجهها طولا وعرضا ولا تزال الضحية لحد الساعة تحت وقع الصدمة. وبإحدى المدن الداخلية للوطن تناقلت الكثير من الصحف حادثة إقدام شاب على تشويه وجه خطيبته ويديها بسكين استدعى نقلها إلى قاعة الاستعجالات لإسعافها، وتم علاجها ب39 غرزا بعد خلاف حاد بينهما دفع به إلى إخراج سكين ألحق بواسطته تشوهات كبيرة بوجه خطيبته البالغة من العمر 21 سنة، ثم انتقل إلى يديها، لتسقط أرضا، ولاذ هو بالفرار، لتحمل الطالبة إلى قاعة الاستعجالات، حيث تم علاجها بوضع 39 غرزا على مستوى وجهها ويديها. هذا ناهيك عمن يلجأون إلى ماء النار أو روح الملح ورشها على وجوه ضحاياهم لتشويههم إلى الأبد والتي غالبا ما تكون آثارها جد وخيمة لأنها قد تؤذي مناطق جد حساسة في الوجه كالعينين والأنف والفم وغيرها، وتسبب تلفا كليا في هذه المنطقة ككل، خصوصا في ظل عدم وجود مراكز طبية متخصصة في الجراحة الترميمية والتجميلية الخاصة بهذه الفئة المشوهة والتي حتى إن وجدت فإن تكاليفها باهظة للغاية، ولا يمكن مهما كانت براعة الجراح وحداثة التقنيات والوسائل أن تعيد المنطقة المتضررة إلى ما كانت عليه قبل الاعتداء.