لايزال الوضع البيئي في ولاية بجاية سيئا، وذلك بالنظر إلى الحجم الكبير من النفايات متعددة المصادر، التي اتخذت من الأرصفة والأودية مصبات لها أمام انعدام مستقبلات مؤهلة ومشاريع تضمن التكفل بها، كالمحطات المعالجة ومراكز الردم التقني. وعليه فقد أصبحت المفارغ العمومية العشوائية وغير المراقبة على مستوى عدد كبير من بلديات الولاية سواء الساحلية منها أو تلك الواقعة بحوض الصومام، تحتل مواقع استراتيجية جدا وهامة، تؤثر بشكل مباشر على المردود الاقتصادي لهذه المناطق. تحصي ولاية بجاية حسب تقرير مديرية الموارد المائية ما يقارب 76 مصبا للنفايات الحضرية المنزلية السائلة، التي تتخذ من الوديان والبحر مصبات رئيسة لها وتُفرغ بها يوميا ما يفوق 45 متر مكعب؛ حيث ينفرد وادي الصومام ب 43 مصابا للنفايات تؤثر على الوضع البيئي سلبا وصحة المواطن. أما الجهة الشرقية للولاية وبالتحديد وادي أقريون، فيحصي ما يقارب 22 مصبا. كما لم تسلم شواطئ البحر من هذه النفايات من خلال تسجيل 11 مصبا بها، و هو ما أثر بصورة كبيرة على الوضع البيئي بالولاية، خاصة أن المنطقة لا تتوفر إلا على محطة واحدة لتصفية المياه القذرة. وفي سياق متصل بالوضع البيئي، أحصت مديرية البيئة لولاية بجاية أزيد من 62 مفرغة عمومية للنفايات الحضرية الصلبة بمواقع استراتيجية حساسة، تنبعث منها غازات سامة تغمر السماء وتتنامى بها الحشرات الضارة، ما يجعل المستثمرين يعزفون عن الاستثمار في هذه البلديات، التي لم تتمكن بعد من التخلص وبشكل نهائي من مشكلة نفاياتها، وذلك لإدراكهم المسبق أن استثماراتهم لن تحقق الأهداف المرجوة ما لم تحل مشكلة النفايات، وهو ما أكده والي بجاية في العديد من المرات؛ إذ أكد فرار العديد من المستثمرين ببلدية بجاية بعدما لاحظوا الجريمة الكبيرة المرتكبة في حق البيئة بها؛ حيث تتواجد المفرغة العمومية لعاصمة الولاية بمنطقة بوليماط وبالتحديد داخل الحظيرة الوطنية لڤورايا، التي تُعد واحدة من أجمل وأكبر المواقع السياحية التي تتمتع بها الولاية، وهو الوضع الذي خلف من جانب آخر فرار السياح عنها، وهو ما تؤكده الأرقام التي تسجل تبعا لذلك انخفاضا في عدد رواد الولاية من السياح والمصطافين. وبعيدا عن عاصمة الولاية وخلال الزيارات الميدانية التي قمنا بها إلى عدد البلديات الساحلية وحتى تلك الواقعة بحوض الصومام، »سجلنا نفس الوضع البيئي الكارثي«، على حد تعبير أحد رؤساء البلديات، الذي قال: »إن لم تستقبلك المفرغة العمومية عند مدخل البلدية فحتما ستودّعك عند مخرجها!«. لايزال مشكل تواجد مزبلة عمومية في قلب المدينة الساحلية لأوقاس، يشكل عقبة كبيرة تعيق في كل مرة تحسين أجواء الاصطياف الموسمي في هذه البلدية الساحلية أمام فشل المسؤولين في مختلف المستويات الراعية لقطاع السياحة في نقل هذه المفرغة العمومية، التي تشوّه وتلوث المنطقة الساحلية برمتها؛ باعتبار أنها تشغل حاليا مساحة هامة من الشريط الساحلي؛ مما يعرّض قطاع السياحة في المنطقة إلى الخطر؛ علما أن الشريط الساحلي لهذه البلدية هو من أكبر المناطق الساحلية اتساعا؛ حيث يمتد على 8 مسافة كلم يقصدها ملايين السياح لولا أنه في السنوات الأخيرة لوحظ عزوف السياح عن المجيئ إليه بسبب تواجد هذه المفرغة. على ضوء هذه المشكلة يستنجد مسؤولو البلدية بالقطاعات المعنية للولاية من أجل مساعدتهم في إيجاد حل سريع لهذه المزبلة ونقلها إلى مكان آخر قبل حلول هذه الصائفة؛ عن طريق منح البلدية إعانات مالية معتبرة للتقليص من هذا التلوث، الذي يهدد من يوم لآخر القطاع السياحي في البلدية عموما، فضلا عن تشكيله خطرا يؤرق حياة سكان المدينة الساحلية جراء توسع التلوث الناجم عن احتراق أطنان النفايات التي تُفرغ يوميا في المزبلة. كل هذه العواقب دفعت بالجهات المعنية على مستوى البلدية إلى تبليغ مصالح الولاية عن خطر يهدد مستقبل السياحة في هذه البلدية أمام عجز هذه الأخيرة عن إيجاد الحل المناسب للمشكلة في ظل افتقارها لاعتمادات مالية للقيام بالعملية؛ حماية للبيئة وضمانا لاستدامة النشاط السياحي في المنطقة جراء بقاء تواجد المزبلة في عين المكان.