المحكمة الدستورية تكرّم الفائزين    عطّاف: العالم يعيش حالة عدم يقين    ربيقة يواصل لقاءاته    هذا جديد برنامج عدل3 ..    تعديل في برنامج الرحلات البحرية    عجال يبحث تعزيز الشراكة مع جنرال إلكتريك فرنوفا    غزّة تحت الإبادة والتوحّش الصهيوني    8500 رضيع في خطر بغزّة    هذه مُقاربة الجزائر لمعالجة ظاهرة الحرقة    لوكمان أفضل لاعب إفريقي    رونالدو الظاهرة ينوي خوض تحد جديد    اتفاقية لفائدة المرأة لريفية    يوم دراسي لمواكبة التطورات في مجال الإعلام    اللغة هي التاريخ وهي الجغرافية..    68 عاماً على تأسيس الإذاعة السرية    استئناف أشغال مؤتمر الإسكان العربي الثامن بالجزائر العاصمة    منظمة التعاون الإسلامي ترحب بتصويت الجمعية العامة لصالح مشروع قرار يؤكد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره    بمبادرة من الجزائر, مجلس الأمن يقر بمبدأ المساواة في الاطلاع على وثائق المجلس لكل أعضاءه دون تمييز    الكيان الصهيوني ما يزال يرفض إيصال المساعدات إلى شمال غزة    انعقاد أشغال الدورة الثانية للمشاورات السياسية الجزائرية-الأوكرانية    سلطات الاحتلال المغربي تواصل تضييق الخناق على وسائل الإعلام الصحراوية    قسنطينة توقيف شخص وحجز كمية من المخدرات الصلبة والمؤثرات العقلية    محتالون يستهدفون المسنين لسلب أموالهم    مستحضرات التجميل تهدد سلامة الغدة الدرقية    الرئيس تبون جعل السكن حقّا لكل مواطن    الرابطة الأولى موبيليس - تسوية الرزنامة: شبيبة القبائل ينفرد مؤقتا بالصدارة وشباب بلوزداد يواصل سلسلة النتائج الايجابية    الشروع في إنجاز سكنات "عدل 3" قريبا    رفع مذكرات إلى رئيس الجمهورية حول قضايا وطنية هامة    إعادة فتح النظام المعلوماتي لتصحيح أخطاء حجز العلامات    إعادة إطلاق إنتاج أغذية الأسماك في 2025    استطلاع رأي لتقييم أداء مصالح وسيط الجمهورية    شياخة: هذا ما قاله لي بيتكوفيتش واللعب مع محرز حلم تحقق    "الوزيعة"عادة متجذّرة بين سكان قرى سكيكدة    والي تيارت يأمر بوضع المقاولات المتقاعسة في القائمة السوداء    "الكاف" تواصل حقدها على كل ما هو جزائريٌّ    صيود يسجل رقما وطنيا جديدا في حوض 25 متر    لقاء السنطور الفارسي بالكمان القسنطيني.. سحر الموسيقى يجمع الثقافات    تأسيس اتحاد الكاتبات الإفريقيات    حكايات عن الأمير عبد القادر ولوحاتٌ بألوان الحياة    توقيف مروّج كيفٍ بالمطمر    نجاح الانتخابات البلدية في ليبيا خطوة نحو استقرارها    اليوم العالمي للغة العربية: افتتاح المعرض الوطني للخط العربي بالمتحف الوطني للزخرفة والمنمنمات وفن الخط بالعاصمة    "اللغة العربية والتنمية" محور ملتقى دولي بالجزائر العاصمة    المالوف.. جسر نحو العالمية    مشروع جزائري يظفر بجائزة مجلس وزراء الاسكان والتعمير العرب لسنة 2024    الاتحاد يسحق ميموزا    سوريا في قلب الاهتمام الغربي    حرمان النساء من الميراث حتى "لا يذهب المال إلى الغريب" !    