يقال بأن المعاملة هي أساس التعامل بين الناس ولطالما كانت المعاملة الحسنة عملة نادرة يبحث عنها الجميع وقد كان من المفروض أن يتميز مجتمعنا بحسن المعاملة بين أفراده كون المجتمع الجزائري ينتمي للمجتمعات الإسلامية المحافظة رغم كل النقائص ولكن هيهات أن يتم هذا فمع الأسف فإن مجتمعنا يعاني كثيرا من فقدان مكارم الأخلاق حتى وصلت أخلاق البعض إلى درجة منحطة يصعب معها اسيتعاب انتمائهم للجنس البشري. في آخر فترة باتت بعض الصفات السيئة لصيقة بالمجتمعات العربية وكأن الآية انقلبت كما يقول المثل فمن المفروض أن تتميز المجتمعات العربية بالرقي الأخلاقي والفكري ولكن هذا الأمر بات صعب المنال في أيامنا الأخيرة وخصوصا في الجزائر فقد أصبحت سوء المعاملة صفة مميزة للبعض ومن أشهر الأماكن التي تنتشر فيها الظاهرة بعض المصالح العمومية والمؤسسات الاستشفائية التي يحتك بها المواطنون. في مصطلح غريب لوصف الحالة المزرية التي وصلت لها المستشفيات الجزائرية فقد أصبح من مكان للتداوي إلى مكان جالب للأمراض ولعل أكثر القصص رعبا عن المستشفيات الجزائرية هي ما يتم تداوله عن أقسام التوليد فالأمر على مستوى بعضها هو أشبه بأفلام الرعب كل هذا في ظل التطور الكبير الحاصل في مجال الطب فقد قالت لنا السيدة مريم ما عاشته هناك أثناء وضعها لمولودها في أحد مستشفيات العاصمة حيث قالت: (لا يمكن لأي أم نسيان ذلك اليوم فهو يجمع بين الفرح بالمولود وألم المخاض ولكن في الجزائر يعتبر الذهاب للمستشفى بمثابة المغامرة المحفوفة بالمخاطر أما عن المعاملة فهي لا تمت للإنسانية بصلة وكأن القابلات لا يمتلكن أي ذرة رحمة في قلوبهن وهذا الأمر لا يمكنني تجاوزه أو نسيانه فقد كن فظيعات جدا معي الشتيمة والصراخ هي لغة أغلبيتهن دون الحديث عن غرف المرضى فهي مكتظة جدا وكأننا لا نزال في زمن العبودية (والواقع هو أن المرور بتجربة مماثلة وسردها على هذا النحو يثبت لأي مدى يتراجع بعض الجزائريين بخطوات متباعدة للوراء. طالب جامعي يسرد موقفا وقع له أثناء التسجيل في الجامعة يعكس التدني الأخلاقي الذي وصلنا إليه عبر بالقول: (أيام التسجيلات في الجامعة هي واحدة من المحطات التي تبين لك مدى تأخرنا في هذا المجال فالفوضى تعم المكان والعاملين بالإدارة يستعملون في بعض الأحيان ألفاظا لا تليق أبدا بالجامعة أما عند وصولك للمكتب ستجد في استقبالك موظفون وكأنهم تدربوا على تعذيب الناس بالمماطلة في تأدية واجباتهم فأنا مثلا بقيت لحوالي ثلاث ساعات أنتظر دوري لكي أعطي للإدارة فعليا ورقة كانت تنقص ملفي لاستكماله). أما السيد كمال فقد قال: (الوفود إلى مكتب البريد يتطلب مني صبرا طويلا فالجالسون خلف الحواسيب لا يقومون بواجبهم كما أن الاكتظاظ سيد الموقف بسبب التماطل في العمل فبعض الموظفون هداهم الله عوض تأديتهم لواجبهم تجدهم لا يأبهون للطوابير الطويلة وكأن الناس بالنسبة لهم لا يملكون شغلا آخرا سوى الجلوس هناك وانتظار دورهم والويل لمن تظلم معهم). إن المعاملة السيئة وصلت إلى درجة لا يمكن تصورها لذلك فمن الواجب العمل على نشر الموعظة بين الناس قصد تغيير القليل من الطباع السيئة التي صارت تحكم التعاملات بين الكثيرين في مجتمعنا.