تصفيات مونديال 2026 : بيتكوفيتش يشرع في التحضير لتربص مارس    اتفاقية تعاون بين كلية الصيدلة ونقابة المخابر    خطيب المسجد الحرام: احذروا الاغترار بكرم الله وإمهاله    90 بالمائة من أطفال الجزائر مُلقّحون    الجوية الجزائرية تعلن عن تخفيضات    التوقيع على اتفاقيات مع مؤسّسات للتعليم العالي والبحث العلمي    باتنة : تنظيم يوم تحسيسي حول الداء المزمن    الصلاة تقي من المحرّمات وتحفظ الدماء والأعراض    كيف نحبب الصلاة إلى أبنائنا؟    أمنا عائشة رضي الله عنها..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن زيارة فلسطين المحتلة
نشر في أخبار اليوم يوم 19 - 04 - 2016


بقلم: بدر الإبراهي*
أعادت الزيارة التي قام بها أخيراً إلى رام الله الشاعر البحريني قاسم حداد والروائية الكويتية بثينة العيسى وكتّاب عرب آخرون بدعوة من مؤسسة محمود درويش الجدل مجدداً إلى الساحة الثقافية العربية حول زيارة الأراضي المحتلة في فلسطين وهو جدلٌ تكرّر مع زيارات مماثلة قام بها كتّاب ومثقفون ورجال دين ورياضيون وفنانون وكان محور الجدل كل مرة التطبيع مع الكيان الصهيوني وهل في الزيارة نوع من التطبيع أم لا إذ يؤكد الزوار ومن يتبنى وجهة نظرهم أنها ليست تطبيعاً وأنه لا ينبغي لمثقف عربي أو مواطن عربي عادي أن يمتنع عن زيارة فلسطين بحجة التطبيع لأن التواصل مع أبناء فلسطين مهم وهو أهم برأيهم من النقاش حول التطبيع مع العدو.
لا بد من العودة إلى البديهيات: هذه أراض محتلة والاحتلال القائم فيها استيطاني يقوم على إحلال مجموعة بشرية محل أخرى وإقامة كيان سياسي لهم على أرض هؤلاء المطرودين والمهجرين قسراً. هذا هو أصل القضية الفلسطينية وهي قضية عربية لأن الأرض عربية والذين سُلِبت أرضهم عرب. وعليه تتخذ المواجهة مع هذا العدو أشكالاً متعدّدة تتمحور كلها حول عدم الاعتراف بشرعية الاحتلال الاستيطاني وكل ما نتج عنه وهذا يعني رفض التعامل بشكل طبيعي مع الاحتلال وممثليه ومؤسساته واعتبار كل تعامل طبيعي أو (تطبيع) مع هذا الاحتلال هديةً له يثبت من خلالها شرعيته.
ينطبق هذا المبدأ في حالة زيارة الأراضي المحتلة إذ تعترف هذه الزيارة بسيادة الاحتلال على معابر الضفة الغربية ومنافذها وهو ما لا يغيّره وجود السلطة الفلسطينية التي لا تستطيع أن تتحرّك من دون إذن الاحتلال والتنسيق معه كما أن الأمر لا يختلف إن كان المثقف العربي قد دخل بختم إسرائيلي على تصريح دخول أو على جوازه فللختم معنى واحد وهو الاعتراف بحكم الاحتلال وإجراءاته وتالياً تدخل هذه الزيارات في خانة التطبيع بغض النظر عن نيّات أصحابها.
(تريد سلطات الاحتلال إظهار نفسها متسامحةً مع الزوار العرب لتُجَمِّل صورتها أمام العالم وكل اعتراف بشرعية سلطة الاحتلال مفيدٌ لها وهي تسعى إليه وتتمنى لو أن الزيارات تتدفق على الأراضي المحتلة).
مفاهيم خاطئة
إن عبارات من قبيل (كسر العزلة عن الفلسطينيين) و(زيارة السجين ليست تطبيعاً مع السجّان) لا تلغي وجود تطبيع في هذه الزيارات إذ لا يتم التعامل مع الاحتلال على طريقة كسر العزلة أو زيارة السجين فالشعب الفلسطيني ليس سجيناً مدة مؤقتة يحتاج إلى زيارة للترويح عنه وتسليته بل هو واقعٌ تحت الاحتلال ويحتاج إلى دعم في معركته ضد هذا الاحتلال بما يشمل مقاطعة العدو المحتل ورفض الاعتراف بوجوده وشرعيته لا زيارة أرض محتلة والتعامل مع سلطة الاحتلال أمراً واقعاً. هذا تحديداً ما تريده سلطة الاحتلال وتشجعه فهي تريد إظهار نفسها متسامحةً مع الزوار العرب لتُجَمِّل صورتها أمام العالم وكل اعتراف بشرعية سلطة الاحتلال مفيدٌ لها وهي تسعى إليه وتتمنى لو أن الزيارات تتدفق على الأراضي المحتلة.
أما الاحتجاج بأن حملة المقاطعة العالمية (BDS) تُمَيِّز بين الختم على الجواز والتصريح المختوم المعطى من السلطة الفلسطينية فهو لا ينفع في نفي التطبيع. أولاً لأن معايير حملة المقاطعة لا تتفق بالضرورة مع معايير مقاطعة ترفض الاحتلال بالكامل وبشكل راديكالي على الرغم من كل التقدير لجهدها فحملة المقاطعة تؤمن بحل الدولتين وتضغط لإنهاء الاحتلال في الأراضي المحتلة عام 1967 وهذا ليس مقياساً بالضرورة لمن يؤمن برفض الصهيونية وإنهائها. وثانياً لا يجب أن ننسى أن السلطة الفلسطينية لا تتحكم بشيء وكل حديث يشير إلى أنها كيان مستقل بذاته محض وهم فالسيادة لإسرائيل قائمة في كل الأراضي المحتلة ومن يدخل أراضي السلطة الفلسطينية يعترف بسلطة الاحتلال عليها.
من جهة أخرى تشجع السلطة الفلسطينية والمؤسسات المرتبطة بها هذا النوع من الزيارات بما يعاكس مواقف غالبية المنظمات السياسية والفعاليات المدنية الفلسطينية الأخرى محاولةً إظهار الوضع في الضفة الغربية طبيعياً يمكن من خلاله استقبال المثقفين العرب مع تجاهل الاستيطان والاحتلال وعدم فعالية السلطة في تدبير أمور الضفة وهو فوق أنه تزييف للواقع يخدم الاحتلال الصهيوني لناحية تجميل صورته. وبدلاً من العمل على تفعيل آليات المقاطعة والدعوة إلى العودة إلى صيغة المقاطعة العربية واستثمارها ورقةً ضمن المفاوضات وهو أضعف الإيمان تقدم هذه السلطة التنازل تلو الآخر مُثَبِّتَةً منطق (أوسلو) الذي لا يقبل أي ندّية ويفرض هزيمة كاملة على الطرف الفلسطيني والعربي ومزيداً من الالتحاق بالمشروع الإسرائيلي.
إذا كان النظام العربي الرسمي ومن ضمنه السلطة الفلسطينية قد تراجع عن فكرة المقاطعة وقدّم التنازلات باتجاه الاعتراف بوجود إسرائيل حتى قبل الوصول إلى تسوية نهائية فإن المثقف العربي لا يجب أن يكون في الخانة نفسها ولا أن يتحجج بسلوك النظام العربي الرسمي فالموقف المطلوب من المثقف مختلف وهو مبدئي بالدرجة الأولى.
إذا كان بعض المثقفين حريصين على دعم الفلسطينيين فالأوْلى أن يقدّموا في إنتاجهم الثقافي والأدبي شيئاً يتعلق بالقضية ويسهموا في تجذير الوعي بهذه القضية ومواجهة الاحتلال بين الجمهور العربي وغير العربي والدعوة إلى تحرير الأرض ودعم هذا المسعى بدلاً من زيارتها محتلةً بختم الاحتلال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.